القطاع الطبي في سوريا يفرغ.. والكوليرا تزيد الطين بلة


على الرغم من أن صحيفة سورية موالية لرئيس النظام بشار الأسد سلّطت الضوء قبل أيام على الاستقالات الجماعية التي يشهدها القطاع العام، خاصة لدى العاملين في المؤسسات الطبية والصحية ووباء كوليرا الذي زاد الأمور سوءا، إلا أنها ذاتها اكتفت برصد واقع الأطباء والصيادلة في 4 من محافظات البلاد فقط دون أن تتطرق إلى وضع مناطق أخرى، تشهد بدورها استقالاتٍ شبه جماعية من المؤسسات الخدمية والصناعية.

فقد رفض 3 أطباء إلى جانب عميدٍ سابق في كلية الطب بجامعة دمشق الإدلاء بتصريحاتٍ صحفية خشيةً من الملاحقة الأمنية لاحقاً، في حين اكتفى واحد من الأطباء الثلاثة بالقول لـ"العربية.نت": "لا يُسمح لنا بالحديث عن تفشي وباء الكوليرا في البلاد، فكيف نتحدّث عن ما هو أخطر؟"، في إشارة منه إلى الاستقالات الجماعية التي يتقدّم بها أطباء وصيادلة وممرضون وآخرون يعملون في القطاع العام في سوريا.

أكثر من 1100 طبيب وممرض

وفي حين أن صحيفة "الوطن" المحلية شبه الرسمية، كشفت قبل أيام أن أكثر من 1100 طبيب وممرض استقالوا من وظائفهم في العاصمة دمشق واللاذقية والقنيطرة والسويداء، لم يكن الأمر مختلفاً عن باقي المحافظات في البلاد، ففي حماة وحدها تقدّم أكثر من 500 طبيب بتقديم استقالتهم منذ مطلع العام الجاري، بحسب ما كشف لـ"العربية.نت" مصدر في فرع نقابة الأطباء في المحافظة الواقعة وسط سوريا.

ووفق المصدر نفسه، لا تقبل نقابة الأطباء استقالة معظم من يتقدّم بها من الأطباء، لكن أغلبهم لا ينتظر الموافقة عليها ويمضي بطريقةٍ غير شرعية نحو العاصمة اللبنانية، حيث يحصلون على جوازات سفرٍ من السفارة السورية ومن ثم يغادرون بيروت إلى دولٍ عربية مختلفة بحثاً عن فرص عملٍ أفضل.

بيروت الأمان

وتمنح السفارة السورية في بيروت جوازات السفر لمواطني البلاد الذين دخلوا لبنان بطريقةٍ غير شرعية مقابل دفع رسومٍ مالية تبلغ قيمتها 825 دولارا أميركيا، في حين أن دوائر الهجرة والجوازات داخل سوريا لا توافق على منح الأطباء والممرضين الراغبين بالاستقالة من عملهم جوازات سفر إلا بعد الحصول على موافقاتٍ أمنية يصعب الوصول إليها وتتطلب دفع رشاوى مالية.

كما تشترط المؤسسات الحكومية في سوريا على موظفيها من مختلف المهن، ضرورة وجودهم على رأس عملهم مدّة 32 عاماً كشرط أساسي لقبول استقالاتهم، الأمر الذي لا يلبيه معظم العاملين خاصة فئة الشباب الذين التحقوا بوظائف القطاع العام قبل حوالي عقدٍ من الزمن، ما يرغمهم على السفر إلى بيروت للحصول على جوازات سفر والمغادرة نحو بلدٍ ثالث.

25 دولارا أميركيا شهرياً لم يعد مقبولاً!

بدوره، كشف طبيب سوري وصل إلى بيروت مؤخراً أنه حصل على فرصة عمل في دولةٍ خليجية سيصل إليها بعد أن يصدر جواز سفره منتصف شهر أكتوبر الجاري، مشدداً لـ"العربية.نت" على أن "الحصول على راتب شهري في سوريا قدره 100 ألف ليرة (ما يعادل نحو 25 دولارا أميركيا)، لم يعد مقبولاً، إذ لا تكفي حتى لدفع أجرة المواصلات، على حدّ تعبيره.

طفل مصاب بالكوليرا يتلقى العلاج في مستشفى بمحافظة دير الزور (أرشيفية من فرانس برس)

واختار الطبيب المذكور العمل في دولةٍ عربية لسهولة ممارسة اختصاصه من جهة تعديل شهادته الجامعية، وكذلك لناحية الحصول على ترخيص لمزاولة عمله في العيادات والمستشفيات.

ولفت إلى أن بعض زملائه غادروا إلى ألمانيا قبل سنوات وتعلّموا لغة البلد، إلا أنهم لم يوفقوا في عمل بسبب صعوباتٍ في اللغة وتعقيداتٍ أخرى تتعلق بتعديل شهاداتهم الجامعية، لافتا إلى أن كورونا سهلت الأمر على الأطباء العرب في أوروبا، حيث ساهمت الحاجة إليهم إلى توظيفهم في مستشفياتٍ حكومية وأخرى خاصة.

وأشار إلى أنه تقدّم بطلب الاستقالة من مستشفى حكومي يقع وسط دمشق، إلا أن الإدارة رفضت طلبه، فقرر الخروج من البلاد بطريقةٍ غير شرعية، إذ لم يعد أمامه أي خيار آخر.

صعوبات خارجية

يشار إلى أن الدول الأوروبية تشترط على الأكاديميين السوريين المقيمين لديها كلاجئين، الحصول على مستوى متقدّم من اللغة كشرط لتجاوز اختبارات تعديل الشهادات العلمّية أو الأدبية، وهو أمر يحتاج لجهدٍ يمتد لنحو عامين، وفق ما ذكر مصدر في معهد اللغات بجامعة Aix- Marseille الفرنسية.

وتحاول مؤسسات القطاع العام في سوريا، توفير حاجتها من الأطباء والصيادلة والممرضين بشتى الطرق، بأن تمنع مغادرة النقابيين منهم والعاملين لديها إلى خارج البلاد إلا بعد الحصول على موافقاتٍ أمنية.

أزمة لا توصف

كما أعاد انتشار وباء الكوليرا في البلاد الشهر الماضي، أزمة القطاع الطبي إلى الواجهة مجدداً، رغم أن قطاعاتٍ أخرى صناعية تشهد استقالاتٍ مماثلة كقطاع التعليم والمجالات الصناعية.

وكشف مصدر في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لدى النظام لـ"العربية.نت" أن مختلف الرواتب لا تكفي لمعيشة العاملين مهما كانت اختصاصاتهم، ولهذا يفكر الجميع بالهجرة، وتبوء المخططات بالفشل بسبب العوائق المادية.

يذكر أن آلاف من الأطباء والممرضين والصيادلة كانوا غادروا الأراضي السورية في غضون الحرب التي تشهدها البلاد منذ عام 2011، ما ترك فراغاً في القطاع الطبي إلى حد كبير.

تاريخ الخبر: 2022-10-05 12:17:32
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 89%
الأهمية: 86%

آخر الأخبار حول العالم

المنتخب المغربي يتوج بلقب البطولة العربية لكرة اليد للشباب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 12:25:49
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 50%

الأمم المتحدة تحذر من هجوم إسرائيلي "وشيك" على رفح بجنوب قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 12:26:20
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

المنتخب المغربي يتوج بلقب البطولة العربية لكرة اليد للشباب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 12:25:57
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

الأمم المتحدة تحذر من هجوم إسرائيلي "وشيك" على رفح بجنوب قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 12:26:16
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 65%

توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-01 12:25:10
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 66%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية