يخطط مسؤولو الأمن البريطانيون لـ"أكبر عملية لضبط الأمن والحماية" في تاريخ المملكة المتحدة التي تستعد لتنظيم أول جنازة دولة منذ نحو ستة عقود في 19 سبتمبر/أيلول.

وتستعين الشرطة بخطط وضعت قبل وقت طويل للمحافظة على سلامة المشاركين في جنازة الملكة إليزابيث الثانية التاريخية التي ستحضرها شخصيات سياسية وملكية رفيعة من مختلف أنحاء العالم، فضلاً عن ملايين الأشخاص الذين يتوقع أن يتوجّهوا إلى لندن تزامناً مع المناسبة.

وأعلن قصر باكنغهام، السبت، أن مراسم جنازة الملكة إليزابيث الثانية ستقام في كنيسة ويستمنستر في قلب لندن بتاريخ 19 سبتمبر/أيلول، وستكون الأولى منذ جنازة ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية.

ويتوقع قبل ذلك أن يسجى جثمان الملكة في قاعة ويستمنستر، أقدم مبنى في مقر البرلمان البريطاني، بعد موكب رسمي في شوارع لندن.

وقال الإيرل مارشال فيتزالان هوارد دوق نورفولك "سنقوم بواجبنا على مدى الأيام المقبلة بقلوب يعتصرها الحزن، لكن بأقوى عزم أيضاً لنضمن وداعاً يليق بواحدة من الشخصيات التي تميز بها عصرنا".

وستستدعي الفعاليات، وخصوصاً الجنازة، مجموعة إجراءات أمنية واسعة النطاق.

وسيصل مئات قادة العالم والشخصيات البارزة إضافة إلى ملايين الأشخاص إلى لندن.

من بين هؤلاء الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وقادة دول حيث يعد ملك بريطانيا رئيساً للدولة والدول المنضوية في منظمة الكومونولث التي تضم 56 بلداً.

ومن بين الشخصيات الملكية التي ستحضر الجنازة إمبراطور اليابان ناروهيتو، حسب تقارير، في أول رحلة له إلى الخارج منذ اعتلائه العرش عام 2019 خلفاً لوالده.

وقال المنسّق السابق لشرطة مكافحة الإرهاب الوطنية نك ألدوورث لـ"ذي إندبندنت" "ستكون هذه على الأرجح أكبر عملية لضبط الأمن والحماية تطلقها المملكة المتحدة في تاريخها".

وأضاف "يحتاج الأمر الى سيارة أو شخص واحد يقوم بأمر مشين ولن يؤدي ذلك إلى اضطراب مناسبة دستورية فحسب، بل سيتسبب بسقوط قتلى وجرحى أيضاً".

"خطة شاملة"

ولفت ألدوورث إلى أن الفعاليات الرسمية ستنظّم في "عالم مختلف جداً من ناحية التهديدات"، مقارنة بجنازات ملكية سابقة كتلك التي أقيمت لوالدة الملكة عام 2002 وللأميرة ديانا بعد خمس سنوات.

وشهدت بريطانيا هجمات إرهابية عديدة خلال العقد الأخير وقع بعضها في مدن بينها لندن ومانشستر ونفّذها متطرفون جهاديون.

وحدّد جهاز الأمن الداخلي "إم آي 5" مستوى التهديد الوطني الحالي الذي يُعَدّ مؤشراً إلى مدى إمكان وقوع هجوم إرهابي عند درجة "حقيقي".

ويُعَدّ مستوى هذا التصنيف في الوسط ضمن نظام للتصنيف من خمس درجات يراوح من "منخفض" إلى "خطير".

وأعلنت شرطة لندن الكبرى (لندن وضواحيها) "متروبوليتان" الجمعة أنها بدأت بالفعل وضع خطط "جرى التدرُّب عليها جيداً" لفترة الحداد الرسمية التي تستمرّ عشرة أيام، وستبلغ ذروتها مع جنازة الملكة الأطول عهداً في البلاد.

وقالت الشرطة: "سنبقي الناس في أمان ونسيّر دوريات يمكن ملاحظتها بوضوح في أنحاء لندن".

وتابعت: "سيرى السكان عدداً إضافياً من العناصر خارج مواقع رئيسية بما في ذلك شبكات النقل العامّ والحدائق الملكية وخارج مقارّ الإقامة الملكية في لندن".

وتنسّق شرطة لندن الكبرى خطتها لضبط الأمن بالتعاون مع شرطة النقل البريطانية المسؤولة عن شبكة النقل الوطنية وشرطة مدينة لندن التي تتولى تأمين حي المال "سكوير مايل".

وقال نائب مساعد مفوَّض شرطة لندن الكبرى ستيوارت كاندي، إن "خطة ضبط الأمن الشاملة" ستكون أكثر وضوحاً في ويستمنستر ومحيطها حيث مقر البرلمان والكنيسة وقصر باكنغهام.

اضطراب

للشرطة البريطانية خبرة في التعامل مع الأحداث الكبرى، بدت جلية العام الماضي في غلاسغو حيث حضر مئات من قادة العالم مؤتمر المناخ "كوب 26".

وفي مؤشر إلى اضطراب حركة النقل المرتقب في الأيام المقبلة في العاصمة، أُغلق عديد من الطرقات السبت من أجل فاعليات مرتبطة بالإعلان الذي يطلق عهد الملك الجديد تشارلز الثالث.

وأضاف كاندي أن "عدداً كبيراً من عناصر الشرطة سيكون في الخدمة في هذه الفترة لضمان سلامة الأشخاص الذين يزورون لندن ولمنع أي جريمة محتملة".

لكن مخاوف سرت حيال مدى قدرة شرطة لندن الكبرى على التعامل مع الحشود الضخمة المتوقعة قُبيل الجنازة في ظلّ وجود ثلاث مباريات في الدوري البريطاني الممتاز لكرة القدم مقررة نهاية الأسبوع المقبل في العاصمة، فضلاً عن مباريات أخرى في أماكن أخرى.

وذكرت وسائل إعلامية بريطانية أن النقص المحتمَل في كوادر الشرطة قد يؤدّي إلى إلغاء مباريات في لندن وغيرها، فيما يُتوقّع أن ينتشر عناصر الأمن بشكل واسع في العاصمة.

وألغيت جميع مباريات كرة القدم نهاية الأسبوع الجاري احتراماً للملكة، رغم أن بعض المناسبات الرياضية الأخرى سيمضي قدماً.

الحكومة البريطانية تؤدّي قسم الولاء للملك تشارلز

أدّت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس وكبار أعضاء حكومتها قسم الولاء للملك تشارلز الثالث في مجلس العموم يوم السبت.

وكان رئيس مجلس العموم ليندسي هويل أول من أدى القسم، وتلاه المشرعون الأطول خدمة ورئيسة الوزراء.

ويتعهد جميع المشرعين بالولاء للملك بعد انتخابهم، ويؤدون قسم الولاء من جديد عندما يتغير الملك، وهو ليس مطلباً قانونياً، ولكنه يتاح لجميع المشرعين البالغ عددهم 650 كفرصة إذا رغبوا في ذلك.

وعُلّق العمل البرلماني العادي خلال فترة حداد على رحيل الملكة إليزابيث الثانية.

ويعقد مجلس العموم جلسة نادرة يوم السبت حتى يتمكن المشرعون من تكريم الملكة الراحلة.

TRT عربي - وكالات