تحولت أنظار العالم إلى اسكتلندا، بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية بالمورال مقر إقامتها الصيفي، حيث كان تقليد لها أن تقضي جزءا من الصيف في اسكتلندا، ولم يكن هذا العام مختلفا، ولكن مع تدهور صحتها، انتهى الأمر بالملكة البريطانية البالغة من العمر 96 عامًا بأخذ أنفاسها الأخيرة في أكثر الأماكن المحببة بالنسبة لها.

وفي آخر ظهور علني للملكة، قبل يومين من وفاتها، استقبلت إليزابيث الثانية في القلعة، ليز تراس، بعد تكليفها بمهام رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة، كسرًا لتقليد عمره عقودا، إذ كانت تلتقي رئيس الوزراء الجديد في قصر باكنجهام.

وحسب تقارير بريطانية، فقد عانت الملكة، صاحبة أطول فترة حكم في المملكة المتحدة، وعمرها 96 عامًا، من اعتلال الصحة لعدة سنوات، وقد اجتمع أفراد العائلة المالكة أمس الخميس في المورال ومضوا ليلة كاملة في القصر عقب الإعلان عن وفاتها. 

تداعيات سياسية لاسكتلندا 

وذكرت صحيفة ذا تايمز البريطانية، أنه تم وضع خطط حول وفاة الملكة لعقود من قبل موظفي القصر والمسؤولين في المملكة المتحدة، مع بروتوكولات احتفالية متقنة تمت مناقشتها وتحديثها بانتظام، إلا أن حقيقة وفاة الملكة في اسكتلندا وليس في إنجلترا أضافت طبقة جديدة من التعقيد. 

فمن المحتمل أيضًا أن يكون لموتها تداعيات سياسية حيث يدفع قادة اسكتلندا الأمة للنظر في الاستقلال عن المملكة المتحدة في السنوات القليلة المقبلة. 

بينما تعد اسكتلندا التي تبلغ عدد سكانها 5.45 مليون نسمة، جزءًا من المملكة المتحدة، فهي دولة منفصلة عن إنجلترا حيث تقع لندن ولديها العديد من القوانين الخاصة بها، وكانت تاريخيًا أقل دعمًا للنظام الملكي.

سر علاقة الملكة اليزابيث باسكتلندا 

منذ صغرها، قضت الملكة إليزابيث معظم الصيف بالمورال، وهي ملكية مترامية الأطراف في المرتفعات في أبردينشاير، شمال شرق اسكتلندا، وقد تم شراء القلعة من قبل العائلة المالكة في عام 1852 في عهد الملكة فيكتوريا. 

وفي فيلم وثائقي عام 2016، قالت حفيدتها الأميرة أوجيني إن القلعة هي المكان الذي تسعد فيه الملكة.

ومن جانبه، يقول كلايف إيرفينغ، مؤلف سيرة إليزابيث الثانية، الملكة الأخيرة، إنه يعتقد أن الملكة أرادت البقاء في اسكتلندا خلال الأشهر الأخيرة من حياتها. 

وكان بالمورال دائمًا [المقر الملكي] الذي يتمتع بخصائص المنزل الحقيقي، مقارنة بقلعة وندسور وقصر باكنجهام على وجه الخصوص.

في عام 2022 ، حد موظفو الملكة بشكل متزايد من سفرها وارتباطاتها، مشيرين إلى “مشكلات التنقل” إلا أن يوم الثلاثاء الماضي صممت الملكة اليزابيث بمخالفة البروتوكول عندما اختارت البقاء بالمورال واستقبال رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس هنا. 

وحسب التقرير فقد عينت الملكة 14 رئيس وزراء سابقًا خلال فترة حكمها التي استمرت 70 عامًا، إلا أن هذه المرة كانت المرة الأولى التي يقام فيها الاحتفال خارج قصر باكنجهام.

وأشارت الصحيفة إلى أن الملكة طوال حياتها الطويلة، كانت حريصة دائمًا على إظهار حبها وحماسها لاسكتلندا، حيث كانت والدتها، الابنة الصغرى لإيرل ستراثمور الرابع عشر، من عائلة اسكتلندية عاشت في قلعة جلاميس في أنجوس.

وعندما ولدت في أبريل 1926، لم تكن هناك فرصة كبيرة لجلوس الأميرة على العرش.

ومع ذلك، فإن وفاة جدها جورج الخامس وتنازل عمها إدوارد الثامن عن العرش يعني أن والدها أصبح ملكًا في سن العاشرة - وكانت هي التالية. 

وقد قضت الأميرة الشابة الكثير من الوقت في اسكتلندا، إما مع والديها في بالمورال أو مع أجدادها من الأمهات في جلاميس.

وفي سن الحادية عشرة ، كتبت إلى جدتها، كونتيسة ستراثمور، قائلة: “عزيزتي الجدة، شكرًا جزيلاً لك على إقامتنا في Glamis”.

وعندما كانت في سن المراهقة، في عام 1944، ألقت الأميرة إليزابيث آنذاك أول خطاب عام لها في أبردين، وفتحت منزلًا لجمعية البحارة البريطانيين.

ومع استمرار اندلاع الحرب العالمية الثانية، أشادت بمجتمع الملاحين ووصفهم بأنهم "الرجال الذين ينزلون إلى البحر في السفن، كما انهم الرجال الذين يعتمد عليهم وجودنا ذاته".

إجازة في بالمورال

بعد أن اعتلت الملكة العرش في عام 1952، حافظت على تقاليد العائلة المالكة لقضاء العطلة في بالمورال.

وقال السير مالكولم روس، المراقب المالي السابق للأسرة الملكية، والذي توفي عام 2019، إن المكان كان دائمًا مناسبًا للعائلة، على الرغم من أن “الطقس ليس مثاليًا”. 

وقد يتسم المكان بمساحات واسعة مفتوحة، لا يوجد مشتتات، ولا طائرات ولا ضوضاء، ولا حركة مرور، لقد استمتعت دائمًا بالمشي وركوب الخيل بالإضافة إلى قضاء الوقت في المجتمع الأوسع أو حضور Crathie Kirk أو زيارة الأصدقاء والأقارب الذين يعيشون محليًا.

وكان من المعروف أن الملكة اليزابيث كانت دائمة الاهتمام بمجتمعها المحلي، وفي عام 1977 عندما كانت في اسكتلندا، حولت الملكة انتباهها أيضًا إلى وظيفتها اليومية - ومجموعة متنوعة من الواجبات الرسمية الروتينية وغير الروتينية.

في السنوات الأخيرة، قامت بتسمية أكبر سفينة حربية تابعة للبحرية الملكية، وهي حاملة الطائرات إتش إم إس الملكة إليزابيث، وافتتحت مستشفى جامعة الملكة إليزابيث في جلاسكو.

ماذا يعني موت الملكة في اسكتلندا؟

جاءت وفاة الملكة اليزابيث الثانية في اسكتلندا في وقت مضطرب لاتحاد المملكة المتحدة البريطانية، حسبما أفادت صحيفة التايمز. 

وتخضع حكومة اسكتلندا شبه المستقلة لسيطرة الحزب الوطني الاسكتلندي (SNP) ، الذي يدعو إلى أن تصبح اسكتلندا دولة مستقلة.

وقد صوت الاسكتلنديون ضد استفتاء الاستقلال عام 2014، ويصر العديد على ضرورة إجراء اقتراع جديد في عام 2024 - على الرغم من أن تروس ، رئيسة الوزراء الجديدة ، قالت إنها ستمنع الجهود المبذولة لإجراء استطلاع.

الملكة لها مكانة خاصة باسكتلندا 

حتى الآن، قال الحزب الوطني الاسكتلندي إنه سيبقي النظام الملكي على رأس دولة اسكتلندية مستقلة، كان هذا منطقيًا في عهد إليزابيث ، التي كان حبها لاسكتلندا كثيرًا نسبيًا متبادلاً، ووجد استطلاع أجرته يوجوف نُشر في شهر مايو أن 75٪ من الاسكتلنديين يعتقدون أن الملكة قامت بعمل جيد في دورها (مقارنة بـ 84٪ في المملكة المتحدة ككل).

لكن النظام الملكي بشكل عام كان يُنظر إليه دائمًا بقدر أكبر قليلاً من العداء شمال الحدود مما هو عليه في إنجلترا أو ويلز. 

وقد أظهر استطلاع أجراه مركز الأبحاث البريطاني المستقبل، قبل اليوبيل البلاتيني للملكة في مايو، أن أكثر من ثلث الاسكتلنديين قالوا إن نهاية عهد الملكة سيكون الوقت المناسب لإلغاء الملكية وتصبح جمهورية، مقارنة مع ربع البريطانيين بشكل عام.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأمير تشارلز أقل شعبية من والدته في اسكتلندا، فقد توقع حسب يوجوف 52٪ فقط من الاسكتلنديين أنه سيقوم بعمل جيد كملك (مقارنة بـ 57٪ في المملكة المتحدة بشكل عام). 

كما يشير إيرفينغ، كاتب سيرة الملكة إليزابيث الثانية، إن التزام الحزب الوطني الاسكتلندي بالملكية "سينتهي" بوفاة الملكة، مضيفا أنه إذا أثبت تشارلز أنه حاكم غير شعبي ، فقد يؤدي ذلك إلى إضعاف التزام الاسكتلنديين بالاتحاد والانفصال.