المغرب والحلف الأمريكي-الإسرائيلي.. مكاسب سياسية وخسائر لأوراق استراتيجية


تبحث الدول عن تموضعات جديدة في عالم الغد الذي بدأت ملامحه في التشكل، بما يخدم مصالحها الاستراتيجية وسيادة قراراتها السياسية والاقتصادية، حيث ترسم التحولات الدولية الكبرى، مسارا جديدا في السياسة الخارجية للمغرب، ما يدفع إلى نسخ أسئلة وطرحها للنقاش عن موقع المغرب من هذا المخاض، لا سيما في سياق تصاعد التوتر والمنافسة بين روسيا والصين من جهة وأمريكا وإسرائيل من جهة ثانية.

 

أواخر العام 2020، تاريخ أعاد فيه المغرب تقييم شراكاته واختار محمّلا بثقل ملف الصحراء إلى التموقع بين ظهرانيي الحلف الأمريكي-الإسرائيلي، إذ اعترف الرئيس الأمريكي وقتها دونالد ترامب بمغربية الصحراء مقابل تطبيع الرباط علاقاتها بتل أبيب، هذه الأخيرة التي شغّلت زر السرعة في شراكاتها الاقتصادية والعسكرية مع المغرب، حيث استفادت المملكة من صفقات أسلحة متطورة شكلت نقلة نوعية في رصدها للتحركات العسكرية لجبهة البوليساريو في المناطق العازلة.

 

مغاربة كُثر وضعوا ملفيّ الإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء والتطبيع مع إسرائيل على الميزان، متسائلين عن جدوى المكاسب السياسية ما دامت الإدارة الأمريكية لم تفعل وعدها بتدشين سفارتها بالأقاليم الجنوبية ولا حتى صانعوا القرار السياسي في تل أبيب لم يعترفوا علانية بسيادة الرباط على كامل ترابها جنوبا.

 

اعتراف وتطبيع

 

تفاعلا مع الموضوع، يقول عبدالعالي الكارح أستاذ القانون العام، إنه بعد مرور عامين على الاعتراف التكتيكي بمغربية الصحراء المشروط بتطبيع المغرب لعلاقاته بالكيان الإسرائيلي، لا يمكن وصف الأمر بأنه انتصار تاريخي للقضية الوطنية، بحيث أن هذا الاعتراف بقي حبيس الرفوف في الإدارة الأمريكية ولم تعمل به الإدارة الحالية التي أكدت في أكثر من مناسبة على ضرورة احترام الإرادة الدولية المتعلق بالنزاع المفتعل وضرورة جلوس أطراف النزاع بمن فيهم جبهة البوليساريو لإيجاد تسوية سلمية للملف، بل إن الكونغرس الأمريكي اعترض على بيع المغرب بعض الأسلحة.

 

 المنهجية التي كان المغرب قد اعتمدها في علاقاته الخارجية القائمة على مبدأ تعدد الشراكات، ستعرف تغيرا واضحا مع تدخل الإدارة الأمريكية عند نهاية ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من أجل وقف هذا التوجه معتمدة على بعض اللوبيات المالية والاقتصادية المغربية الموالية لأمريكا، ومستغلة قضية الصحراء التي تشكل أساس التحرك في السياسة الخارجية للمغرب، يضيف المحلل السياسي في حديثه لـ”الايام 24″.

 

ووصف المتحدث ما تشهدته الدبلوماسية المغربية خلال السنين الأخيرة في اتجاه أمريكا وإسرائيل، بالتحول الفجائي، مشيرا إلى أن الأوساط الرسمية المغربية تعتبر التحول عنصر قوة إضافي لتأكيد سيادة المغرب على صحرائه، واعتماده كنقطة ارتكاز في تشدد المغرب في علاقاته بدول الجوار الأوروبي، لكن هذا الأخير لا ينظر بعين الرضى لهذا التوجه، خاصة من قبل فرنسا الدولة القوية في الاتحاد الأوروبي والتي أقدمت على الكثير من الأعمال العدائية اتجاه المغرب كردة فعل على هذا التوجه ابتداء من منع الفيزا على المواطنين المغاربة، إلى إعلان نيتها بسحب مشاريعها من المغرب.

 

مستنقع الحلف الأمريكي الإسرائيلي

 

المغرب كان سباقا وفق مراقبين في قراءة التحولات على الرقعة السياسية الدولية وذلك مع بداية العشرية الاولى من الالفية الثالثة حين اعتمد استراتيجية تعدد الشراكات الاقتصادية والتجارية حتى لا يبقى سجينا للاتحاد الأوروبي وفرنسا بالخصوص، ترجمته الزيارات المتبادلة على أعلى مستوى بين المغرب والصين وروسيا وما استتبع ذلك من استعداد متبادل لعقد شراكات استراتيجية واتفاقات استثمارية وتجارية واعدة شجع على ذلك إدراك كلا الدولتين للموقع الجيو استراتيجي للمغرب كبلد مطل شمالا على ممر التجارة العالمية جبل طارق وفي جنوبه على بلدان جنوب الصحراء إفريقيا.

 

إن حصر المغرب لعلاقاته الخارجية مع أمريكا حاملة الشعار الشهير ” أمريكا اولا ” ، وإسرائيل،  يعد عنصر ضعف في السياسة الخارجية للمغرب وليس عنصر قوة بعد أن وضع نفسه بين المطرقة الأمريكية والسندان الأوروبي. هذا في الوقت الذي تتجه فيه معظم دول العالم النامي إلى تبني استراتيجيات بديلة تقطع من خلالها مع الموروث الاستعماري للغرب الأطلسي وتعمل على عقد شراكات استراتيجية مع القوى الصاعدة في شرق الكرة الأرضية، بل إن البعض منها عبر عن رغبته في الانضمام إلى التكتلات الاقتصادية الشرقية الصاعدة.

 

هذا التوجه الدبلوماسي للمملكة في الانخراط الكلي مع الحليف الأمريكي الإسرائيلي، وضع المغرب في مواقف تبدو عدائية بالنسبة لروسيا وتجاه التكتل الشرقي كحضورها في مؤتمر الدول المانحة لأوكرانيا، ومشاركته في المناورات الأطلسية على الحدود الروسية السنة الماضية، في الوقت الذي يتصاعد فيه حضور كل من الصين وروسيا على حساب الغرب الأطلسي في كل من إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، يمكن أن يكون له أثر سلبي على القضايا السيادية السياسية والاقتصادية للمغرب الذي فقد بالنسبة إليهم صفة الشريك الموثوق.

تاريخ الخبر: 2022-09-26 18:18:46
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 68%
الأهمية: 74%

آخر الأخبار حول العالم

بانجول.. افتتاح سفارة المملكة المغربية في غامبيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 00:26:27
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

بانجول.. افتتاح سفارة المملكة المغربية في غامبيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 00:26:34
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية