المقنع الخراساني
هاشم بن حكيم الذي تلقب بالمقنع الخراساني وكان رجلا دميما فقام بإخفاء وجهه وراء قناع من المضى، ووضع بتر من الحرير الأخضر مكان العينين في القناع. ادعي الألوهية ونطق بتناسخ الأرواح، واجتمع اليه عدد كثير من الناس كانوا يسجدون له، وجمع المقنع بين عقائد الرزامية التي كان ينتمي إليها أول أمره وعقائد الخرمية، إذ اباح لأتباعه الحرمات وأسقط عنهم الفرائض وسائر العبادات.
ظهوره وبدايته
هوهاشم بن حكيم، وقيل عطاء ولكن الاسم الأول هوالأرجح، وكان من أهالي مروبخراسان. كان أبوه أحد القادة في خراسان أيام الخليفة المنصور، كان غاية في الذكاء، وكان - علي أغلب الأراء - يمارس أنواع من السحر والشعوذة كان لها أكبر الأثر في اجتزاب عدد كبير من الناس اليه، ومن الأعمال التي تثبت براعته في اعمال السحر انه اظهر للناس صورة قمر يطلع ويري من مسافة شهرين من المسيرة، وفي هذا القمر يقول ابي العلاء المعري:
ويقول أبوالقاسم هبة الله بن سناء الملك الشاعر:
عمل في قيادات خراسان أيام أبي مسلم الخراساني, ثم صار محررا لعبد الجبار الأزدي, أمير خراسان وأسر معه حين قبض عليه وأوفد إلى بغداد ثم أطلق وعاد إلى مرو. كان يستخدم انعكاس الشمس في المرايا ليضفي علي نفسه النور حين ألحوا في رؤيته، وينطق إنه اتخذ قناع من مضى يستر وجهه، وكان تعليله لذلك حتى الناس لا يستطيعون تحمل نور وجهه فلهذا اتخذه لكي لا يحترقوا بنور وجهه، ولكن السبب الحقيقي لذلك وفقا للمؤرخون المسلمون إنه كان يخفي به وجهه القبيح حيث كان أعور, أصلع, مشوه الخلق, في غاية القبح, فأخفى وجهه عن الناس، والناس هم الذين سموه بالمقنع.
ممضىه وانادىئاته
ادعي في بداية حركته بإن أبي مسلم الخراساني لم يمت، وزاد علي ذلك حتى الإمامة لم تنتقل من أبي العباس السفاح إلي أبي جعفر المنصور بل انتقلت إلي ابي مسلم الخراساني، وبذلكقد يكون أبوجعفر المنصور مغتصبا للخلافة من ابي مسلم، ولذلك فقد عجل بالتخلص منه، وأن أبا مسلم طلب من الحكيم بطريق الوحي ان ينتقم لمقتله.
وبعد حتى زاد أتباعه غير آرائه ونطق إذا روح الآلهة كانت في آدم ولذلك سجدت له الملائكة، ثم تحولت إلي ابنه شيث، ثم إلي نوح، ثم إلي ابراهيم، ثم إلي عيسي، ثم إلي محمد -صلي الله عليه وسلم-، ثم إلي علي بن أبي طالب، ثم إلي محمد بن الحنفية، ثم إلي أبي مسلم الخراساني، وأخيرا استقرت في المقنع.
كان يقول بالرجعة وأنه سيعود إلى الأرض لنشر العدل، ومن اجل زيادة عدد اتباعه أسقط كافة الفرائض عنهم من صلاة وصوم وألغى الحلال الحرام، وأعرب التعاليم المزدكية من إباحة المال والنساء وطبقها على أتباعه، واكتفي منهم بأن يسجدوا له لدي رؤيته في اي مكان فأطاعوه، وكانوا يسجدون له بعد حتى اقنعم بذلك من خلال زعمه بتأويل الآية الكريمة (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبي)، ويفسر ذلك بقوله إذا الشيطان استحق لعنة الله لأنه لم يسجد لله المتحول في صورة آدم التي انتقلت اليه بعد مقتل ابي مسلم، فوجب له السجود، وإلا تعرض الرافض لسخط واللعنة وسوء الطالع، فأنضم اليه كثيرون من الصغد وبخاري وغيرهما مما وراء النهر، وكانوا ينادون في المعارك (يا هاشم أعنا). وكان يعتقد حتى أبا مسلم أفضل من النبي وكان ينكر اغتال يحيى بن زيد وادعى أنه يقتل قاتليه.
موقفه من الخلافة العباسية ونهايته
فلما اشتدت شوكته قام علي رأس اتباعه بالخروج علي الخلافة العباسية، وتحالف مع الهجر ضد العباسيين, وأباح لأتباعه دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، انتشرت ثورته في خراسان وعبرت نهر جيحون إلى ما وراء النهر واتخذ المقنع مركزه في قلعة بجبال سنام قرب مدينة (كش) قريبا من بخارى وكانت قلعة منيعة عز تسلقها وأخذ يبتر الطريق ويسلب القوافل وينهب القرى ويسبي المسلمين وأبناءهم، وسار إلي سجستان فاستولي علي بعض قصورها، وقتل حسان بن نصر بن سيار، فأنفذ اليه المهدي جيشا كبيرا، فحاصر المقنع ومعه أنصاره وأعوانه وقد بلغ عددهم حولي ثلاثين ألفا، وحين يئس المقنع من فك الحصار عن الحصن، جمع نساءه فسقاهم شرابا مسموما فماتوا وقتل غلمانه، وأوقد تنورا أذاب فيه النحاس والقطران وألقى بنفسه فيه بعد حتى تناول السم، فأحترق واختفي وادعي اصحابه أنه لم يمت بل حمل إلي السماء.
المصادر
- ويكيبيديا
المراجع
- ابن الأثير 6/ 38.
- الفخري في الآداب السلطانية ص/ 132.
- الأعلام 5/ 29.
- البيروني، الآثار الباقية عن القرون الخالية ص/211.
- الفرق بين الفرق ص/ 256.
- وفيات الأعيان 3/263.
- البداية والنهاية 10/ 145.
- العبر 1/240.
- التبصير في الدين ص/ 114.
- البدء والتاريخ للمقدسي 6/ 96- 98.
- ابن خلدون 3/ 439.
- الطبري 9/338.
- شذرات المضى 1/248.
- بروحدثان: تاريخ الشعوب الإسلامية ص/ 182
- أ.د محمود عهدة محمود (أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الأداب جامعة القاهرة): الدول الإسلامية المستقلة في الشرق وعلاقتها بالخلافة العباسية ص/25 - 26
- أ.د محمد بركات البيلي (أستاذ التاريخ الإسلامي والرئيس الأسبق لقسم التاريخ بكلية الأداب - جامعة القاهرة): دراسات في تاريخ الدولة العباسية ص/155 - 166