بين القانون و الفنون
معاذ زكريا المحامي
على عكس ما قد يعتقد البعض أن ليس ثمة علاقة بين القانون والفنون ، فكثيرة هي العلائق والوشائج التي تربط بين الاثنين.
فالعمل القانوني بالمجمل لا يخلو من فــن.
فكتابة المذكرات فــن ، والظهور والترافع أمام المحاكم فــن ، والتفاوض مع العملاء والموكلين كذلك فــن.
وكما يحتاج القانون لشئ من الفــن في ممارسته ، كذلك الفنون بحاجة إلى القانون وإلا أصبحت نهباً للفوضى ، لذلك دعت الحاجة إلى أن يكون هنالك قانون لحماية حق المؤلف وقانون للملكية الفكرية ؛ وقانون لبراءة الإختراع ؛ وكل ذلك من أجل حماية الإبداع وحقوق المبدعين.
رفــد القانون الساحة الابداعية في السودان بعدد من الأسماء اللامعة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر طبعاً:-
– الأستاذ/ محمد أحمد المحجوب رئيس الوزراء الأسبق ؛ وصاحب الفردوس المفقود ؛ ويُنسب للمحجوب قوله:- ( أن على المحامي أن لا يكتفي بكونه محامياً ؛ بل عليه أن يكون قانونياً وسياسياً وأديباً وإدارياً ) ؛ والأستاذ الدبلوماسي محمد المكي إبراهيم شاعر الأكتوبريات المعروف ؛ وأيضاً الأستاذ الصحفي وصاحب الروائع فضل الله محمد ؛ والذي شكل ثنائية متفردة مع الموسيقار محمد الأمين ؛ وهناك أيضاً الأستاذ/ كمال الجزولي صاحب الروزنامة والأمين العام السابق لإتحاد الكتاب السودانيين ؛ ونذكر أيضاً الأستاذ/ الطيب محمد سعيد العباسي ؛ صاحب القصيدة الرائعة ” يافتاتي ما للهوي بلد ” والتي تغنى بها الفنان الراحل الطيب عبدالله ؛ ولا ننسى الأستاذ/ عبدالباسط سبدرات و أغنيته الخالدة “رجعنالك ” للبلابل ؛ ونذكر كذلك الأستاذ/ الجيلي عبد المنعم عباس إبن مدينة رفاعة ؛ وشاعر أغنية ” الهوى الأول ” لمحمد وردي.
وفي المسرح نجد أسماء مثل الأساتذة بابكر سلك وربيع طه وطارق الأمين ، وفي ما يتعلق بالنكتة والفكاهة نذكر فرقة ” تيراب ” والتي خرجت من رحم كلية القانون – بجامعة القاهرة – الفرع.
وإذا إتجهنا شمالاً نحو مصر المحروسة ، نجد أسماء لها وزنها وبصمتها التي لا ينكرها إلا مكابر في الأدب العربي ؛ أمثال الأستاذ توفيق الحكيم صاحب رواية يوميات نائب في الأرياف والتي تحكي قصة حياته عندما كان يعمل في النيابة العامة وتم نقله من العاصمة إلى الريف ؛ ونذكر الأستاذ يحي حقي وهو زميل دراسة للأستاذ توفيق الحكيم في كلية الحقوق بجامعة القاهرة ؛ ولا ننسى الأستاذ الكبير إحسان عبدالقدوس والذي ربما يكون قد أضاع حلمه في أن يصبح محامياً ناجحاً – كما كان يقول – لكنه بلا شك أصبح روائياً ذائع الصيت ؛ وكاتباً صحفياً مرموقاً.
والحديث عن القانون والأدب والصحافة يقودنا للحديث عن علم من أعلام الأدب العالمي وهو الأستاذ غابريل غارسيا ماركيز رائد مدرسة الواقعية السحرية في مجال الرواية ؛ والحاصل على جائزة نوبل للآداب عن روايته المتفردة مائة عام من العزلة ؛ وهو له قصة مشابهة نوعاً ما لقصة الكاتب المصري إحسان عبدالقدوس ؛ فماركيز أيضاً درس القانون وإشتغل لفترة وجيزة بالمحاماة ؛ قبل أن يتركها ويتفرغ للعمل الصحفي والأدبي.