أشرف الصباغ: إعادة ترجمة الكلاسكيات فقط يعد شكل من أشكال التحجر والتضليل

تبدو إشكالية إعادة ترجمة الأعمال الكلاسيكية من الآداب العالمية أمر بديهي خاصة في ظل تطور اللغة من عصر لعصر، وذلك بجانب الحاجة إلى الاستمرارية والاتصال بين القديم والحديث، لكن الإفراط في تقديم ترجمة الكلاسيكيات فقط تحت مبررات حقوق الملكية الفكرية والهروب من ترجمة أعمال حديثة مواكبة لعصرنا يعد على حد تعبير الكاتب الروائي والمترجم أشرف الصباغ، بمثابة تحجر وتضليل وتزييف وصناعة للقطيعة، هذا ما يؤكده الصباغ  في التقرير التالي.

يقول الكاتب الروائي والمترجم أشرف الصباغ  لـ"الدستور": "لا شك أن مواصلة ترجمة الأعمال الإبداعية الكلاسيكية لكبار الكتاب من مختلف دول العالم مسألة مهمة، وتعتبر جزءًا من طرح الرؤية الكلية للثقافة الإنسانية وتدوير فكرة "وحدة المصير الإنساني". 

وبالتالي، فإعادة ترجمة الكلاسيكيات التي سقطت عنها حقوق الملكية الفكرية بفعل عامل الزمن وقوانين الملكية الفكرية، تعتبر استكمالًا لفكرة ترجمة الكلاسيكيات بشكل عام ولفكرة وحدة الثقافة الإنسانية في كُلْيتها. 

وأشار الصباغ إلى أنه قد يستنكف البعض، أو يستنكر البعض الآخر، مسألة إعادة ترجمة الأعمال الإبداعية التي سبق ترجمتها أكثر من مرة في أكثر من حقبة تاريخية. ولكن إذا أخذنا بعين الاعتبار أن اللغة تتطور، وأن هناك كلمات وتعبيرات وصورًا وتراكيب جديدة أكثر دقة تظهر مع تطور مسارات اللغة وبُنَاها، فإن إعادة الترجمة هنا تصبح عملية حيوية وأكثر "تفاعلية" على مستوى مواصلة طرح هذه الأعمال بشكل دائم وأبدي من جهة، وعلى مستوى إمداد الأجيال الجديدة المتحدثة بلغات مختلفة بأفكار وجماليات الأعمال الإبداعية الكلاسيكية من جهة أخرى. كما أن هناك أهمية خاصة لإعادة ترجمة هذه الأعمال التي سبق ترجمتها، وتكمن في كونها مادة للدراسة العلمية والبحث العلمي- الأدبي، والاطلاع على حياة الشعوب وتاريخهم الاجتماعي من خلال الدراسات الأنثروبولوجية من جهة ثالثة.

ولفت الصباغ إلى أن "لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل الأولوية للأعمال التي لم تترجم، أو بالأحرى للأعمال الجديدة التي تحتاج إلى رصد الأموال لشراء حقوق الملكية الفكرية، أم لتلك الأعمال المتاحة التي لا تحتاج إلى تفاصيل وإجراءات قانونية وصرف أموال؟! في الحقيقة، لا فرق بين الأمرين، ومن المنطق والعقلانية أن يسيرا في مسارين متوازيين، أو في مسار واحد يتسع لهذا ولذاك، ولكن بطبيعة الحال، وبطبيعة التطور والحرص على اطلاع الشعوب والمجتمعات على أحدث ما يصدر من أعمال إبداعية وفكرية في بعضها البعض، قد يجعلنا أكثر حرصا على ترجمة الجديد والمعاصر والحديث. ومع ذلك فمن الضروري والمهم السير في طريق إعادة ترجمات الأعمال التي تُرْجِمَت من قبل، لكي لا يحدث انقطاع أو تظهر فجوة في عملية التواصل والاستمرارية التي تمثل بحد ذاتها مهمة منهجية ومهنية للمترجمين، ومهمة وظيفية للبحث العلمي- الأدبي، ومهمة بنيوية وعقائدية (أيديولوجية) بالنسبة للدول ومؤسساتها المهتمة بمتابعة العملية الثقافية- الإبداعية كظاهرة إنسانية عامة تصب في مبدأ "وحدة المصير البشري". 

وأشار الصباغ إلى أن "هنا تحديدًا، لا يمكن أن نتجاهل أن الترجمة هي إحدى أهم الأدوات لدراسة المجتمعات الأخرى، ولا فرق بين إعادة ترجمة القديم أو ترجمة الحديث والمعاصر. فالمؤسسات التعليمية والبحثية والجامعات بحاجة دائمة للوقوف على آخر تطورات الأنواع الأدبية والثقافية في مختلف المجتمعات، ومن جهة أخرى، تحتاج المؤسسات الأخرى العاملة في مجالات اجتماعية واقتصادية وأمنية لمثل هذه الترجمات كأداة "أنثروبولوجية"، إذا جاز التعبير، لدراسة المجتمعات الأخرى، ما يعني أن الترجمة ليست مجرد نشاط إنساني مستقل بذاته، وإنما حلقة ضمن سلسلة من نشاطات الدول ومراكز الأبحاث والترجمة في الدول الحريصة على تنسيق العلاقات بين مؤسساتها وإفساح المجال أمام مبدعيها- المترجمين والباحثين للمشاركة في المنجز العالمي بشكل عام، وللإسهام في تقدم دولهم ومجتمعاتهم ومؤسساتهم بشكل خاص". 

واختتم الصباغ "في نهاية المطاف، يبدو الاقتصار على إعادة ترجمة الأعمال الإبداعية القديمة فقط، للإفلات من الإجراءات القانونية، ومن أجل تفادي صرف الأموال اللازمة، شكلًا من أشكال التحجر والمحافظة، وشكلًا من أشكال "المراوحة في المكان الواحد" وتضليل ليس فقط المجتمعات والنخب الثقافية والإبداعية، وإنما تزييف للعملية الثقافية الإبداعية في عموميتها، وإهدار للطاقات وتبديد لأموال الطباعة والنشر، والأهم من كل ذلك هو تضليل وتزييف عملية البحث العلمي- الأدبي بمعناها الواسع والعميق. 

تاريخ الخبر: 2022-09-30 21:21:58
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

16 قتيلا من عائلتين في غارات إسرائيلية على رفح

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 03:06:59
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 90%

طقس الإثنين.. أجواء حارة وأمطار خفيفة ببعض مناطق المملكة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 03:08:25
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 73%

النصيري يساهم في فوز إشبيلية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 03:08:31
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 85%

ميناء طنجة.. فحص حاوية قادمة من البرازيل يقود إلى مفاجأة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 03:08:35
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 81%

تشمل “التقشف”.. تعليمات أخنوش حول الإحصاء الذي ينتظر المغاربة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 03:08:28
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 81%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية