أفرجت طالبان عن جندي أمريكي سابق اعتُقل في أفغانستان منذ عام 2020، مقابل تسليمها حليفاً مهماً للحركة أمضى 17 عاماً في سجون الولايات المتحدة بتهمة الإتجار بالهيروين، وفق ما أعلن الرئيس الأمريكي ومسؤولون أفغان الاثنين.

وأفرجت حكومة طالبان عن مارك فريريكس، الذي كان عنصراً في سلاح البحرية ويعمل مهندساً مدنياً بمشاريع بناء في أفغانستان عندما اعتُقل قبل 31 شهراً.

بدورها، أفرجت الحكومة الأمريكية عن بشير نورزاي، الذي كان صاحب نفوذ في منطقته قبل أن تقضي محكمة أمريكية بسجنه مدى الحياة قبل 17 عاماً، لتهريبه كميات كبيرة من الهيروين.

وقال وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي، خلال مؤتمر صحفي في العاصمة كابل: "بعد مفاوضات طويلة، سُلّم المواطن الأمريكي مارك فريريكس لبعثة أمريكية، وهذه البعثة سلمتنا بدورها (نورزاي) اليوم (الاثنين) في مطار كابل".

وأضاف "تغمرنا السعادة لأننا شهدنا في مطار كابل الدولي في العاصمة الأفغانية المراسم الرائعة لعودة أحد مواطنينا".

في الأثناء، توجّه فريريكس إلى الدوحة، وفق ما أفاد مسؤول أمريكي، مضيفاً أنه "في حالة صحية مستقرة".

وأكّد مسؤولون قطريون أنّهم لعبوا دوراً على مدى شهور للوصول إلى هذه الصفقة.

بدوره، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في بيان: "اليوم، أمّنا إطلاق سراح مارك فريريكس وسيعود قريباً".

وأضاف: "تطلّب التوصل إلى حلٍ ناجح في المفاوضات التي قادت إلى تحرير مارك، اتخاذ قرارات صعبة لم أستخفّ بها".

ولم تذكر الحكومة الأمريكية تفاصيل أخرى، لكنّ دبلوماسيين قالوا لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ دولة قطر ساعدت الولايات المتحدة على تكثيف اتصالاتها مع طالبان في الأشهر التي تلت انسحاب قواتها من أفغانستان.

وقال دبلوماسي إن هذه كانت "إحدى نتائج تلك الاتصالات".

استقبال الأبطال

وحظي نورزاي باستقبال الأبطال من حكومة أفغانستان. وأظهرت صور استقباله بأكاليل الزهور من جنود ملثّمين تابعين لطالبان.

وصرّح نورزاي للصحافيين: "لو أن إمارة أفغانستان الإسلامية لم تظهر تصميمها القوي، لما كنت هنا اليوم".

وتابع: "إطلاق سراحي مقابل أمريكي سيكون مصدر سلام بين أفغانستان والأمريكيين".

ويُعدّ نورزاي ثاني سجين أفغاني تُطلق الولايات المتحدة سراحه في الأشهر الأخيرة. ففي يونيو/حزيران، أفرجت واشنطن عن أسد الله هارون بعد اعتقاله 15 عاماً في غوانتانامو.

وكان هارون متهماً بالارتباط بالقاعدة، لكنه قبع سنوات في مركز الاعتقال الأمريكي الواقع في كوبا من دون توجيه تهم رسمية إليه، بعدما جرى توقيفه عام 2006 حين كان تاجر عسل.

وأفاد المحلل الأمني الأفغاني حكمت الله حكمت، بأن الإفراج عن نورزاي مثّل "إنجازاً مهما" لحكّام كابل الجدد.

تفاوض

اعتُبر إطلاق سراح فريريكس على رأس أولويات القضايا التي يتعيّن حلّها بعدما انسحبت القوات الأمريكية من أفغانستان في أغسطس/آب 2021 في أعقاب سيطرة طالبان على السلطة.

ولم يعترف أي بلد بعدُ بالحكومة الجديدة بينما أكدت واشنطن مراراً أن على طالبان أن تتصرف بشكل يجعلها "تستحق" الشرعية.

وقال بايدن في بيان في يناير/كانون الثاني، إن "على طالبان أن تطلق سراح مارك (فريريكس) فوراً قبل أن يكون بإمكانها توقّع أي تفكير في تطلعاتها للحصول على الشرعية.. هذا أمر غير مطروح للتفاوض".

وكان نورزاي مقاتلاً في صفوف "المجاهدين" الذين دعمتهم الولايات المتحدة ضد الاحتلال السوفييتي لأفغانستان وكان مقرّباً من مؤسس طالبان الراحل الملا عمر.

وبينما لم يتولَّ منصباً رسمياً، "قدّم (نورزاي) دعماً قويا شمل أسلحة" لطالبان في تسعينات القرن الماضي، حسبما أفاد المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد لوكالة الصحافة الفرنسية، الاثنين.

وبعدما سافر إلى الولايات المتحدة عام 2005، جرى توقيفه بتهمة إدارة "شبكة مخدرات عالمية". ثم أُطلق سراحه، بعدما قضى 17 عاماً من عقوبة سجنه مدى الحياة.

تأخر بسبب قتل الظواهري

ولم يأتِ بايدن الذي تحدّث إلى عائلة فريريكس قبل الإفراج عنه، على ذكر الاتفاق الذي جرت عملية التبادل على أساسه.

لكنّ مسؤولاً رفيعاً في إدارة بايدن قال إن الرئيس وافق على عملية التبادل في يونيو/ حزيران، بعدما أوضحت طالبان أنها تريد نورزاي مقابل فريريكس.

وقال المسؤول إن الاتفاق تأخّر لأن بايدن أمر بالضربة التي نُفّذت بطائرة مُسيّرة وقتلت زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في مقرّ إقامته في كابل في 31 يوليو/تموز.

ومباشرة بعد ذلك، سارعت واشنطن لاستئناف الضغط على كابل مقابل عملية التبادل، محذّرة إيّاها من التسبب بأي أذى لفريريكس، بحسب المسؤول الذي لفت إلى أن عملية التبادل يمكنها أن "تبدأ بناء الثقة".

TRT عربي - وكالات