على شركات التكنولوجيا الناشئة الاهتمام بما وراء الإيرادات | صحيفة الاقتصادية


لأعوام، كان بوسع أي فرد يبحث عن نموذج يحتذى به في الأعمال التجارية الناجحة أن ينظر إلى عالم التكنولوجيا والتكنولوجيا المالية. حازت شركات مثل شركة كلارنا الرائدة في مجال "اشتر الآن، وادفع لاحقا" - كانت يوما ما أعلى شركات التكنولوجيا الخاصة قيمة في أوروبا - على تقييمات هائلة، مع توجيه المستثمرين الأموال إلى نموها.
لكن مع ارتفاع التضخم بسرعة وتدهور بيئة الاقتصاد الكلي، فإن الشركات غير المربحة التي تركز ببساطة على زيادة أعداد المستهلكين تبدو مهددة أكثر فأكثر. انخفض تقييم "كلارنا" من 46 مليار دولار إلى أقل من سبعة مليارات في جولة تمويل هذا الصيف.
بالنسبة إلى طلاب إدارة الأعمال الذين اكتملت مداركهم في زمن "المعطلين"، يجب أن تكون الدروس واضحة. انقضى زمن المال السهل، والنمو بأي ثمن لم يعد شعارا منطقيا. شركات التكنولوجيا التي تهيمن على المستقبل يجب أن تبنى على أسس مستدامة.
الحاجة إلى النظر إلى ما هو أبعد من الطرائق التقليدية لإنجاز الأمور تعكس جزئيا التوجهات التي سبقت الجائحة - وهو إدراك متنام بأن التركيز على توفير التكاليف وزيادة الإنتاج فحسب ليس كافيا.
يقول نالين باتيل، كبير محللي رأس المال الخاص في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في منصة البيانات "بتشبوك"، "يوجه رأس المال المغامر عادة نحو نمو الإيرادات". يضيف، "كان الأمر يتعلق بزيادة كبيرة لتصبح متصدرا ومهيمنا على الصناعة".
انتشر هذا النموذج عبر شركات التكنولوجيا، بدءا من المدفوعات إلى توصيل الطعام والبقالة، حيث كانت شركات كثيرة تتصارع مع بعضها بعضا لأعوام - في منافسة اشتدت بسبب الجائحة.
لكن هذا النهج أدى إلى تشبع السوق بشكل مفرط. وفي حين أن بعض المطاعم قد تكون لديها صفقات مع شركات توصيل طعام محددة، هناك صعوبة في التمييز بين الشركات التي وفدت أخيرا.
مع ذلك يرى باتيل أن "هناك منفعة كونها قد تؤدي إلى تخفيض التكاليف للعملاء. لكن لا تزال علامات الاستفهام باقية حول ما إذا كان ذلك مجرد تكرار للجهود". يتابع، "إنها أعمال ذات هامش ربح منخفض، وينبغي أن تتساءل عما إذا كان الأفضل دمج الشركات أو وجود بضعة مشاركين فقط. في النهاية من المرجح أن تصبح مثل هذه الشركات ناجحة".
الشيء نفسه ينطبق على شركات "اشتر الآن، وادفع لاحقا"، وهي شكل شائع للائتمان قصير الأجل. مع أن هناك مجموعة متنوعة من المشاركين بفروق دقيقة بين خدماتهم، إلا أنهم جميعا يقاتلون من أجل العملاء أنفسهم - وفي حالات كثيرة، من أجل المساحة نفسها على صفحات الدفع لدى تجار التجزئة.
يقول باتيل إن مفتاح الشركات الناجحة في المستقبل يكمن في الابتكار. "يتعلق الأمر بالتركيز على شيء فريد، بدلا من شيء موجود فقط من أجل النمو، وتوسيعه ليصبح أكبر".
أصبح المستثمرون يتجنبون أكثر فأكثر المخاطرة في الوقت الذي يرتفع فيه التضخم. حتى مجموعات رأس المال المغامر التي كانت مستعدة للتخلي عن مبالغ كبيرة تريد الآن أن تثبت الشركات أن لديها طريقا إلى الربحية.
يذكر أمان بهزاد، المؤسس والشريك الإداري في شركة استشارات التكنولوجيا المالية، رويال بارك بارتنرز، أن الشركات الأكثر قدرة على النجاح في المستقبل تجمع بين سمتين من أجيال مختلفة من التكنولوجيا.
يقول، "أولا، هي التي لديها أساسيات متينة ورؤية طويلة المدى". أثبت قادة التكنولوجيا الكبار مثل "أبل" و"مايكروسوفت" نجاحهم بإعطاء الأولوية للمنتجات التي تحل مشكلات واضحة، مع بناء قيمة لمساهميهم على المدى الطويل.
"ثانيا، ثقافة أسلوب إدارة عرابي التكنولوجيا لما بعد 2010 لها الأهمية نفسها". معاملة أفضل المواهب جيدا والقدرة على إحداث التغيير داخل المؤسسات تساعد الشركات على الاحتفاظ بأفضل الأشخاص والاستمرار في بناء منتجات قوية.
شركات التكنولوجيا في الأغلب ما تركز على أحد الجانبين على حساب الآخر، كما يقول بهزاد، ما يؤدي إلى التركيز على حل المشكلات قصيرة الأجل أو إلى ممارسات عمل عفا عليها الزمن - لكن "أفضل الشركات لا يتعين عليها تقديم تنازلات".
يشير بهزاد إلى أن الشركات التي تبيع البرمجيات والبنى التحتية لشركات أخرى أظهرت بعضا من الآمال الواعدة في هذا الصدد. ويرى أن شركات، مثل "ثوت ماشين" للتكنولوجيا المالية للمصرفية السحابية في المملكة المتحدة، أو شركة توفير بطاقات الدفع الذكية "بليو"، تجمع بين أسس الأعمال طويلة الأجل وثقافة الشركات الناشئة الحديثة.
يضيف، "من خلال التركيز الشديد على المنتجات والخدمات الأفضل في فئتها، التي توفر قيمة تجارية، لا تحتاج الشركات إلى اللحاق باتجاهات السوق أو استخدام ميزات العبارات الرنانة، كما تفعل أحيانا الشركات الأخرى من جيلها".
يوافق باتيل على أن الشركات التي تتعامل مع شركات أخرى تكون، من بعض النواحي، في وضع أفضل فيما يتعلق بانخفاض الإنفاق الاستهلاكي وارتفاع تكلفة المعيشة في جميع أنحاء العالم. يقول، "الشركات التي تتعامل مع المستهلك مدفوعة بالإنفاق، الذي يمكن أن يرتفع وينخفض اعتمادا على أداء الاقتصاد والتوظيف، بينما الشركات التي تقدم خدماتها لشركات أخرى يمكن أن تكون نموذجا تجاريا متكررا".
ويشير إلى جولة تمويل جمعت فيها شركة ثوت ماشين ـ مقرها لندن ـ 160 مليون دولار ضاعفت تقييمها إلى 2.7 مليار دولار في أيار (مايو). كان من ضمن المستثمرين بنوك مثل "مورجان ستانلي" و"جيه بي مورجان" ومجموعة لويدز المصرفية.
يقول باتيل، "البنوك الكبرى مليئة بمشكلات البنية التحتية القديمة لتكنولوجيا المعلومات - وهي تسبب مختلف أوجه القصور. يمكن لشركات البرمجيات التي تقدم خدماتها للشركات الأخرى أن تصبح أساسية جدا لأنشطة عملائها".
ربما لا يكون الطلاب على دراية بهذه العلامات التجارية بوصفها أسماء معروفة و"جذابة"، لكن هذا ليس بالأمر الجلل، بحسب بهزاد. "الشهرة ليست علامة النجاح - الإيرادات، والنموذج، ومن أين يأتي عملاؤك هي ما يهم".

تاريخ الخبر: 2022-09-17 00:23:10
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 35%
الأهمية: 44%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية