بلوان لـ”الأيام24″: المغرب تحول من مستهدف بالضغوط الجزائرية إلى مُنقذ للقمة العربية


في ظل أزمة دبلوماسية بين الرباط والجزائر، امتدّت لسنوات طِوال، في خضم معركة دبلوماسية بين الجزائر والرباط، أعلنت الخارجية المغربية أنه سيتم استقبال وزير العدل الجزائري، الذي سيسلم دعوة رسمية، للعاهل المغربي، لحضور القمة العربية المقررة في الأول من نونبر بالجزائر، الأمر الذي عاد بذاكرة المُتابعين للشؤون المغاربية، 17 سنة إلى الوراء، حيث أنه منذ سنة 2005 لم يحضر الملك محمد السادس أي قمة عربية، حتى عندما كانت تستضيفها دول تربطها بالمملكة علاقات قوية؛ الأمر الذي فتح الباب للاستفسار: ما الذي يمكن أن تستفيده المملكة المغربية من حضور القمة العربية المُرتقبة في الجزائر؟

 

الرباط تضع حدا للتأويلات

 

أتى بيان الخارجية المغربية ليضع حدا لجُملة من التأويلات التي ظلت تلوح في الأفق بِضعة أيام، إذ تحدثت عن عدم مشاركة المغرب في قمة الجزائر العربية، خاصة بعد تصريحات عمار بلاني، المبعوث الجزائري الخاص للصحراء الغربية ودول المغرب العربي، وكلمة ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية المغربية، أثناء الدورة العادية لمجلس الدول العربية على المستوى الوزاري الذي انعقد في القاهرة.

 

وأوضحت الرباط، أنه “في إطار التحضير للقمة العربية المقبلة المقرر عقدها بالجزائر العاصمة في نوفمبر، قررت السلطات الجزائرية إيفاد عدد من المبعوثين إلى العواصم العربية حاملين دعوات لجميع قادة الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، وهكذا سيتم إيفاد وزير العدل الجزائري إلى المغرب بعد السعودية والأردن، في حين سيسلم وزير الداخلية الدعوة نفسها إلى تونس وموريتانيا”، مؤكدة على أنه سيتم استقبال وزير العدل الجزائري بالمغرب.

 

حسن بلوان، متخصص في العلاقات الدولية وقضية الصحراء المغربية، يقول إنه “بفعل المصداقية التي تتميز بها الدبلوماسية الواقعية للمملكة المغربية، تحوَّل المغرب من مستهدف بالضغوط الجزائرية إلى مُنقذ للقمة العربية في الجزائر، خاصة مع تضامن جميع الدول العربية مع الموقف المغربي، وهو ما جعل الجزائر تخفف من حدة ضغوطها وإرسال مبعوث خاص متمثل في وزير العدل، إلى المملكة المغربية لتقديم برتوكول الدعوة إلى القمة العربية”.

 

أما فيما يتعلق بحساب الربح والخسارة، يضيف بلوان، في حديثه لـ”الأيام 24″ أن “المغرب سيبقى وفيا لمبادئه الدبلوماسية بالحفاظ على روح التعاون العربي المشترك وسيستمر في سياسة اليد الممدودة، لذلك سيحضر المغرب وفق هذه المبادئ” مردفا “لكن كل ذلك رهين بالتصرفات الجزائرية وتراجعها عن سياسة العداء المجاني للمملكة المغربية، وهذا هو العامل الأساسي الذي سيحدد حضور المغرب في القمة، كما سيحدد مستوى التمثيل الدبلوماسي في القمة دون أن ننسى تنسيق المواقف مع باقي الدول العربية الشقيقة القريبة من المغرب”.

 

سياسة “اليد الممدودة”

 

أوضح الملك محمد السادس في عدد من الخطابات الموجهة إلى الأمة، من قبيل خطاب العرش سنة 2021 بالقول “أؤكد هنا لأشقائنا في الجزائر، بأن الشر والمشاكل لن تأتيكم أبدا من المغرب، كما لن یأتیکم منه أي خطر أو تهديد، لأن ما يمسكم يمسنا، وما يصيبكم يضرنا، لذلك، نعتبر أن أمن الجزائر واستقرارها وطمأنينة شعبها، من أمن المغرب واستقراره”.

 

وحينها دعا الملك محمد السادس، الجزائر، إلى العمل المشترك بشكل صريح حين قال “ما يمس المغرب سيؤثر أيضا على الجزائر، لأنهما كالجسد الواحد، ذلك أن المغرب والجزائر يعانيان معا من مشاكل الهجرة والتهريب والمخدرات والاتجار في البشر، فالعصابات التي تقوم بذلك هي عدونا الحقيقي والمشترك، وإذا عملنا سويا على محاربتها سنتمكن من الحد من نشاطها وتجفيف منابعها”، مضيفا “المغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، إنهما توأمان متكاملان، لذا أدعو فخامة الرئيس الجزائري للعمل سويا، في أقرب وقت يراه مناسبا، على تطوير العلاقات الأخوية، التي بناها شعبانا، عبر سنوات من الكفاح المشترك”.

 

وبعد سنة من هذا الخطاب، أكد الملك محمد السادس دعوته، بشكل واضح في خطاب العرش لهذه السنة، حيث قال “أشدد مرة أخرى بأن الحدود، التي تفرق بين الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، لن تكون أبدا حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما، بل نريدها أن تكون جسورا تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر، وأن تعطي المثال للشعوب المغاربية الأخرى”، وتابع “أهيب بالمغاربة لمواصلة التحلي بقيم الأخوة والتضامن وحسن الجوار التي تربطنا بأشقائنا الجزائريين، الذين نؤكد لهم بأنهم سيجدون دائما المغرب والمغاربة إلى جانبهم في كل الظروف والأحوال”.

 

“أما فيما يخص الادعاءات التي تتهم المغاربة بسب الجزائر والجزائريين، فإن من يقومون بها بطريقة غير مسؤولة يريدون إشعال نار الفتنة بين الشعبين الشقيقين، وإن ما يقال عن العلاقات المغربية الجزائرية غير معقول ويحز في النفس؛ ونحن لم ولن نسمح لأي أحد، بالإساءة إلى أشقائنا وجيراننا، وبالنسبة للشعب المغربي، فنحن حريصون على الخروج من هذا الوضع وتعزيز التقارب والتواصل والتفاهم بين الشعبين” يؤكد الملك محمد السادس.

 

هل ستمد الجزائر يدها للمغرب؟

 

بالتزامن مع الحديث المُتداول بخصوص مدى استفادة المغرب من حضور القمة العربية في الجزائر، وبأي مُستوى؛ رجّت مواقع التواصل الاجتماعي بعدد من المنشورات المستفسرة، من قبيل أنه يتوجب على “الجزائر إلغاء قرار إغلاق مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، الذي اتخذته في شتنبر من سنة 2021″، وكذا “إن دولة سوف تستقبل قمة عربية لا بد لها من بسط يدها للصلح، خاصة أنها لم تتجاوب في السابق مع دعوات العاهل المغربي للمصالحة ولفتح الحدود ولبناء الاتحاد المغاربي”.

 

وفي هذا السياق تقول أسماء مهديوي، محللة سياسية، إن “الحقيقة أن القمم العربية لا ينتظر منها أحد أن تقرب بين الدول العربية سواء اقتصاديا أو اجتماعيا أو سياسيا بقدر ما أصبح منذ مدة الهاجس فيها هو النجاح في عقد القمة بأكبر عدد من الحضور”، مضيفة أن “هذه القمة ستضع عددا من الدول التي لها ازدواجية بين العمل والشعار فيما يخص قضايا الإرهاب والانفصال وتمويل الجماعات المسلحة، أمام مسؤولية فظاعة ما ترتكبه في حق الشعوب التي تعاني من تداعيات تلك الأعمال”.

 

“هناك ملفات كبيرة مفتوحة أمام القادة العرب، أبرزها ملف التواصل بين دول حكم عليها التاريخ والجغرافيا بوحدة المصير المشترك” توضح مهديوي في حديثها لـ”الأيام 24″ مشيرة أنه “في ظل عالم يطبعه تعدد الأزمات والمخاطر، الأمر الذي يتطلب نوع من الوحدة والتعاون والتضامن لا الانشطار والدسائس، أعتقد أن الخطاب المغربي سيكون واضحا في عدة مسائل وسيكون أكثر انحيازا في دعوة للتقارب والانفتاح من أجل العمل أكثر لحل الخلافات والملفات الخلافية لأجل التصدي للمخاطر المحدقة بالجميع”.

تاريخ الخبر: 2022-09-16 12:19:28
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 63%
الأهمية: 83%

آخر الأخبار حول العالم

"طاس" تكشف جديد قضية مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 15:27:15
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 53%

"طاس" تكشف جديد قضية مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 15:27:13
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية