أعضاء «العفو الرئاسي» في ندوة «الوطن»: لا مساومة على الحرية.. ودمج المفرج عنهم بالمجتمع تحد كبير - تحقيقات وملفات


تشهد مصر مرحلة جديدة من الحياة السياسية ترفع فيها شعار حقوق الإنسان والديمقراطية من خلال انتهاج عدة خطوات، على رأسها إعادة تفعيل دور لجنة العفو الرئاسى، للانتهاء من ملف المحبوسين احتياطياً، وإلغاء قانون الطوارئ وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، إضافة إلى انطلاق الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية فى رمضان الماضى.

وتبذل لجنة العفو الرئاسى جهوداً كبيرة من أجل إعادة الحرية للسجناء السياسيين فى مصر، خاصة سجناء الرأى والتعبير، تعزيزاً لحقوق الإنسان وتوسيع قاعدة المشاركة بالحوار الوطنى، لتبعث بذلك رسائل ارتياح للأطراف السياسية المختلفة، ولم تكتف اللجنة بتسهيل خروج السجناء فقط، بل سعت إلى إعادة دمجهم فى المجتمع مرة أخرى، بتنفيذ عدد من الإجراءات لإعادة البعض لأعمالهم أو توفير فرص عمل، وعودة الطلبة إلى دراستهم، لتكون بداية الطريق نحو تدشين الجمهورية الجديدة التى يشارك بها الجميع.

«الوطن» استضافت 3 من أعضاء لجنة العفو الرئاسى فى ندوة موسعة استمرت قرابة ساعتين، وتطرقت خلالها إلى عدة محاور وقضايا عامة، على رأسها ملف إعادة دمج المحبوسين احتياطياً، وإعادة الطلبة المفصولين لدراستهم، واقتراح تعديل بعض التشريعات لدمج المُفرج عنهم، كما ناقشت اللجنة مدى صلاحية البرلمان فى إصدار عفو شامل وفقاً للدستور، فضلاً عن بحث بدائل وتعديلات الحبس الاحتياطى ووضعها على طاولة الحوار الوطنى. وشارك فى ندوة «الوطن» كل من طارق الخولى، عضو لجنة العفو الرئاسى وعضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، والمحامى طارق العوضى، عضو لجنة العفو الرئاسى، وكريم السقا، عضو لجنة العفو الرئاسى.

وأشاد المشاركون فى مستهل الندوة بمواقف جريدة «الوطن» المهنية والوطنية، فى مناقشة وعرض أهم القضايا السياسية والحقوقية، مؤكدين أهمية مشاركة المجتمع والقطاع الخاص فى إعادة دمج المُخلَى سبيلهم، وتوفير الوظائف الملائمة لهم، والمشاركة فى الحوار الوطنى بشكل جاد، من أجل التوافق حول مخرجات محددة فى كافة الملفات، بما يضمن نجاح الحوار، كما أشادوا بتسريع وتيرة خروج قوائم العفو، وتتابعها على فترات متقاربة خلال الأيام الأخيرة، مطالبين المجتمع بتسهيل مهمة إعادة دمج المُفرج عنهم، وتغيير فلسفة النظرة المجتمعية لهم.

الفئات ذات الأولوية والفئات المحظور شمولها بالعفو

بدأت «الوطن» ندوتها بمحور الفئات المحرومة بشكل نهائى من العفو الرئاسى، والفئات التى ستكون على رأس القوائم القادمة للجنة ولم يسبق أن كانوا ضمنها، وأكد أعضاء اللجنة أن قوائم العفو لا تشمل الجماعات المحظورة الإرهابية، أو مَن تلوثت أيديهم بدماء المصريين، وأن اللجنة تمارس دورها بما لا يضر بالأمن القومى للبلد، وتحقيق مبادئ حقوق الإنسان، خاصة بعد أن عاشت مصر فترة عصيبة من الانفلات الأمنى وعدم الاستقرار السياسى، التى شهدته قبل ثورة 30 يونيو، موضحين أن الدولة استعادت هيبتها من جديد وعاد الأمن والأمان للمواطن والشارع، بعد فترة من الفوضى وغياب الوعى.. وإلى تفاصيل الندوة:

«السقا»:

إعادة المُفرج عنهم للعمل والدراسة فكرة الرئيس السيسى منذ 2016.. وتأخر دمجهم يحولهم لقنابل موقوتة

فى البداية أكد كريم السقا، عضو لجنة العفو الرئاسى، أن اللجنة لديها خط أحمر فى أعمالها، وهو عدم إدراج مَن تلوثت أيديهم بالدماء، والمدرجين ضمن الجماعات الإرهابية، وكل من خطط أو نفذ عمليات إرهابية، فهذا هو المعيار الأساسى الذى يحكم عمل اللجنة، مشيراً إلى أن قوائم العفو تشمل جميع المحبوسين على ذمة قضايا رأى وتظاهر، وقضايا بعيدة عن العنف والدماء، إلى جانب بعض الفئات الأخرى كالغارمين والغارمات.

وتابع عضو لجنة العفو: عمل اللجنة يتم من خلال عدة مراحل، بداية من تسلم طلبات العفو، وبناء عليه يستكمل الأعضاء المعلومات، ثم تبدأ عملية الفلترة، ثم إرسال القوائم إلى مؤسسة الرئاسة، وبناء على قرار الأجهزة الأمنية، تصدر قرارات العفو الرئاسى.

ووجّه «السقا» الشكر إلى كل الجهات والمؤسسات والأطراف المعنية بهذا الملف على رأسهم رئاسة الجمهورية والنيابة العامة ووزير الداخلية، موضحاً أن هناك حالة من الانسجام فى التعامل مع ملف المحبوسين الاحتياطيين بين الأطراف المعنية.

حقوق الإنسان جزء أساسى من أى حوار سياسي.. والبعض يختزلها فى الرأي فقط 

طارق الخولى، عضو لجنة العفو الرئاسى، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، قال إن الدولة المصرية مرت بسنوات وفترات كانت صعبة للغاية، إذ شهدت اختلافات فى الرأى حول خارطة المستقبل فى أوقات متعددة، ما أدى إلى أن البعض وضع نفسه تحت طائلة القانون فى عدد من القضايا، منها خرق قانون التظاهر بشكل سلمى، ونشر أخبار كاذبة، وغيرها من القضايا محل النظر من قبل لجنة العفو الرئاسى بعد استقرار الدولة المصرية.

وأضاف عضو لجنة العفو: «الدولة قطعت شوطاً كبيراً فى مكافحة الإرهاب بتضحيات أبطال الجيش والشرطة والمدنيين، وبعد فترة من الاستقرار تم اتخاذ عدد من الإجراءات، منها إلغاء حالة الطوارئ، وإصدار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، لافتاً إلى أن الحوار الوطنى لم يبدأ مع الدعوة الأخيرة التى تركز على الحوار بين كل القوى السياسية، والمجتمع بشكل عام، وإنما بدأ مع إطلاق المؤتمر الأول للشباب الذى خرجت منه لجنة العفو الرئاسى عقب نقاش دار خلال جلسات المؤتمر».

«الخولى»: فلسفة الرئيس السيسي بعمل لجنة العفو هى الرغبة فى منح المُفرج عنهم فرصة جديدة للاندماج فى المجتمع

وتابع «الخولى»: «هذا الحوار أيضاً خرج من رحم حوار وطنى موجود نجم عنه دعوة الرئيس لإعادة النظر فى حالات الشباب المحبوسين فى قضايا ذات خلفية متعلقة بحرية الرأى والتعبير، وكانت المفاجأة بوجود مبادرة من الرئيس باستخدام صلاحياته الدستورية للإفراج عن الشباب، وفلسفة وجود لجنة العفو الرئاسى هى أن الرئيس يسعى من خلال اللجنة لإعطائهم فرصة جديدة للعودة والاندماج فى المجتمع، وبالتالى لم يقتصر عمل لجنة العفو فقط على تلقى الحالات وفحصها وفق معايير وضوابط محددة، وإنما أصبح يمتد إلى الرعاية اللاحقة للحاصلين على العفو الرئاسى بالدمج المجتمعى للمُفرج عنهم من خلال السعى نحو معالجة أوضاعهم الاجتماعية والإنسانية والاطمئنان عليهم بشكل كامل داخل المجتمع.

آليات تلقى طلبات العفو ومعايير القبول والاستبعاد

وعن تلقى اللجنة لطلبات عفو من قبل عناصر تابعة للجماعات المحظورة، قال كريم السقا إن اللجنة بالفعل تلقت عدداً من طلبات للعفو عن أشخاص متورطين فى أعمال عنف، البعض منهم تم القبض عليهم بأحراز متفجرات وأسلحة، ويرون أنهم مستحقون للعفو، كما تلقت اللجنة بعض الطلبات لأشخاص منضمين لجماعات شديدة الخطورة، ولكن بالتأكيد تم استبعاد تلك الطلبات، فلم تنظر اللجنة إلى مثل هذه الطلبات، ولا يمكن لأعضائها أن يكونوا سبباً فى خروج مَن تلوثت أيديهم بدماء المصريين، أو أى شخص يمثل تهديداً على المجتمع المصرى.

وانتقالاً إلى الحديث عن أهمية إعادة دمج المُفرج عنهم فى المجتمع، قال طارق الخولى إن العمل على الدمج المجتمعى يبدو من الخارج بسيطاً، من خلال نظر الحالات التى خرجت بالفعل ومساعدتها، لكن عند الاستغراق فى التفاصيل نجد العديد من التحديات، أولها أن لكل حالة ظروفها ووضعها الخاص، وبالتالى الاحتياجات مختلفة تماماً، والجزء الثانى أن اللجنة تتعامل مع أشخاص من الممكن أن يكونوا قد فُصلوا من عملهم وفق لوائح معينة، وبالتالى تصعب إجراءات العودة، وهذا يمثل تحدياً كبيراً.

واستكمل «العوضى» قائلاً: «الطلاب الذين تعرضوا للفصل من الجامعات، لا تسمح اللوائح الجامعية بعودتهم مرة أخرى، وهذا تحدٍّ آخر، وهناك بعض الحالات التى لا تمتلك عملاً قبل تعرضها للحبس، وبالتالى يكون دور اللجنة هنا إيجاد فرصة عمل وليس تسهيل عودتهم للعمل».

استقبال المجتمع للمُخلى سبيلهم

وأشار «الخولى» إلى أن الجانب الآخر هو فلسفة المجتمع ونظرته للمُفرج عنهم، وهنا نتحدث عن استقبال المجتمع للمُخلى سبيلهم، بعد خروجهم من السجون، وكيف يجب عليه أن يحتضنهم، ويتقبلهم مرة أخرى، سواء كان القبول اجتماعياً، أو إنسانياً، وهذه هى النقطة الأهم، التى يجب التحدث فيها كثيراً من خلال الإعلام، لأن المجتمع يجب أن يتقبل كل المُفرج عنهم وهذا أمر ينعكس فى طريقة التعامل معهم، فهذا جزء مهم يقع عليه عامل نفسى مهم وحاسم بالنسبة للمُفرج عنهم، وضرورى لمساعدته على الاندماج مرة أخرى.

وأوضح عضو لجنة العفو أن عدم اندماج المفرج عنهم من الممكن أن يمثل قنبلة موقوتة وخطراً عليهم، فقد يتم استقطابهم من قبل بعض الأفراد مستغلين إحباطهم، فتضيع فلسفة السعى نحو مساعدته لاندماجه فى المجتمع، مشيراً إلى أن أعضاء اللجنة يعملون حالياً على الاتصال المباشر، ومعالجة كل حالة على حدة، وفقاً لمعطياتها واحتياجاتها، وفى الوقت نفسه دراسة ما يمكن تقديمه للبرلمان، من حلول أو تعديلات تشريعية للتغلب على بعض التحديات القائمة التى تحتاج إلى تشريع.

واستكمل «الخولى» قائلاً: «من خلال عمل سابق فى 2016، كانت هناك جلسة استماع فى البرلمان الماضى، وقد نسقت مع لجنة التضامن الاجتماعى، وحضرتها لجنة العفو وقد تحدثنا عن عدد من التحديات المتعلقة بالمُفرج عنهم، كما قرأت فى هذا التوقيت عن بعض تجارب الدول الأخرى التى أصدرت تشريعات لدمج المُفرج عنهم داخل المجتمع، وكان من شأنها تذليل كافة العقبات أمام المُفرج عنهم فى اندماجهم بشكل كامل اقتصادياً واجتماعياً وإنسانياً».

وأكد «الخولى» أنه من الممكن من خلال الممارسة العملية الخروج بعدد من النقاط والتوجه بها إلى البرلمان لبحث إمكانية التعامل معها، كما أنه من المحتمل أن تكون تلك النقاط جزءاً من حالة الحوار الوطنى القائمة الآن من إيجاد كافة البدائل، متابعاً: «من الممكن على امتداد حديثنا أن نتكلم عن الحبس الاحتياطى كجزء أساسى ورئيسى، فمواد الحبس الاحتياطى فى قانون الإجراءات الجنائية من الأمور التى تشهد اختلافاً وجدلاً قانونياً، ليس فقط فى مصر بل فى كثير من بلدان العالم».

تحديات فى طريق دمج المُفرج عنهم فى المجتمع

ومن جانبه، علق كريم السقا قائلاً إن فكرة الدمج المجتمعى جاءت خلال الاجتماع الأول للجنة العفو الرئاسى مع الرئيس فى عام 2016، فبعد الحديث وشرح وجهات نظر أعضاء اللجنة، جاء طلب الرئيس ببحث إعادة دمج المُفرج عنهم، وكيفية العمل على عودتهم مرة أخرى إلى أشغالهم ووظائفهم السابقة وإلى حياتهم الجامعية والدراسة، ومن هنا بدأت فكرة عمل اللجنة على الدمج المجتمعى، لأن خروج هؤلاء الشباب دون محاولة دمجهم، قد يكون بمثابة قنبلة موقوتة، فإذا شعروا برفض المجتمع لهم يسهل استهدافهم من المتطرفين، أو غيرهم من الجهات الأخرى، أو ارتكاب بعض الجرائم التى تعيدهم إلى السجون مرة أخرى، لذلك كان لا بد من إعادة دمج المُخلى سبيلهم بشكل صحيح، وإعادتهم للحياة من جديد وتوفير فرص العمل لهم.

وتابع «السقا»: «قبل تولى الرئيس مهامه الرئاسية، قال إن ما يحدث ليس غلطة الشباب، وإنما غلطة الأنظمة السابقة، لأن الشاب من هؤلاء لم يجد حضناً يضمه، فارتضى أن يرتمى فى أى حضن يستقطبه، وهنا نتحدث على النقطة نفسها، فهذا الشاب إذا لم يجد من يحتضنه فسيسهل استهدافه».

وأوضح «السقا» أن عملية الدمج تتم من خلال فحص اللجنة جميع ملفات المفرج عنهم والتواصل معهم والوقوف على احتياجاتهم، ومدى تأثير هذا على عملهم أو دراستهم، وبناء عليه تبدأ اللجنة فى التحرك مع كل حالة على حدة، لأن لكل حالة خصوصيتها، وهنا نود أن نشير إلى حاجة الدولة بجميع مؤسساتها لتعاون استثنائى فى هذا الملف.

تواصل اللجنة مع السجناء قبل خروجهم

وفيما يخص تواصل اللجنة مع السجناء قبل خروجهم، أكد المحامى طارق العوضى، «أن اللجنة من المستحيل أن تقبل بفكرة مساومة أحد على حريته: «لا يمكن نقول له اخرج مقابل إنك تتكلم فى كذا أو ما تتكلمش فى كذا، ده أمر مرفوض لم ولن يحدث، لا بالنسبة للمحبوسين ولا الموجودين خارج السجون».

وأشار «العوضى» إلى أن هناك استحالة عملية فى زيارة الجميع فى السجون، خصوصاً أن الزيارة قد تُفهم على أنها مساومة، أو أن اللجنة تريد أن تقدم عروضاً بعينها، فإذا قبلوا بها يُفرج عنهم، وإذا لم يقبلوها يتم استبعادهم، متابعاً: «هذا أمر ننأى عنه، ولا يمكن أن نضع اللجنة فى تلك الشبهات، لكن هناك زيارات تمت بالفعل لأشخاص بأعينهم، قام بها أحد المقربين منهم، وتلك الزيارات لم يكن الهدف منها الوعد بالخروج ولا المساومة، ولكن فكرة الطمأنة أنهم موجودون فى المرحلة المقبلة، وأن اللجنة تتحدث عنهم وأن اسمهم مطروح فى القوائم المحتمل خروجها».

وشدد «العوضى» على أن اللجنة ترفض مساومة الناس على الحرية، فنحن نريد أن يخرج المواطن معتزاً بنفسه، ويدرك أن ما حدث كان مرحلة معينة بها حجم من التحديات الكبيرة والصعبة، وبمجرد انتهائها، أعلنت الدولة سلسلة من الإجراءات مثل إلغاء حالة الطوارئ، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والدعوة للحوار الوطنى، وتفعيل دور لجنة العفو الرئاسى مرة أخرى، وخروج المحبوسين بالفعل، كل ذلك أكد جدية الدولة، وعزمها بالفعل على بدء مرحلة جديدة تتسع لمشاركة الجميع فى الجمهورية الجديدة بآرائهم.

تحديات المرحلة الانتقالية

وشدد عضو لجنة العفو على رفضه التام لـ«السباب والشتائم»، لأن ذلك لا يدخل ضمن حق الرأى والتعبير، فالسباب يضع الجميع تحت طائلة القانون وفقاً لقانون العقوبات، وفى حالة التجاوز اللفظى، أو التحريض على المساس بالأمن القومى فإن هذا غير مقبول، ولا بد من مراعاة المرحلة الانتقالية، فالسلطة فى وقت من الأوقات أغلقت الباب رافضة الحديث مع المعارضة، وكان لديها عذرها وحجم من التحديات فى ذلك الوقت، وبالتالى لم يكن متاحاً لديها فتح الباب مع المعارضة.

«العوضى»: نواجه تحديا بشأن الطلاب المُفرج عنهم بسبب عدم سماح اللوائح الجامعية بعودتهم بعد تعرضهم للفصل أثناء الحبس

وتابع «العوضى»: «السلطة انتصرت فى معركتها مع الإرهاب، وحققت قدراً من التقدم الاقتصادى والنماء فى البنية الأساسية، عندما مدت يدها للمعارضة، ولا يوجد أحد من المعارضة رفض دعوة الرئيس للمشاركة فى الحوار الوطنى، وذلك يشمل كل المعارضة المدنية، حتى إن بعض الأشخاص الموجودين خارج مصر أعلنوا رغبتهم فى المشاركة بالحوار، ففى المرحلة الجديدة تحتاج الدولة إلى مواطن لديه القدرة على التعبير عن رأيه دون تهديد أو خوف من شبح الحبس، لذلك منذ اليوم الأول لعمل اللجنة وضعت معياراً أساسياً لها وهو الاهتمام بمسجونى الرأى والتعبير على اختلاف انتماءاتهم السياسية، وتوسعت اللجنة فى فكرة حق الرأى، فنشر الأخبار الكاذبة لا يندرج تحت حرية الرأى والتعبير، ومع ذلك انطبقت عليهم معايير لجنة العفو وخرج البعض من المحكوم عليهم بقرارات جمهورية، حتى إن المتهمين فى قضايا إهانة الموظف العام، تم تطبيق قرارات العفو عليهم.

وعن الشائعات التى طالت اللجنة قال عضو لجنة العفو إن الجميع أقبل على المشاركة فى الحوار الوطنى، ما أدى إلى ترويج عدد كبير جداً من الشائعات حول اللجنة وأعضائها، والمطلوب فى المرحلة المقبلة أن يكون لدينا رد فعل سريع على هذه الشائعات وهذا دور الإعلام، فالسلطة تقدم رسائل طمأنة والمعارضة جميعها شاركت فى الحوار بكافة لجانه، ومطروحة بعدد كبير، وقد قدمت مرشحيها وطرحت أفكارها، والسلطة أثبتت حسن نواياها بالإفراج عن أعداد معقولة، ومستمرة فى خروج المزيد.

احترام أحكام القضاء وضوابط قرارات العفو

وعن احترام أحكام القضاء وسيادته والصلاحيات الدستورية والقانونية التى تنظم عمل اللجنة ونوعية القضايا التى تختص اللجنة بالنظر فيها والحبس الاحتياطى، قال طارق الخولى، إنه بمتابعته لبعض التجارب المتعلقة بالحبس الاحتياطى فى بعض الدول، وجدها مسألة تحتمل النقاش فى جوانب كثيرة منها، وهى ذات جدل، حتى فى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها دار حديث بعد واقعة اقتحام الكونجرس الأمريكى، حول الأشخاص الذين تم القبض عليهم، وهل يتم حبسهم احتياطياً أم يتم احتجازهم فى المنازل، وانتهى الأمر إلى حبس البعض منهم احتياطياً بالفعل، بينما البعض الآخر تم احتجازهم منزلياً، فبالتالى الحبس الاحتياطى من الأمور محل الحديث والاهتمام فى الشارع المصرى، ومحل جدل ورؤى مختلفة عن التوسع فى بدائل الحبس الاحتياطى، والحد من استخدامه فى حالات بعينها، وخاصة المحبوسين فى القضايا المتعلقة بالإرهاب لأنهم يمثلون خطراً داهماً على المجتمع، وبالتالى فإن الأساس هو التضييق فى استخدامه لأقل نطاق ممكن، بالإضافة إلى التعامل مع المدد الخاصة به وفقاً لكل قضية أو كل حالة، وبالتالى فإنه من خلال الحوار الوطنى، وانطلاقاً من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، سيكون هناك تعامل مع مواد الحبس الاحتياطى للحد من استخدامه والتوسع فى البدائل الأخرى، فلجنة العفو من خلال عملها، دائماً تخشى أن يتحول الحبس الاحتياطى إلى عقوبة فى حد ذاته، وهو ما لا يمكن تقبله، ولا يمكن أن يتحول الحبس إلى عقوبة، ولا بد من التعامل معه بشكل يضمن أن يحقق ما وُضع من أجله، وهو إما حماية المجتمع من شخص يمثل إجراماً داهماً عليه أو يمثل خطراً على الأمن القومى، وهو الهدف من وراء الحبس الاحتياطى، أما أية حالة أخرى فيجب التعامل معها من خلال بدائل مختلفة.

ومن جانبه، قال طارق العوضى إن الصلاحيات الدستورية والقانونية محددة على سبيل الحصر، فمن حق رئيس الجمهورية من واقع الدستور إصدار قرار العفو عن الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام، أما المحبوسون احتياطياً فتمتلك النيابة العامة وحدها صلاحية الإفراج عنهم، ولجنة العفو يختص دورها بالقضايا المرتبطة بشكل أو بآخر بظرف سياسى.

وأضاف طارق الخولى أن النيابة العامة تتمتع بحق أصيل فى إخلاء السبيل، وفقاً للمناشدات التى تصل للنائب العام، لكن هناك طرفاً ثالثاً يمتلك صلاحية إصدار عفو يُسمى بالعفو الشامل وهو البرلمان، وفقاً لأحكام الدستور، فالرئيس تشمل صلاحياته إصدار العفو بعد أن تُصدر الأحكام فى صورة نهائية، أما البرلمان فمن حقه إصدار عفو شامل فى أية درجة من درجات التقاضى، ولكن هذا يجب أن يختص بمجموعة أو فترة زمنية محددة، وهنا تأتى أهمية عملية الفرز أو تطبيق المعايير من أنه يجب عدم الانتماء لفصيل إرهابى أو ارتكاب أعمال عنف، وهذا يصعب مع «العفو الشامل» كونه يصدر بقانون من البرلمان لفترة محددة أو لفئات معينة، وهذا يختلف عن دور لجنة العفو الرئاسى، لأن اللجنة تستهدف أشخاصاً بأعينهم لا ينتمون إلى تنظيمات إرهابية ولم يرتكبوا أعمال عنف.

حوار حول بدائل الحبس الاحتياطى

ومن جانبه قال كريم السقا إن أحد أهم أدوار اللجنة هو إجراء حوار حول بدائل الحبس الاحتياطى وفلسفة تعديل قانون الحبس الاحتياطى، ووضع حل جذرى لهذه القضية، خاصة بعد إلغاء قانون الطوارئ، وهذا يتيح الفرصة أمام اللجنة لنظر كافة القوانين المترتبة على قانون الطوارئ، وكيفية تعديلها، وتنظيم وضع قوانين للحبس الاحتياطى، مشيراً إلى أن هناك نقاشاً دائماً طوال الوقت، والنائب طارق الخولى، أحد أعضاء اللجنة، يعمل على تشريع خاص بالحبس الاحتياطى، كما تعمل اللجنة على جمع بعض الأفكار الأخرى من الأحزاب والحقوقيين حول البدائل التى من الممكن أن تقوم بها لتخفيف الآثار المترتبة على الحبس الاحتياطى، فالبعض يخرج من محبسه يجد أمواله مجمدة، وهناك آخرون ممنوعون من السفر، وهذه كلها آثار مترتبة تحدث العديد من الأزمات، فمعالجة ملف الحبس الاحتياطى بشكل كامل أحد أهم أدوار اللجنة، بعيداً عن النيابة العامة التى تُكن لها اللجنة كل الاحترام والتقدير على العمل الذى تقوم به.

وفيما يخص آليات التغلب على معوقات عملية الدمج، أوضح النائب طارق الخولى أن لجنة العفو تعمل على جميع الحالات التى خرجت بالفعل لإعادة دمجها، وتتواصل معهم بالاتصال المباشر، للاطلاع على حالتهم وأوضاعهم ومعالجتها بشكل فردى طبقاً لاحتياجات كل حالة، مشيراً إلى أن اللجنة قد تخرج من خلال الممارسة الفعلية، بمخرجات أو رؤية ترسلها للبرلمان، أو الحوار الوطنى، فمن خلال العمل ستضع اللجنة يدها على كيفية معالجة أوضاع الطلبة المفرج عنهم وبالتالى محاولة إعادتهم إلى الجامعة، ومن الممكن أن يحدث ذلك من خلال إجراء نقاش مع المجلس الأعلى للجامعات، وإيجاد مخرج مناسب لعودة هؤلاء الطلاب إلى الجامعة مرة أخرى، كونها من المسائل المهمة للغاية، فبالتأكيد عدم إكمال الشخص تعليمه، مسألة تصعب معها العودة والاندماج فى المجتمع بشكل كامل، فضلاً عن إيجاد فرص عمل مناسبة والتمتع بوضع اجتماعى مناسب، فبالتالى عودة الطلبة تحدٍّ مطروح أمام لجنة العفو، يجب أن يُدرس وتوضع له حلول ورؤية ونقاش مع كافة الأطراف المعنية، كما أن القطاع الخاص والمجتمع المدنى لا بد أن يلعبا دوراً فى إيجاد فرص العمل، وتساعد الأحزاب بدورها فى دعم هؤلاء الشباب للاندماج فى الحياة السياسية مرة أخرى.

لجنة العفو قوة دفع للحوار الوطنى

وتابع «الخولى»: «عمل لجنة العفو هو قوة دفع للحوار الوطنى، وهذا يتجلى من خلال تأكيد مجلس أمناء الحوار الوطنى، فى جلساته، على احترامه وتقديره لما يتم من عمليات إفراج عن المحبوسين، وبالتالى هو محل اهتمام، ويعتد به كقوة دفع رئيسية وأساسية لكافة أطراف الحوار والعملية السياسية فى إعطاء رسائل طمأنة والقدرة على الدفع نحو وجود مساحات مشتركة أكبر من الحوار، والوصول إلى رؤية متعددة تجاه القضايا المختلفة».

وفيما يخص اقتصار دور اللجنة على عودة الموظف لعمله أو استمرار المتابعة، قال كريم السقا إن هناك حالات تم عودتها للعمل بالفعل وأعلنت عن نفسها، وأن ما يواجه المفرج عنهم من عقبات فيما يخصه أو يتعلق بأسرته بسبب تداعيات فترة الحبس وأثرها، تعمل اللجنة على إزالتها، ليس فقط بإعادته إلى العمل، إذ من الممكن أن تكون هناك مشكلات أخرى متعلقة بأمور اجتماعية أو بعض المستخرجات الرسمية، أو الأوراق أو غيرها، تتعاون اللجنة على حلها، وتقدم الدعم الكامل لمعالجة أية آثار مترتبة على فترة الحبس.

وفيما يتعلق بالحوار الوطنى وأهم الملفات المنتظر طرحها من قبل أعضاء لجنة العفو على طاولة الحوار، قال كريم السقا إن الحوار الوطنى مستمر منذ بداية تولى الرئيس السلطة، من خلال مقابلة رؤساء الأحزاب، شباب الإعلاميين، رجال الأعمال، ثم تطور الأمر إلى المؤتمرات الشبابية، والاقتصادية، وبناء عليه نحن فى حالة حوار دائم، فخلال الفترة الماضية تطورت حالة الحوار بشكل أوسع لطرح حوار وطنى شامل، يتزامن مع مفهوم الانتقال لجمهورية جديدة، تحتاج إلى مبادئ وقيم ومقومات تقوم عليها، جزء منها أنها تتسع للجميع، وتحترم الرأى والرأى الآخر، وتكون هناك حالة من إدارة الاختلاف طوال الوقت، وطرح المعارضة بشكل كبير على الساحة السياسية، كونها تمثل جزءاً كبيراً من الحياة السياسية فى مصر، فعند الحديث عن دور اللجنة لا بد أن يرتبط بفكرة حقوق الإنسان، فهو جزء من أساسيات عمل اللجنة ومهامها، وحقوق الإنسان جزء أساسى من أى حوار، وبناء عليه أشارت اللجنة إلى بعض الأشياء التى من المحتمل أن تُطرح فى الحوار الوطنى، أهمها قانون الحبس الاحتياطى، وبعض القوانين الخاصة بحقوق الإنسان، وكيفية تفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وحوكمة المؤسسات والأطراف التى تتدخل فى عملية تعزيز حقوق الإنسان واحترامها، وطريقة تنفيذ بعض البرامج التوعوية بالقضايا الحقوقية، خصوصاً أن البعض مترسخ لديه أن حقوق الإنسان تتمثل فى الحق فى الرأى فقط، متجاهلين الحقوق الاقتصادية، والحق فى السكن، حق الحياة.

إنجازات لجنة العفو الرئاسى

وأوضح «العوضى» أن الحوار بين السلطة والمعارضة يُفترض أن يكون مستمراً، ولا يشترط أن يكون حواراً مباشراً، وهو ما تفعله الدول الديمقراطية السليمة، فى وقت من الأوقات، وأخشى أن يتحول الحوار إلى اتهامات متبادلة.

6 آلاف طلب للعفو تلقتها اللجنة حتى الآن.. وللبرلمان حق إصدار العفو الشامل أثناء مراحل التقاضى

وعن إنجازات لجنة العفو الرئاسى، قال طارق العوضى إن اللجنة تلقت ما يقرب من 6 آلاف طلب حتى الآن، تم جمعها بكافة وسائل الاتصال سواء من قبل أعضاء اللجنة بشكل شخصى، أو الاستمارة الإلكترونية، ومنظمات حقوق الإنسان، فهناك 7 منظمات لحقوق الإنسان جمعوا ما يقرب من 2000 طلب، كانت أسماؤهم موجودة بالفعل لدى أعضاء اللجنة.

وعلق طارق الخولى قائلاً إنه عندما بدأت اللجنة العمل كانت الأمور محددة بسقف زمنى إلى أن تم فتحه، لأنه ثبت لديهم من خلال الممارسة العملية أنهم بحاجة لمزيد من الوقت، فاللجنة تتعامل مع كل حالة بشكل فردى، فبعض الحالات تكون فى مراحل تقاضٍ معينة، وبالتالى نحتاج إلى مزيد من الوقت للتعامل معها، فينتهى عمل لجنة العفو مع انتهاء خروج آخر حالة ترد إليها وآخر حالة مستهدفة، بالإضافة إلى الانتهاء من إعادة دمج المفرج عنهم ما يستغرق المزيد من الوقت.

وأوضح «الخولى» أن فكرة التدقيق فى مراجعة كل الحالات التى تدرسها لجنة العفو تؤكد أنها لن تكون سبباً فى خروج أى شخص يمثل تهديداً على الأمن القومى للدولة، فهذه من المسائل المحسومة، فالأمن القومى خط أحمر، وليس من المسائل التى من الممكن أن تكون محل عبث أو تجربة، وهذا يستلزم التدقيق لأكثر من مرة، وأخذ المزيد من الوقت، فهذه اللجنة موجودة لتوسيع مساحة التسامح داخل المجتمع، وتعمل وفق معايير لا يختلف عليها أحد، متابعاً: «محدش أبداً يختلف إن كل مَن لم يرتكب العنف وكل من لا ينتمى لتنظيم إرهابى من الممكن أن يخرج، فلا توجد فائدة من بقائه داخل السجن، فمن الممكن استهدافه من قبل أطراف متطرفة داخل السجن، وبعد انتهاء مدته قد يخرج وهو أشبه بقنبلة موقوتة ضد المجتمع وناقم عليه، وهنا فإن خروجه سينعكس عليه بحالة من التسامح تجاه المجتمع».

تاريخ الخبر: 2022-09-30 00:20:36
المصدر: الوطن - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 00:26:34
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 00:26:28
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية