اللعب بالنار في أوكرانيا يضع العالم على حافة الجحيم


ياسمين السيد هاني

محطة خطيرة للصراع تفرض سيناريوهات التصعيد

هل بدأت الأسابيع الأخطر فى حرب أوكرانيا؟

تتسارع الأحداث فى أوكرانيا بشكل خطير مع تصميم كل الأطراف المتحاربة على الفوز واستبعادهم للتفاوض ، ومع تهديدات من روسيا باستخدام السلاح النووي، قد ينفلت الصراع عن حدوده الجغرافية فى أى لحظة..

والعالم الذى يتكبد أثماناً للحرب طالت الغذاء والأسعار والطاقة، قد يكون الآن شاهداً على مرحلة فارقة فى التاريخ الدولى تصبغها مخاوف متصاعدة من الدمار واسع النطاق.. الكل يعانى بلا استثناء..

والكل يترقب مآلات الصراع.. فلا يملك أحد على كوكب الأرض الآن رفاهية تجاهل الأحداث.. . ولم تكن جائحة كورونا أول دليل عملى على أن العالم بات «قرية صغيرة»، بل إن حرب أوكرانيا قد تثبت تلك الفرضية بشكل آخر.

يبدو للمتابع إن الأسابيع الأخطر فى الصراع الجارى فى أوكرانيا الدائر منذ نحو سبعة أشهر قد بدأت بالفعل والسبب المباشر لذلك هو الاختبار الذى سيخضع له الرئيس الأمريكى جو بايدن وإدارته أمام الأمريكيين فى نوفمبر المقبل، إذ ستكون انتخابات التجديد النصفى لأعضاء الكونجرس بمثابة استفتاء على أدائه وسياساته.

وبايدن الذى يواجه تحديات اقتصادية مذهلة، لم يبخل فى الإنفاق بسخاء على الحرب فى أوكرانيا، بحيث باتت أمريكا هى الدولة الأولى من حيث كم المساعدات المالية والعسكرية التى تقدمها لمساندة كييف، لكن هذا الدعم لم يترجم إلى قوة فى مستوى الجيش الأوكرانى تمكنه من إنهاء الحرب أو هزيمة روسيا أو حتى استعادة المناطق التى خسرها.

ويبدو أن البيت الأبيض ليس هو وحده من يستعد لكشف الحساب فى نوفمبر، بل يستعد الكرملين للأمر ذاته.

فروسيا، هى الأخرى، تسعى لإظهار أنها المنتصرة حتى الآن فى الحرب وأنها هى التى تحتفظ باليد العليا فى ميادين القتال فى أوكرانيا وتتحكم فى مسار الصراع، كما أن احتمالات خسارتها شبه معدومة، فكيف ستخسر وهى التى لوحت باستخدام السلاح النووى وقتما تريد؟، وأعلنت التعبئة فى صفوف قوات الاحتياط، ليس علامة على تقهقرها فيما سبق بل على استعدادها لحرب شاملة وكبرى فيما هو آت.

وجاء تلويح موسكو باستخدام النووى قبل ضم أربعة أقاليم بشرق أوكرانيا إلى أراضى البلاد، والتى قابلها رد أمريكى بارد، ففى حين اقتصر رد واشنطن على التنديد ومزيد من وعود وتعهدات التسليح، «فوجئت واشنطن»، بحسب صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية بطلب الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى للانضمام السريع إلى الناتو.

وربما رأى زيلينسكى أنه الحل الوحيد لإنهاء الحرب أو لانتزاع موقف واضح من الغرب بالتخلى عنه بعد استقطاع نسبة من أرض بلاده وانضمامها للاتحاد الروسى ، وقال تقرير لصحيفة «نيوزويك» أن زيلينسكى ربما أراد اختبار مدى دعم دول الناتو له فى الموقف الحالى لبلاده.

ولا يجب تجاهل مسألة عدم التنسيق المسبق مع واشنطن فى طلبه ذاك، فهل تكون علامة على استياء فى كييف من الغرب وحجم تسليحه وخطوة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟.

وجاء الرد الغربى «بارد» مرة أخرى بحسب مجلة «نيوزويك» التى وصفت رد مستشار الأمن القومى الأمريكى على طلب زيلينسكى بأنه سكب ماءا باردا على كييف، وذلك حين قال إن الوقت ليس مناسبا للانضمام ، كما قالت وزير الخارجية الألمانية أن الغرب يحاول لملمة الصراع وليس توسيعه بإدخال دول أخرى فيه.

وربما يعلم زيلينسكى جيدا أن كم الدعم الكبير التى تقدمه واشنطن لبلاده فى مواجهة الجيش الروسى يرتبط إلى حد بعيد بوجود إدارة ديمقراطية فى البيت الأبيض ، فإذا خسر الديمقراطيون وجاءت إدارة جمهورية فالدعم السخى ربما لن يكون الحال ، وما الوضع إذن إذا فاز الرئيس السابق دونالد ترامب فى انتخابات الرئاسية القادمة وعاد للبيت الأبيض عام 2024 وهو الذى يحمل وجهات نظر معارضة للصراع الحالى ، وإذا عاد ترامب فربما لن يكون زيلينسكى فى مأمن منه شخصيا، وهو الذى رفض مطالباته قبل سنوات بفتح تحقيق فى أعمال هانتر نجل الرئيس الحالى جو بايدن أنداك فى أوكرانيا ، إذن فعلاقات زيلينسكى وترامب متوترة بالفعل..

وقبل أقل من شهر على الانتخابات الحاسمة فى مسار الصراع، فثمة عدة احتمالات.. 

أما إذا ما نجا الديمقراطيون فى الانتخابات واحتفظوا بالأغلبية فى مجلس النواب، فربما تحدث جولة جديدة من التصعيد بين روسيا وواشنطن على أراضى أوكرانيا، لكن مع الأخذ فى الحساب تداعيات ذلك على المواطن الأمريكى الذى سيكون عليه بعد عامين من الآن تقرير مصير من يسكن البيت الأبيض.

أما إذا خسر الديمقراطيون، وهو ما يتوقعه المراقبون بالفعل، فسيكون الوضع بشكل عملى أشبه بمرحلة من العد التنازلى لعودة الجمهوريين للحكم ، والسبب فى ذلك هو أنه وفقا لبعض المحللين، فإن بايدن ينتظر حتى نتائج انتخابات نوفمبر ليحدد رسميا وبشكل واضح موقفه من الترشح لفترة ثانية، فإذا ما خسر بايدن قد يعلن اكتفاءه بفترة رئاسية واحدة ، وفى ذلك الوقت ينبغى أن تتقدم نائبته كامالا هاريس للترشح بدعم من الديمقراطيين وأولهم الرئيس.

لكن الواقع هو أن هاريس لا تحظى بأى شعبية بين صفوف الديمقراطيين أو حتى بين الأمريكيين ، وفضلاً عن الإخفاقات التى تلتقطها الصحف الأمريكية فى أداء هاريس، فإن استطلاعات الرأى تظهرها فى مرتبة أقل شعبية حتى من الرئيس بايدن.

وقد يؤدى تخلى الديمقراطيين عن دعم هاريس إلى تشتت فى صفوف الحزب، الذى سيكون عليه إيجاد بديل سريع وجاهز لمواجهة الجمهوريين، وبشكل خاص ترامب الذى ألمح سابقا عن عزمه الترشح فى 2024 ، وربما لن تكون هذه الفترة كافية للتغلب على الخلاف الداخلى فى صفوف الحزب وإيجاد بديل سياسى والالتفاف حوله، بشكل متزامن مع وضع اقتصادى متدهور وسيطرة روسية مستمرة على الوضع فى أوكرانيا - قد تكلف الديمقراطيين البيت الأبيض.

وبهذا التصور، فإن الانتخابات المقبلة قد تعتبر فى أهميتها وكأنها انتخابات رئاسية، ستحدد بدورها هوية مَن يسكن البيت الأبيض فى وقت لاحق ، وحتى انعقاد التصويت فى نوفمبر، سيكون على البيت الأبيض إثبات عدم اخفاقه أو هزيمته فى أوكرانيا أمام الروس، وهو الذى خرج من أفغانستان مهزوما أمام طالبان.

وفى كشف حساب أوكرانيا، قد لا يجد البيت الأبيض مكاسب كبيرة للترويج لها ، فاتساع الناتو، بانضمام فنلندا والسويد، مشكوك فيه، مع تهديد تركى بين حين وآخر بعرقلة الانضمام، فضلاً عن المخاوف الأمنية الداخلية المتزايدة فى فنلندا بشأن «انتقام» روسيا.

وعلى المستوى الميدانى داخل أوكرانيا، فقد اقتطع بوتين الأقاليم ذات الغالبية الروس وقد صدق مجلس الكرملين على هذا الانضمام.

أما الجانب الاقتصادي، فلم تضعف العقوبات الأمريكية الاقتصاد الروسى بالشكل الذى أملته واشنطن، بل إنها أتاحت له آفاقاً جديدة فى التعامل بالعملات المحلية.

اقرأ أيضاً|سوناطراك الجزائرية ومجمع الطاقة الأسباني يوقعان اتفاقية لمراجعة أسعار الغاز

تاريخ الخبر: 2022-10-08 18:18:50
المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

مويس يغادر منصبه كمدرب لوست هام في نهاية الموسم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 21:25:50
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

مويس يغادر منصبه كمدرب لوست هام في نهاية الموسم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 21:25:56
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 63%

أول تعليق إسرائيلي رسمي على موافقة حماس على مقترح الهدنة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 21:26:03
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 60%

أول تعليق إسرائيلي رسمي على موافقة حماس على مقترح الهدنة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 21:25:58
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية