تأثير الين الضعيف في الشركات اليابانية ليس كالسابق | صحيفة الاقتصادية


انخفض الين الياباني بمقدار الخمس مقابل الدولار هذا العام، لكن التحولات الواسعة في اقتصاد الدولة تعني أن تأثيره في الشركات اليابانية أكثر تفاوتا بكثير من المرة السابقة التي تم فيها تداول العملة عند هذه المستويات الضعيفة قبل 24 عاما.
لطالما كافحت الشركات اليابانية لمضاهاة القدرة التنافسية من حيث التكلفة للمنافسين في الصين وكوريا الجنوبية في تصنيع المنتجات في سوقها المحلية، بعد أن تحملت تاريخيا عملة قوية إضافة إلى ارتفاع فواتير الكهرباء وتكاليف العمالة.
يتغير المشهد الآن مع انخفاض الين 20 في المائة هذا العام مقابل الدولار، حيث وصل إلى أدنى مستوى عند 145 ينا الأسبوع الماضي. وصل سعر الصرف الفعلي الحقيقي، وهو مقياس لقوة العملة مقابل عملات الشركاء التجاريين بعد التعديل، وفقا لمستويات الأسعار، إلى أدنى مستوى له منذ 1970، وفقا لبيانات بنك اليابان.
زادت اليابان الأسبوع الماضي حدة تدخلها اللفظي ضد الين الضعيف. تواصل بنك اليابان مع البنوك للتحقق من أسعار العملات، فيما كان في الماضي مقدمة لتدخل في السوق، بأمر من وزارة المالية في الدولة.
في حين إن المسؤولين قد يكونون أكثر قلقا بشأن الين الضعيف، فإن تأثيراته أكثر دقة الآن مما كانت عليه في الأعوام الماضية.
تاريخيا، كان الين الضعيف نعمة للشركات اليابانية. دعم الين الضعيف قطاع التصدير الواسع في الدولة عبر جعل البضائع اليابانية أرخص للمشترين الأجانب. مع ذلك، تغيرت الشركات اليابانية منذ المرة الأخيرة التي كان فيها الين رخيصا إلى هذا الحد في 1998. تحول تقريبا ربع التصنيع إلى الخارج وانهارت الآن الروابط القديمة مع سعر صرف كان سائدا في السابق.
قال نيكولاس سميث، الخبير الاستراتيجي الياباني في شركة سي إل إس أيه، "مقارنة بالمنافسين الآسيويين، لم تكن اليابان تنافسية أبدا من حيث التكلفة كما هي الآن"، مضيفا أن "سعر الصرف الفعلي الحقيقي للصين تضاعف تقريبا منذ 1994 بينما كانت اليابان في انخفاض طويل الأجل. لم يمر وقت أبدا كانت فيه اليابان تنافسية في الأسعار كما هي حاليا مقارنة بكوريا الجنوبية".
فيما يلي خمس دراسات حالة تظهر كيف أن للين الضعيف الآن تأثيرا أكثر دقة في اقتصاد اليابان الذي تبلغ قيمته خمسة تريليونات دولار.
كان الين الضعيف بالنسبة إلى شركة سوني، بمجموعة أعمالها المتنوعة، نعمة ونقمة في الوقت نفسه. بدأت المجموعة اليابانية للأجهزة الإلكترونية والألعاب الرقمية الاستعانة بمصادر خارجية لإنتاج وحدات تحكم بلايستيشن والمنتجات الإلكترونية الاستهلاكية في العقود القليلة الماضية. بالنسبة إلى هذه الأعمال، يعد الين الضعيف سلبيا لأنه يزيد من تكاليف التصنيع المقومة بالدولار وكذلك أسعار المواد الخام والأجزاء المشتراة بالدولار. أدى ذلك إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار أجهزة بلايستيشن 5 الشهر الماضي.
لكن بالنسبة إلى أجهزة استشعار الصور التي واصلت "سوني" تصنيعها في اليابان لبيعها لشركة أبل وغيرها من الشركات المصنعة للهواتف المحمولة، فإن انخفاض الين يعزز صادراتها الخارجية. بشكل عام، كان التأثير الصافي للعملة "إيجابيا بعض الشيء" فقط للأعمال الثلاثة للمجموعة.
قال بيلهام سميثرز، محلل في شركة سوني "لا يزال تأثير الين الأضعف موجودا، لكن من الواضح أنه ليس كما كان".
تصنع شركة هويا المتخصصة في عدسات النظارات جميع منتجاتها تقريبا خارج اليابان. مع تحقيق الشركة نحو 75 في المائة من مبيعاتها خارج سوقها المحلية، فإنها تستفيد من الين الضعيف عندما تتم إعادة الأرباح المحققة في الخارج إلى البلاد وتحويلها إلى الين. في الواقع، كانت المكاسب كبيرة بما يكفي لدرجة أن "هويا" أعلنت برنامج إعادة شراء أسهم بقيمة 60 مليار ين بعد أن أعلنت زيادة تبلغ 17 في المائة على أساس سنوي في صافي الأرباح للربع الممتد من نيسان (أبريل) إلى حزيران (يونيو).
قال ريو هيروكا المدير المالي للشركة، عندما سئل عن إعادة شراء الأسهم "نحتفظ بكثير من أموالنا بالعملة الأجنبية، لذلك عندما كانت هناك زيادة في أساس الين، قررنا أنه ينبغي أن نسدد لمساهمينا عندما نتمكن من ذلك".
من جانبه، قال داميان ثونج، محلل في شركة ماكواري، "إن السؤال الكبير هو إذا ما كانت الشركات ستستمر في إعادة الأموال إلى البلاد. إذا قررت الشركات اليابانية عدم الاستثمار في اليابان عن طريق إعادة الأموال للاستفادة من القدرة التنافسية الاقتصادية المتزايدة لليابان، وقررت استخدامها في عمليات الاندماج والاستحواذ أو لبناء مصانع في الخارج، فيمكن أن يظل الين تحت الضغط دون أي منفعة للاقتصاد الياباني"، حسبما أضاف.
ارتفعت نسبة الإنتاج الخارجي لشركات التصنيع اليابانية من 3.8 في المائة في المتوسط في 1990 إلى 17 في المائة في فترة ما بعد الأزمة المالية العالمية في 2008 إلى 2012 وإلى أكثر من 22 في المائة أخيرا. اتخذت هذه القرارات الشركات المصنعة التي استفادت تاريخيا بشكل أكبر عندما أدى الين الضعيف إلى تحسين القدرة التنافسية لمنتجاتها.
من بين الشركات المصنعة للسيارات، كانت "هوندا" واحدة من أكثر الشركات جرأة في سعيها لنقل أعمالها إلى الخارج في صناعة السيارات اليابانية، حيث ارتفعت نسبة إنتاجها في الخارج من 68 في المائة في 2008 إلى 85 في المائة العام الماضي. نتيجة لذلك، أدى انخفاض قيمة الين بمقدار ين واحد مقابل الدولار إلى زيادة أرباحها التشغيلية بمقدار عشرة مليارات ين "70 مليون دولار"، مقارنة بدفعة تعزيزية تبلغ نحو 20 مليار ين حصلت عليها قبل 15 عاما.
لم يتم اتخاذ قرارات نقل الأعمال إلى الخارج، بشكل عام، سعيا وراء عمالة أرخص بل لتلبية متطلبات العملاء في الأسواق الخارجية بشكل أكثر فاعلية. على هذا النحو، من المرجح أن تستمر عملية النقل إلى الخارج مع استمرار انكماش الأسواق المحلية في اليابان. قال كويشي سوجيموتو، محلل في شركة ميتسوبيشي يو إف جيه مورجان ستانلي سيكيوريتيز "لا يمكن أن تكون أسعار الصرف عاملا مهما لاختيار موقع الإنتاج. هناك حاجة لإنتاج مليون سيارة على الأقل لإطلاقها في السوق للحفاظ على تكنولوجيا الإنتاج".
حتى مع المنفعة الضئيلة للين الضعيف، رفعت "هوندا" توجيهاتها السنوية الشهر الماضي حيث ساعدت الرياح المواتية للعملة على تعويض الارتفاع في تكاليف المواد الخام. لا تزال الشركات تتصارع مع اضطرابات سلسلة التوريد والتباطؤ في الاقتصاد العالمي، لكن المحللين يقولون "إن حالة (هوندا) تشير إلى وجود مجال أكبر للتحسينات في الأرباع السنوية المقبلة للشركات اليابانية".
في وقت سابق من هذا العام في أبريل، حذر تاداشي ياناي، الرئيس التنفيذي لشركة فاست ريتيلنج التي تمتلك علامة "يونيكلو"، من أن الين الضعيف "ليس له أي ميزة على الإطلاق". ربما كان هذا صحيحا قبل 15 عاما عندما كانت أعمال "يونيكلو" محلية بشكل أساسي. لكن نظرا لأن متاجر "يونيكلو" تحقق حاليا نحو نصف أرباحها السنوية خارج اليابان، فإن انخفاض الين بمقدار ين واحد مقابل الدولار يزيد من أرباحها بمقدار 1.2 مليار ين عند إعادتها إلى البلاد. لا تزال تكاليف المواد المستوردة أعلى مع هذا الانخفاض مقابل الدولار، ما أدى إلى محو أربعة مليارات ين من أرباح "يونيكلو".
نظرا لأن أكبر شركة لبيع الملابس بالتجزئة في آسيا قد استخدمت أدوات تحوط تسمى عقود الصرف الآجلة، فإن الين الأضعف سيبدأ في التأثير سلبا بشدة في 2024. لهذا، بالنسبة إلى العام المالي الذي انتهى في أغسطس، تتوقع المجموعة أرباحا قياسية. بالمضي قدما، أعلنت "يونيكلو" بالفعل زيادات في أسعار بعض منتجاتها ومن المتوقع أن تزداد مبيعاتها في الخارج. قال تاكاهيرو كازاهايا، محلل في بنك كريدي سويس "من الخطأ افتراض أن أداء جميع تجار التجزئة سيكون سيئا نتيجة الين الضعيف".
تولد شركة نيتوري التي تبيع الأثاث بأسعار منخفضة معظم مبيعاتها في اليابان، لذا فإن تأثير الين الأضعف سلبي بسبب ارتفاع تكلفة المواد المستوردة. حتى نهاية هذا الشهر، لدى الشركة عقود صرف أجنبية آجلة محددة سعر الدولار مقابل الين عند 115 ينا. لكن بالنسبة إلى بقية العام المالي حتى نهاية فبراير، ستشتري "نيتوري" المواد بأسعار السوق، حيث افترضت أن الين سيرتفع بحلول نهاية العام بسبب الركود في الولايات المتحدة. يؤدي انخفاض قدره ين واحد مقابل الدولار إلى انخفاض أرباحها بمقدار ملياري ين. بشكل مشابه لـ"يونيكلو"، يمكن أن ترفع الأسعار أيضا لتعويض ارتفاع فاتورة الاستيراد.
قال كازهايا "إن زيادة الأسعار تطرح مشكلتين: المشكلة الأولى هي إذا ما كانت المنتجات ستباع إذا حولت (نيتوري) التكاليف إلى المستهلكين، والمشكلة الثانية هي التأخير حتى تتمكن من تحويل التكاليف". هذا التأخير طويل بشكل خاص بالنسبة إلى "نيتوري" لأنها ستحتاج إلى بيع جميع منتجاتها القديمة قبل أن تتمكن من رفع سعر أثاثها الجديد. في كلتا الحالتين، لن يكون أمام الشركة خيار سوى نقل بعض التكاليف إلى المستهلكين.
 

تاريخ الخبر: 2022-09-29 03:23:06
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 33%
الأهمية: 49%

آخر الأخبار حول العالم

استئناف مرتقب لجولة المحادثات بالقاهرة حول الهدنة في غز

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:58
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 67%

بطولة السعودية.. ثلاثية الـ "دون" تخرق بريق الصدارة الهلالية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:26:07
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 57%

رشق إيريك زمور بالبيض خلال حملته الانتخابية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

المقابر الجماعية في قطاع غزة على طاولة مجلس الأمن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:53
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 58%

توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:03
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

رشق إيريك زمور بالبيض خلال حملته الانتخابية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:39
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 54%

المقابر الجماعية في قطاع غزة على طاولة مجلس الأمن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:46
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 67%

بطولة السعودية.. ثلاثية الـ "دون" تخرق بريق الصدارة الهلالية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:26:01
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 60%

استئناف مرتقب لجولة المحادثات بالقاهرة حول الهدنة في غز

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:54
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية