إندونيسيا .. قصة نجاح غير متوقعة | صحيفة الاقتصادية


في 2013، أطلق بنك الاستثمار الأمريكي، مورجان ستانلي، على إندونيسيا اسم واحدة من "الخمسة الهشة"، مجموعة من الاقتصادات الناشئة التي أعتقد أنها معرضة بشكل خاص لتداعيات قفزة في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
بعد نحو عقد من الزمان، ارتفعت أسعار الفائدة الأمريكية بشكل حاد، ما زاد من المشكلات الاقتصادية في العالم النامي. لكن يبدو أن إندونيسيا غير منزعجة.
في الوقت الذي يتضرر فيه الاقتصاد العالمي بسبب الحرب في أوكرانيا وأزمات الطاقة، والغذاء، والمناخ برزت إندونيسيا باعتبارها بلدا بعيدا عن التضرر، يفتخر باقتصاد مزدهر وفترة من الاستقرار السياسي.
توسع الناتج المحلي الإجمالي 5.4 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني، أي أعلى بكثير من التوقعات. ويعد معدل التضخم الذي بلغ 4.7 في المائة في آب (أغسطس)، قبل خفض دعم الوقود الأخير، واحدا من أدنى المعدلات على مستوى العالم. وعملته، الروبية، من بين الأفضل أداء في آسيا هذا العام، وتسجل بورصته ارتفاعات قياسية.
يستفيد البلد الأرخبيل الغني بالموارد، الأكبر حجما في جنوب شرق آسيا بعدد سكان يصل إلى 276 مليون نسمة، من ارتفاع أسعار السلع. فقد ارتفعت الصادرات 30.2 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 27.9 مليار دولار في الشهر الماضي، أعلى رقم مسجل. ولكون إندونيسيا أكبر منتج للنيكل في العالم، عنصر مهم في بطاريات المركبات الكهربائية، فإنها تضع خططا للاستفادة من الطفرة المقبلة في المركبات الكهربائية.
يعود جزء كبير من الفضل في هذه الطفرة إلى الرئيس جوكو ويدودو، الذي تمكن من الحفاظ على شعبيته بين الإندونيسيين العاديين والمستثمرين على حد سواء بعد ثمانية أعوام في السلطة. أظهر استطلاع للرأي نشرته الأسبوع الماضي شركة الأبحاث إنديكاتور بوليتيك إندونيسيا، أن 62.6 في المائة من الإندونيسيين يوافقون على أداء بائع الأثاث السابق ذي الشخصية الجذابة، أي أقل نحو عشر نقاط مئوية عما كان عليه قبل خفض دعم الوقود، لكن يظل واحدا من أكثر القادة الديمقراطيين شعبية في العالم.
الدعم الذي يحظى به ويدودو، المعروف باسم "جوكووي"، قوي لدرجة أن أنصاره في مرحلة ما كانوا يضغطون لتغيير الدستور للسماح له بالترشح لولاية ثالثة في المنصب.
ستتاح لويدودو فرصة للتباهي بهذا الازدهار عندما يستضيف قمة مجموعة العشرين في بالي في تشرين الثاني (نوفمبر). فهو يخطط لاستخدام هذا الحدث لجذب اهتمام المستثمرين العالميين، بما في ذلك خطته الأكثر طموحا وإثارة للجدل حتى الآن – اقتراح تزيد تكلفته عن 30 مليار دولار لنقل عاصمة إندونيسيا من جاكرتا إلى جزيرة بورنيو المكسوة بالغابات، مشروع بإمكانه تحديد إرثه.
أخبر الرئيس "فاينانشيال تايمز" خلال مأدبة غداء من الحساء الحار والشواء الياباني في القصر الرئاسي في جاكرتا، وقد امتلأ وجهه بالحيوية والسعادة عند ذكر العاصمة الجديدة، "ما نريد بناءه هو مدينة مستقبلية ذكية قائمة على الغابات والطبيعة. سيظهر هذا التحول في إندونيسيا".
لكن حتى مع تدفق المستثمرين لرؤية إندونيسيا الجديدة، يشعر بعضهم بالقلق بشأن استدامة استقرارها الذي نعمت به أخيرا. ففي العام المقبل، تبدأ الحملة الانتخابية لانتخابات 2024 وليس لدى ويدودو مرشح معين لمواصلة أجندته. يقول النقاد إنه كان بإمكانه فعل مزيد لترسيخ المؤسسات الديمقراطية الناشئة في إندونيسيا، لكنه جعلها عرضة للخطر في حال تولى زعيم أكثر فسادا مقاليد السلطة في المستقبل.
يقول كيفين أورورك، المحلل المقيم في جاكرتا، المختص في سياسة واقتصاد إندونيسيا والمدير في شركة ريفورماسي لخدمات المعلومات الاستشارية، "كثير من الأسواق الناشئة لديها مشكلات، لا تعاني إندونيسيا منها الآن. الاقتصاد ينطلق بكل قوته".
يضيف، "المشكلة هي السياسة. نحن على بعد 18 شهرا من يوم الانتخابات ويمكن أن يمثل ذلك تناقضا صارخا في التوقعات على المدى الطويل لإندونيسيا. يمكن أن يكون الوضع جيدا بعد 2024 أو قد يكون سيئا للغاية".

الدخيل السياسي الجيد
لا يمكن التعرف على ويدودو الذي سيستضيف قادة العالم في قمة مجموعة العشرين تقريبا من العمدة السابق المتواضع في سولو، جاوة الوسطى، حيث بدأ حياته السياسية منذ 17 عاما. على الرغم من أنه لا يزال يحتفظ ببعض هواياته القديمة، مثل الاستماع إلى موسيقى الهيفي ميتال وركوب الدراجات النارية، إلا أنه ظهر خبيرا سياسيا ماهرا على المستوى الوطني. كان ويدودو دخيلا سياسيا، فضل تحالفات "الخيمة الكبيرة"، وجلب الأصدقاء والأعداء على حد سواء إلى حكومته.
جورج يو، وزير خارجية سنغافورة الأسبق، يسميها "ديمقراطية بخصائص من جاوة". ويضيف مبينا هذه الخصائص، "سنقوم بحملة كبيرة، وسنطلق النعوت على بعضنا، لكن عندما يتم عد الأصوات ونعرف جميعا النسب التي حصلت عليها الأطراف المتنافسة، سنشكل حكومة ائتلافية (...) وستحصل على حصتك".
يقول مجادلا إن هذا ما أدى إلى استقرار إندونيسيا الحالي. أحد الأمثلة على ذلك هو فرابوو سوبيانتو جويوهاديكوسومو، جنرال جيش سابق مثير للجدل شن حملة شرسة ضد ويدودو في 2018 لكنه الآن وزير الدفاع.
يشير المستثمرون إلى أن هذا الاستقرار السياسي ساعد الاقتصاد. مع معدلات تضخم منخفضة نسبيا، رفع البنك المركزي الإندونيسي أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ ثلاثة أعوام في أغسطس إلى 3.75 في المائة. ولا تزال البنوك تقرض والصادرات تزدهر، ليس فقط من السلع. "القانون الشامل" الذي أصدره ويدودو الذي خفف من لوائح التوظيف للمساعدة في إيجاد فرص العمل، شجع مزيدا من الاستثمار الأجنبي، حيث ينوع بعض المنتجين مراكز التصنيع بعيدا عن الصين.
يقول أورورك، من شركة ريفورماسي، "يمكنك أن ترى ما تصدره إندونيسيا الآن، في جميع المجالات. سم ما شئت من المنسوجات، والملابس، والأحذية، والآلات، والأثاث، والإلكترونيات، والسيارات (...) أشياء توجد وظائف ومداخيل جيدة. كانت هذا العام الثانية التي تشهد نموا من رقمين على أساس سنوي"، مشيرا إلى عائدات الصادرات الإندونيسية على مدى الأشهر الماضية.
يحذر اقتصاديون من أن صادرات السلع الأساسية في إندونيسيا، مثل الفحم وزيت النخيل، لا تزال تلعب "دورا كبيرا" في دفع عجلة النمو. يقول ديفيد سوموال، كبير الاقتصاديين في بنك آسيا الوسطى في جاكرتا، إن أسعار السلع قد تبدأ في فقدان قوتها هذا العام مع تباطؤ الاقتصادات الغربية، "سيكون العام المقبل تحديا كبيرا. لهذا السبب خفضت توقعاتي للناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 5 في المائة".
بريانكا كيشور، كبيرة الاقتصاديين لجنوب شرق آسيا والهند في شركة أكسفورد إيكونوميكس، أشارت إلى أن التضخم الذي تم كبحه عبر دعم الوقود، قد يرتفع بسرعة أيضا ليبلغ 8 في المائة بحلول تشرين الأول (أكتوبر).
تقول، "ركب البنك المركزي دورة الارتفاع العالمية في وقت لاحق، وربما يتعين عليهم فعل المزيد قليلا، وبسرعة أكبر، لمعالجة التضخم الآن".
في سوق مزدحمة في وسط جاكرتا، ارتفع سعر الفلفل الحار المستخدم في الأطباق الأساسية مثل ناسي جورينج، الأرز المقلي الإندونيسي، بعد خفض دعم الوقود أكثر من 50 في المائة، ما أدى إلى تضرر المبيعات، كما يقول البائع عارف راتشمان "28 عاما". يضيف، معربا عن غضبه من زيادة التكاليف، "عادة ما أبيع خمسة كيلوجرامات من الفلفل الأحمر، أما اليوم فقد بعت نحو ثلاثة كيلوجرامات".
فرضت إندونيسيا قيودا على بعض السلع، بما في ذلك ضرائب على الفحم والنيكل، أدت إلى هز الأسواق. لكنها ساعدت أيضا في تطوير قطاعات المعالجة والتكرير محليا.
يقول يوجين جالبريث، مدير شركة أبراج الهاتف المحمول، بي تي بروتيليندو، والمراقب منذ فترة طويلة للأعمال الإندونيسية، "العناوين الرئيسة تشير إلى أن الأمور جيدة للغاية. كل هذه الأمور، سواء أكانت قرارات سياسية جيدة أم سيئة، تعادل في الميزان رئيسا يحظى بشعبية واسعة وتقدير كبير".

ميزة في الأصول الطبيعية
تمثل أحد إنجازات ويدودو الرئيسة في توسيع البنية التحتية على نطاق غير مسبوق لإندونيسيا، وهي بلد شاسع يضم أكثر من 17 ألف جزيرة. يقول ويدودو إن حكومته شيدت 2042 كيلو مترا من الطرق المكلفة خلال ثمانية أعوام، مقارنة بنحو 780 كيلو مترا في الـ40 عاما الماضية، إضافة إلى 16 مطارا، و18 ميناء، و38 سدا جديدا. لقد انفجرت التكاليف في مشاريع مميزة مثل خط سكة حديد جاكرتا-باندونج فائق السرعة – أول مشروع قطار فائق السرعة تشيده الصين في الخارج – في حين تم التخطيط لمشاريع أخرى بشكل سيئ، مع وجود بعض المطارات الجديدة اللامعة في مواقع نائية خالية من المسافرين. لكن التحول واضح للعيان، حتى بالنسبة للأجانب.
قال الوزير السنغافوري السابق، يو، عن زيارته الأخيرة لإندونيسيا، "كنت أتوقع تغييرا. لكنني لم أتوقع مثل هذا التغيير. نعم، كان هناك اختناقات مرورية، لكنها لم تكن سيئة كما كانت من قبل. مطار جاكرتا أفضل من أي مطار آخر في الولايات المتحدة".
لكن إلى حد بعيد كانت السياسة الصناعية الرئيسة في فترة ولاية ويدودو الثانية هي محاولته استخدام احتياطيات إندونيسيا العملاقة من النيكل – المرتبطة بأستراليا باعتبارها الأكبر في العالم – لإنشاء صناعة مركبات كهربائية محلية.
في 2020، حظرت الحكومة تماما تصدير خام النيكل، ما أجبر الشركات الأجنبية، وكثير منها صينية، على البدء في تكريره داخل البلد. في حين أن معظم المنتج النهائي يذهب إلى صناعة الفولاذ المقاوم للصدأ، فإن الهدف هو البدء في استخراج مزيد من المواد ذات الجودة العالية لاستخدامها في البطاريات. ومن المتوقع أن توفر إندونيسيا جزءا كبيرا من إمدادات النيكل الجديدة التي تحتاج إليها صناعة المركبات الكهربائية العالمية، لكن احتياطاتها من خام اللاتريت تتطلب مزيدا من المعالجة.
ويدودو يعزو إلى هذه القيود الفضل في رفع قيمة الصادرات المرتبطة بخام النيكل من 1.1 مليار دولار سنويا قبل خمسة أعوام إلى نحو 20.9 مليار دولار العام الماضي.
يقول، "بعد هذا يمكننا تصدير ربما أكثر من 40 ضعفا أو 60 ضعفا. تمتلك إندونيسيا أكبر احتياطي من النيكل في العالم، نحو 21 مليون طن، نحو 30 في المائة من الاحتياطيات العالمية".
يضيف أن الخطوة التالية يمكن أن تتمثل في توسيع السياسة لتشمل احتياطيات إندونيسيا الكبيرة من البوكسيت والنحاس. كما يتزايد الطلب على المواد المستخدمة في إنتاج الألمنيوم ومصادر الطاقة المتجددة عالميا. طعن الاتحاد الأوروبي في قيود التصدير لدى منظمة التجارة العالمية لأنها تحد بشكل غير عادل من وصول المنتجين الأوروبيين، لكن ويدودو غير آسف. يقول، "يمكن لهذا أن يوجد فرص عمل للناس وتقديم قيمة مضافة لإندونيسيا".
خطة تكرير الخام الإندونيسي وتحويله إلى مادة للبطاريات لا تزال في بدايتها، مع بدء تشغيل مصنع تكرير واحد في أيار (مايو) من العام الماضي وسبعة أخرى في طور الإنشاء، جميعها في جزيرة سولاويزي، وفقا لإيزابيل هوبر، الزميلة الزائرة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
بالقرب من جاكرتا، تقوم شركة إل جي إنرجي سولوشون في كوريا الجنوبية ومجموعة هيونداي موتور ببناء أول مصنع لبطاريات المركبات الكهربائية في البلاد بينما تقوم شركة هيونداي ببناء مصنع مركبات كهربائية بالقرب منه. تقول إندونيسيا إن شركة سي أيه تي إل الصينية، أكبر مصنع لبطاريات المركبات الكهربائية في العالم، وافقت على الاستثمار في مصنع بطاريات المركبات الكهربائية. ويقول ويدودو إنه كان يسعى أيضا إلى جذب شركة تسلا.
بحسب جيمس برايسون، مدير شركة بي تي إتش بي كابيتال بارتنرز، شركة استشارية للاستثمار، "لا يزال بإمكان إندونيسيا أن تكون المحرك الأول وهي محظوظة، فلديها أكبر احتياطي من النيكل".
مع ذلك، لا تزال صناعة النيكل تواجه مشكلات. العملية الأكثر شيوعا لإنتاج مواد من فئة البطاريات تكون عبر طريقة الترشيح الحمضي عالي الضغط، التي تنتج أكبر كميات من النفايات. وتحظر إندونيسيا إلقاء هذه المخلفات السامة في المحيط، في حين يصعب "التكديس الجاف" في بيئة استوائية غزيرة الأمطار.
قد يكون هذا عقبة أمام إمداد الأسواق الغربية، كما يقول برايسون، لأن مصنعي بطاريات المركبات الكهربائية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة "لن يكونوا منفتحين على العمليات التي تنتج المخلفات".
هناك مشكلة محتملة أخرى تتمثل في استخدام الطاقة المتسخة التي تعمل بالفحم لتشغيل محطات معالجة النيكل. وهذا يجعل من الصعب بيع البطاريات التي يتم الحصول عليها من هذا النيكل في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقد حثت مجموعات بيئية إيلون ماسك على عدم الاستثمار في صناعة النيكل في إندونيسيا لأسباب من بينها الأضرار البيئية.
القضايا المتعلقة بالنيكل هي جزء من سلسلة أوسع من الانتقادات لسجل الدولة البيئي. منتجو الفحم المحليون قادرون على توفير 25 في المائة من الفحم للمصانع المحلية بخصم كبير على سعر السوق، ما يعيق قدرة مشاريع الطاقة المتجددة على المنافسة، بما فيها الطاقة الشمسية، في بلد استوائي. ويقول أحد المستثمرين الأجانب الذين لديهم أعمال في البلاد، "إنها حقا تنمية اقتصادية لا تراعي المعايير البيئية والاقتصادية والعولمة".
تضمنت الأولويات الأخرى لويدودو، نظام التعليم والشركات المتضخمة المملوكة للدولة. في كليهما، عين رواد أعمال أو رجال أعمال معروفين لقيادة التغييرات.
بوجود دول جنوب شرق آسيا الأخرى، كفيتنام، التي تتنافس بقوة لجذب الصناعات المتنوعة خارج الصين، تحتاج حكومة ويدودو إلى جعل القوة العاملة في إندونيسيا أكثر قدرة على المنافسة وتحديث الشركات المملوكة للدولة، التي تعادل أصولها نصف الناتج المحلي الإجمالي.
وفقا لوزير الشركات المملوكة للدولة، إريك ثوهير، الذي كان يمتلك في السابق فريق إنتر ميلان الإيطالي لكرة القدم، الإصلاحات مطلوبة بشكل عاجل إذا أرادت إندونيسيا توفير فرص عمل كافية لشبابها. "إذا نظرت إلى السكان الإندونيسيين، ستجد أنهم 270 مليون نسمة. أغلبية سكاننا من الشباب. إذا لم يحصلوا على وظائف، فإن بلدا بحجم إندونيسيا سيوجد مشكلات للمنطقة".

مخاوف الفساد
أدت استضافة ويدودو لمجموعة العشرين إلى التركيز على مسألة إرث الرئيس.
إذ يشعر المستثمرون بالقلق من أنه ليس لديه خليفة سياسي واضح مع اقتراب انتخابات 2024. ونظرا لافتقاره إلى حزب سياسي ينتمي إليه، لم يتمكن حتى الآن من الحصول على تسمية من حزب سياسي لمرشحه المفضل الواضح، وهو حاكم جاوة الوسطى، جانجار برانوو. قال يوجين جالبريث، من شركة بي تي بروتيليندو، "لم يرشح الحزب بعد جانجار وكل حزب لديه بالفعل مرشح. إنه إمبراطور بلا إمبراطورية".
يقول النقاد أيضا إنه في ظل حكم ويدودو، تم إضعاف سلطات "هيئة القضاء على الفساد" التي كانت هائلة في إندونيسيا. وتم تحويل موظفي الهيئة من موظفين في وكالة مستقلة إلى موظفين مدنيين في 2019، ما قوض استقلالية الهيئة عن الحكومة، كما يدعي المنتقدون. وفي العام الماضي، حصلت إندونيسيا على 38 نقطة من أصل 100 في مؤشر فساد مستخدم على نطاق واسع من قبل منظمة الشفافية الدولية العالمية، على قدم المساواة مع البرازيل وأقل من الهند، فيتنام، والصين.
ويصر ويدودو على أن هيئة القضاء على الفساد لا تزال مستقلة ويشير إلى غرامات وسجن سياسيين في الأعوام الأخيرة.
أندرياس هارسونو، من هيومن رايتس ووتش، أشار إلى أن الرئيس أخفق أيضا في إلغاء مئات اللوائح التنظيمية التي تم تقديمها في الأغلب في عهد أسلافه التي تميز ضد الأقليات الدينية.
"جوكووي لا يهتم كثيرا بالديمقراطية أو الإصلاحات الديمقراطية، مثل مساحة الصحافة المستقلة أو المجتمع المدني. لا يزال هناك فهم أساسي للانتخابات الحرة والنزيهة والتنافسية، لكن تم تقييد مساحة الانتقادات"، كما يقول محلل إندونيسي آخر، تحدث دون الكشف عن هويته.

رؤى مثالية لعاصمة جديدة
مع ذلك، القضية التي يمكن أن تقرر إرث الرئيس على المدى الطويل - للأفضل أو الأسوأ - هي نوسانتارا، العاصمة الجديدة. يقول مؤيدو المشروع إن جاكرتا المعرضة للفيضانات تغرق في بعض المناطق بواقع 25 سنتمترا سنويا، وإن إندونيسيا بحاجة إلى نشر تنميتها خارج جزيرة جاوة الرئيسة، التي تمثل 56 في المائة من السكان ونسبة مشابهة من الاقتصاد.
ستكون مساحة نوسانتارا أكبر ثلاث مرات ونصف المرة من سنغافورة وأربع مرات من جاكرتا. وستمول الحكومة المرحلة الأولى من المشروع، التي تتضمن نقل القصر الرئاسي وقصر نائب الرئيس والقوات المسلحة والشرطة والوزارات الأخرى بحلول 2024. ومن المقرر الانتهاء من التطوير بحلول الذكرى المئوية للبلاد في 2045، عندما تأمل إندونيسيا في أن تكون رابع أكبر اقتصاد في العالم.
ويقدر بامبانج سوسانتونو، مسؤول سابق في بنك التنمية الآسيوي تم تعيينه رئيسا لسلطة مدينة نوسانتارا العاصمة هذا العام، تكلفة هذه المرحلة الأولى بـ"أكثر من 50 تريليون روبية (3.3 مليار دولار)"، لكنه يصر على أن هذا لن يكون كله مالا عاما. يقول، "نحن نتطور بميزانية مملوكة للدولة لأننا نحتاج إلى إيجاد ثقة في السوق. (لكن) اهتمام القطاع الخاص موجود".
يرى النقاد أن بناء البنية التحتية في الأرض الفحمية في بورنيو أمر صعب، في حين أن نقل عشرات الآلاف من القوات وبناء منشآت عسكرية جديدة مكلف. نحو 80 في المائة من المشروع كان من المفترض أن يتم تمويله برأس مال خاص، وهذا لم يتحقق بعد. فقد انسحب أحد الداعمين البارزين، شركة سوفت بنك اليابانية، هذا العام.
يقول إيفان لاكسمانا، وهو باحث كبير في جامعة سنغافورة الوطنية، "إنني متشكك في إمكانية القيام بذلك في الأعوام القليلة المقبلة".
يجادل آخرون بأن ويدودو سيوصل المشروع إلى نقطة يتعين عليه المضي قدما بعدها. يقول فجار حيروان، باحث في قسم الاقتصاد في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، "ستكون نوسانتارا أكبر من أن تفشل".
لكن ويدودو الذي يقول إنه يخطط للتفرغ لأحفاده الخمسة والعمل مع "الطبيعة" عندما يتنحى في 2024، يصر على الحاجة الملحة إلى بناء العاصمة الجديدة.
هناك حاجة إلى العاصمة الجديدة للتأكد من أن عملية التطوير تمتد إلى ما وراء جاوة "بحيث يمكن الاستمتاع بالتقدم من قبل الجميع"، كما يقول الرئيس.

تاريخ الخبر: 2022-09-25 00:23:04
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 33%
الأهمية: 48%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية