لقي 89 شخصاً حتفهم في كارثة غرق مركب كان يقلّ مهاجرين غير نظاميين قبالة السواحل السورية، فيما أعلن الجيش اللبناني توقيف مشتبه به في عملية التهريب التي أسفرت عن أعلى حصيلة قتلى منذ بدء ظاهرة الهجرة غير النظامية انطلاقاً من لبنان.

ومنذ الإعلان، عصر الخميس، عن غرق المركب قبالة شواطئ طرطوس، والتي تراوحت التقديرات بشأن عدد ركابه بين 100 و150 شخصاً من لبنانيين ولاجئين سوريين وفلسطينيين، ترتفع حصيلة الضحايا تباعاً، فيما جرى إنقاذ عشرين شخصاً فقط. ولم تتضح بعد ملابسات غرق المركب الذي كانت وجهته إيطاليا.

ونقلت وكالة الأنباء التابعة للنظام السوري (سانا) عن إسكندر عمار مدير الهيئة العامة في مستشفى الباسل الذي نقل إليه الضحايا في طرطوس، أنه "في حصيلة غير نهائية بلغ عدد الضحايا 89 شخصاً"، بينما جرى إخراج ستة ناجين من المستشفى وما زال 14 شخصاً يتلقون العلاج بينهم اثنان في العناية المشددة.

وأفاد الإعلام التابع للنظام السوري، أن ارتفاع العدد ناتج عن انتشال المزيد من الضحايا. ولا تزال عمليات البحث عن مفقودين مستمرة. وقد عُثر على غالبية الضحايا قبالة جزيرة أرواد وشواطئ طرطوس.

وشيعت عائلات في لبنان الجمعة ضحاياها، وتسلمت أخرى لبنانية وفلسطينية مساء جثث أقربائها عبر معبر العريضة الحدودي ليجري دفنهم السبت.

وفي مدينة طرابلس بشمال لبنان، شارك المئات في تشييع أحد الضحايا رافعين قبضاتهم فيما كان أقرباء يبكون حاملين نعشاً رمزياً في الشوارع.

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن عشرة أطفال لقوا مصرعهم في الحادثة وفق تقارير أولية. واعتبرت في بيان أنه "كما هو الحال في العديد من البلدان في المنطقة، يعيش الناس في لبنان في ظروف قاسية تؤثر على الجميع، ولكنها أكثر قسوة بشكل خاص على الأشخاص الأضعف".

وليست الهجرة غير النظامية ظاهرة جديدة في لبنان الذي شكّل منصة انطلاق للاجئين خصوصاً السوريين والفلسطينيين باتجاه دول الاتحاد الأوروبي. لكن وتيرتها ازدادت على وقع الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد منذ نحو ثلاث سنوات والذي دفع لبنانيين كثيرين إلى المخاطرة بأرواحهم بحثاً عن بدايات جديدة.

"يأس"

ولم تساهم التدابير التي اتخذتها القوى الأمنية في الحد من الظاهرة. وتُعلن الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية مراراً عن إحباط محاولات هجرة غير نظامية خصوصاً من منطقتي طرابلس وعكار شمالاً، الأكثر فقراً في لبنان.

وأعلن الجيش اللبناني، السبت، أنه أوقف الأربعاء شخصاً للاشتباه في تورطه بتهريب مهاجرين غير نظاميين عبر البحر، وقد "اعترف بالإعداد لعملية التهريب الأخيرة من لبنان إلى إيطاليا".

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في بيان "هذه مأساة مؤلمة أخرى"، داعياً المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة الكاملة لـ"تحسين ظروف النازحين قسراً والمجتمعات المضيفة في الشرق الأوسط".

وأضاف في بيان مشترك مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين ومنظمة الهجرة الدولية "الكثيرون يُدفع بهم نحو حافة الهاوية".

وقال المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة أنطونيو فيتورينو "لا يجدر بالأشخاص الباحثين عن الأمان أن يجدوا أنفسهم مضطرين إلى خوض رحلات هجرة محفوفة بالمخاطر ومميتة".

واعتبر المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أن "لا أحد يصعد على مراكب الموت بسهولة. يتخذ الأشخاص هذه القرارات الخطيرة، ويخاطرون بحياتهم بحثاً عن العيش بكرامة".

وأضاف: "علينا أن نفعل المزيد (...) لمعالجة الشعور باليأس في لبنان والمنطقة".

TRT عربي - وكالات