الفخاخ التي تعترض طريق زعماء العرب إلى قمة الجزائر


تواجه الدبلوماسية الجزائرية اختبارا معقدا وهي تحضّر لتنظيم القمة العربية في ظل تقاطبات وتكتلات إقليمية إفريقية عربية متناقضة تزيدها تعقيدا ملفات ثقيلة من إيران إلى اليمن وسوريا ثم ليبيا إلى الصحراء المغربية بالتزامن مع ظهور خلاف مصري جزائري بسبب التقارب مع إثيوبيا وارتباطه بأزمة سد النهضة، ولذلك فإن الشكوك تحوم حول نسبة نجاح هذا التجمع العربي وإلى أي مستوى ستصل تمثيليات الدول العربية الأكثر تأثيرا مثل السعودية والإمارات ومصر والمغرب، فبدل أن تكون هذه المناسبة فرصة للجزائر لتسويق صورتها بعد عهد بوتفليقة وتشبيك علاقاتها الدبلوماسية يبدو أن القمة صارت حقل ألغام في قصر المرادية يعيق حركة الجنرال السعيد شنقريحة والرئيس عبد المجيد تبون.

 

في بادئ الأمر كان هنالك إصرار على إعادة سوريا بشار الأسد إلى مقعدها العربي إلا أن معارضة قوية من مجموعة من الدول سببت إحراجا للدولة المستضيفة فجاء المخرج الدبلوماسي من دمشق التي طلبت من الجزائر إرجاء مسألة استعادة عضويتها، وقد كان هذا الملف من النقط الخلافية التي كادت تؤجل انعقاد القمة بل كانت لتصل إلى إلغائها هذه السنة.

 

وإذا كانت أغلب الدول العربية الكبرى تتكتل في جبهة موحدة ضد خطط إيران فإن الجزائر تخرج عن الإجماع وتعد أبرز حليف لها عربيا إلى جانب سوريا، حيث توثق علاقاتها مع طهران التي تعتبر من موردي السلاح إلى جبهة البوليساريو الانفصالية عبر الأراضي الجزائرية وقادة العرب يوحدهم موقف قاطع من أفكار الانفصال.

 

يجرنا الحديث عن الانفصال إلى حدث مهم قد يكون من تلك الأحداث التي لم تحظ بالاهتمام في غمرة وقائع متتالية ذات جماهيرية عالمية، ويتعلق الأمر هنا بالتحالف الرباعي بين الجزائر وإثيوبيا وجنوب إفريقيا ونيجيريا في إطار “مجموعة الأربعة” والتي من خلالها تريد الجزائر كسب نقاط في مواجهتها المحتدمة مع المغرب وخاصة دعمها الذي صار من الثوابت لجبهة البوليساريو وفكرة فصل الصحراء عن مغربها، فما يجمع هذه الدول الأربعة هو موقف إثيوبيا ونيجيريا الملتبس من ملف الوحدة الوطنية والاصطفاف المعلن للجزائر وجنوب إفريقيا ضد المملكة، ويريد نظام جيراننا في شرقنا أن يبني جسرا يربط الشرق بالغرب بين أبوجا وأديس أبابا وآخر بين بريتوريا والعاصمة الجزائر لمنافسة التوغل المغربي الاقتصادي والدبلوماسي في العمق الإفريقي خاصة بعد نجاحه في فتح قنصليات لمجموعة من الدول في العيون والداخلة تشكل مجتمعة أكثر من ثلث أعضاء الاتحاد الافريقي ، وكذا لاستباق إنجاز أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا بآخر يعبر الصحراء إلى الجزائر.

 

وهذا التجمع الرباعي أحدث شرخا كبيرا في العلاقة مع مصر التي تجمعها رابطة تاريخية مع الجزائر وثورتها للتحرر من الاستعمار الفرنسي، فالتحالف مع إثيوبيا اصطفاف في العلن مع دولة تعادي الأمن القوم لمصر حيث ترى القاهرة في أديس أبابا خطرا يهدد بتعطيش المصريين والبقية معروفة في أزمة سد النهضة، ولأن تبون وشنقريحة يرغبان في مصالحة مصر فقد تم تكليف وزير الخارجية رمطان لعمامرة بتسليم دعوة المشاركة للرئيس عبد الفتاح السياسي عكس بقية الدول التي تكلف بدعوتها وزراء آخرون .

 

كما لا يزال الملف اليمني محط خلاف بين الدول العربية إلى جانب ليبيا التي لم تنجح إلى يومنا هذا في الوصول إلى مخرج نهائي لأزمتها السياسية في ظل عمليات الاستقطاب الغربي والعربي لطرف على حساب آخر، والمغرب والجزائر يملكان رؤى مختلفة ومتعارضة بشأن الوضع في هذه الدولة المغاربية كما يتنافسان على ربط علاقات قوية مع الحكومة المقبلة في حالة نجاح الانتخابات وقبول الجميع بنتائجها.

 

وسيخيم على هذه القمة الصراع التاريخي بين المغرب والجزائر إضافة إلى المستجد المتمثل في تعبير الرئيس التونسي عن موقف متطرف معاد لوحدة المملكة وتأكيد ناصر بوريطة أنه خطأ جسيم غير مقبول لم يتغير موقف الرباط بشأنه.

 

لهذا يمكن القول إن القمة العربية قد تشكل عبئا كبيرا على الجزائر فهي المستضيفة لكنها تختلف في كثير من الملفات مع أغلب الدول المشاركة في وقت أصبحت فيه الجامعة العربية اسما على ورق ومنصب أمينها العام دون وزن سياسي، فكيف تكون هذه المنظمة جامعة واليمن وليبيا وسوريا في حالة حرب والعراق ولبنان غارقان في أزمة داخلية جد معقدة، أما من تبقى تفرقه لعبة التحالفات خاصة مع إسرائيل وتركيا وإيران.

تاريخ الخبر: 2022-09-13 15:18:39
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 71%
الأهمية: 74%

آخر الأخبار حول العالم

تراجع جديد في أسعار الحديد اليوم الخميس 2-5-2024 - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:03
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٢)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:50
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية