رحل شيخ الموسيقيين زين نصار عن عمر ناهز الـ٨٠ عامًا، تاركًا خلفه إرثًا عظيمًا من برامج تليفزيونية وإذاعية وموسوعات تخلد اسمه.

وتخرج على يد زين نصار مئات الطلبة من أكاديمية الفنون، وهو صاحب أهم الموسوعات العلمية الفنية فى تاريخ مصر المعاصر، والمتابع والمؤرخ الموسيقى العظيم.

وشغل الراحل منصب أول رئيس لقسم النقد الموسيقى بالمعهد العالى للنقد الفنى، كما شغل عضوية لجنة الفنون الشعبية والتراث الثقافى بالمجلس الأعلى للثقافة، وكتب المادة العلمية للبرامج الموسيقية، ومنها عالم الموسيقى، وفن الباليه، وسؤال موسيقى، وإيقاعات ونغمات، وسهرة مع الموسيقى، وأعد وقدم «الموسيقى عبر العصور».

وحصل الدكتور زين نصار على ليسانس التربية الموسيقية بتقدير امتياز، عام ١٩٦٥ من المعهد العالى للتربية الموسيقية، كما حصل على دبلوم الدراسات العليا فى النقد الفنى، وماجستير فى النقد الفنى تخصص موسيقى عام ١٩٨٠، ودكتوراه فى الفنون تخصص «النقد الموسيقى» عام ١٩٨٦، من المعهد العالى للنقد الفنى بأكاديمية الفنون. وجعل الراحل تأريخ الموسيقى هدفًا له، منذ أن كان يعد رسالته للماجستير، وفى حوار «الدستور» معه، قال: اكتشفت فى عام ١٩٧٧، وكنت أعمل وقتها على إعداد رسالتى فى الماجستير، أن تاريخ الموسيقى فى مصر ليس مكتوبًا كما ينبغى، صحيح أن هناك كتبًا عن السنباطى، وعبدالوهاب، ‏وزكريا، والقصبجى، لكن أين باقى الموسيقيين المصريين المهمين، وهم أكثر من ٤٠ مبدعًا؟، لذا قررت البدء فى تأريخ الموسيقيين المصريين، وخصصت كتابى «الموسيقى» الصادر عام ١٩٩٠ ‏لكتاب «السيمفونيات» و«الكونشيرتات».‏

وأضاف: «بدأت بعدها فى الكتابة عن الملحنين، وخصصت برنامجًا فى الراديو لهم، واستضفت فيه بعض أصدقائنا الملحنين المقربين من معهد الموسيقى العربية (الكونسرفتوار)، مثل عطية شرارة وميشيل ‏المصرى، ثم استضفت عددًا آخر من الملحنين».

وكان الراحل يجهز للإعداد لموسوعة حقيقية للملحنين وغيرهم، وقال: بدأت وضع موسوعة للملحنين والعازفين ‏المصريين، وفكرتى كانت أن أرتبهم وفقًا للتواريخ، أى أنك ستجدهم بتاريخ الميلاد، و‏هذه المسألة فيها جدل كبير، لأن لبعض كبار المطربين تواريخ ميلاد مختلفة، فمثلًا يملك فريد الأطرش أكثر من شهادة ميلاد، ولـ«عبدالوهاب» نفسه ٣ تواريخ ميلاد مختلف حولها، حتى إن أحدهم ‏كتب مرة مهاجمًا له فى مجلة «آخر ساعة»: «عبدالوهاب يدّعى أن عمره ٢٨ عامًا، والحقيقة أنه أكبر بـ١٠ سنوات، ويبلغ ٣٨»، ولم يكذبه عبدالوهاب أو ينفِ ذلك، ‏لذا ينبغى عند تحديد تاريخ الموسيقيين مراعاة ذلك، لفهم التطورات التى حدثت فى مجال الموسيقى.‏

‏‏وحاول الدكتور زين نصار التأريخ الموسيقى لثورة يوليو، وسجل مع عدد كبير من الفنانين من بينهم المطرب والملحن سيد إسماعيل، الذى قال عنه: «كنت أحتاج ‏إلى جمع أعماله بشكل كامل، وكان الفنانون يطلقون عليه لقب العمدة، لأنه ابن عمدة».

وأضاف: «زرته فى المستشفى قبيل وفاته مباشرة، وقلت له: يا عمدة أنت عملت غنوة هايلة للثورة»، فسألنى: «غنوة إيه؟»، فقلت: «يا صحرا المهندس جى»، فضحك، وعلمت منه أنها لم تكتب للثورة، ‏بل سجلت قبلها، كأغنية لفيلم «الصقر»، الذى كان يحكى قصة التنقيب عن البترول، ولما قامت الثورة، زادها الشاعر بيرم التونسى والملحن أحمد صدقى «كوبليه»، وغنوها كأنها للثورة.‏

من جانبها، نعت الدكتورة نيفين الكيلانى، وزيرة الثقافة، شيخ الموسيقيين الدكتور زين نصار، وقالت، فى تصريح أمس، إننا فقدنا واحدًا من أهم المؤرخين الموسيقيين، والذى يُعد أهم أساتذة النقد الموسيقى، عبر سلسلة كبيرة من الكتابات فى كبرى المجلات المتخصصة مصريًا وعربيًا فى مجال الموسيقى.