تابعت عن كثب ما فعلته الدبلوماسية المصرية فى أروقة الأمم المتحدة (سبتمبر ٢٠٢٢ )، ومبادراتها المتتابعة حول إحياء «مباحثات سد النهضة الإثيوبى»، ودفع المجتمع الدولى، والأمم المتحدة لتحمل مسئولياتهما فى قضية خطيرة لمصر، وإفريقيا معا.
فى البداية، أكاد أرى ملحمة وطنية كبرى (داخلية وخارجية) تجرى على أرض مصر، وإفريقيا، والعالم فى قضية المياه ككل، ونتابع مساراتها المتداخلة بين كل أجهزة الدولة المصرية (مدنية، ومعلوماتية) لحماية نهر النيل الخالد، واحتياجاتنا المائية الراهنة، والمستقبلية، ومواجهة العدوانية القادمة من إثيوبيا تجاه شقيقتيها فى عدم التوصل لاتفاق يحقق مصالح طرفى المعادلة (إثيوبيا ــ دولة المنبع)، و(مصر، والسودان ــ دولتى المصب والممر) لأسباب داخلية تخص أديس أبابا التى تعيش حالة تعسة من الحروب الأهلية القاسية، وتدهور الأوضاع المعيشية، وعدم الاستقرار السياسى، والمجتمعى بها. سوف يأتى يوم يجلس فيه المصريون ليحكوا لأبنائهم، وأحفادهم قصة ماذا فعل الجيل الحالى من صبر، ومتابعة، وعمل دءوب على جبهات متعددة، وشاقة لإنقاذ النيل من أكبر هجمة يتعرض لها، وتحويل العدوانية، والشعبوية القادمة من إثيوبيا إلى حالة انتباه، ومتابعة دقيقة لما يحدث (سيكون قائدها الرئيس عبدالفتاح السيسى) لتعريف أديس أبابا بكيفية التعامل بين شعوب المنطقة الواحدة.. وكيف يتعاونون، ويواجهون أعباء الحياة معا، وغضب الطبيعة، وتطورات المناخ؟! . لقد ظهرت تغيرات فى نيويورك مؤثرة جدا، فالأمريكيون يرون أن الأمور واعدة بالنسبة لسد النهضة، وأنهم يحاولون بناء الثقة بين الأطراف، وإيجاد الحلول التقنية، وحددوا أنهم يرون الفوائد الإيجابية فى التوصل إلى اتفاق يعالج مطالب كل الأطراف.. وسامح شكرى (رئيس الدبلوماسية المصرية) حدد مطالب القاهرة الوجودية، بل قفز إلى ما تعانيه مصر من عجز فى احتياجاتها المائية يقدر بـ ٧٠ مليار متر مكعب فوق حصتها التاريخية، وهذا طرح واقعى، بل رؤية جديدة لمعالجة هذه القضية بكل جذورها. كل المؤشرات القادمة من نيويورك مبشرة بتمسك الأطراف بالتوصل إلى اتفاق توافقى بين مصر، والسودان، وإثيوبيا لضمان حصتى مصر والسودان السنوية من مياه نهر النيل، وسلامة السد الإثيوبى.
نقلا عن "الأهرام"
