“كانت أمامي فجوة عدم الثقة بين الشعب وأجهزة الإعلام سببها فقدان مصداقية الحكومة وجهازها الإعلامي منذ 1967، وعندما كانت الإذاعة المصرية أثناء الهزيمة تذيع أكاذيب. لذلك كان دستور الإذاعة والإعلام في عام 1973 هو الصدق والسرعة في نقل الخبر بحيث يستمع المواطن المصري أول خبر عن أحداث الحرب بسرعة من مصادر الإعلام المصري”.. بهذه الكلمات كشف د.عبدالقادر حاتم رئيس وزراء مصر بجانب عمله وزيرا للإعلام عن دور الإعلام في تحقيق المفاجأة الاستراتيجية وهو ما جاء فى كتابه الصادر تحت هذا العنوان "دور الإعلام فى تحقيق المفاجأة الاستراتيجية فى حرب أكتوبر 1973".

يأتي ذلك بمناسبة احتفال الدولة المصرية بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر الـ"49" خلال هذه الأيام؛ يكشف لنا الدكتور حاتم  عبد القادر عن كواليس صياغة الرأى المصرى إستعداداً لحرب النصر فى السادس من أكتوبر 1973؛ عندما أشار فى كتابه الى التزامه الصمت منذ أنه تم تكليفه من قبل الرئيس محمد أنور السادات قبل حرب أكتوبر بأن يكون مسؤلا عن الحكومة؛ قائلاً : "عندما كلفني الرئيس الراحل أنور السادات قبل حرب أكتوبر 1973 بأن أكون مسؤولا عن الحكومة. وأن أنوب عنه في رئاسة مجلس الوزراء. وانعكس ذلك علي قراري الأول في مجلس الوزراء.

وتابع "عبد القادر"؛ وهو عدم الإدلاء بأي تصريح مباشر أو تلميح عن الأداء أو الاستعداد للحرب وانطبق ذلك علي العسكريين والسياسيين أيضا. وكنا في هذا نستفيد من الدروس السابقة نتيجة التصريحات غير المسئولة والتهديدات الجوفاء. التي طالما ترددت واستغلتها إسرائيل لمصلحتها حتى حدثت هزيمة يونيو 1967. وبالتالي كانت بداية خطة العمل الاستفادة من الدروس المؤلمة للنكسة. وكانت إحدى أولوياتي هي استعادة ثقة الشعب في الحكومة وفي وسائل الإعلام الوطنية. وعلى هذا الأساس جرى الإعداد والتخطيط الذي حقق النصر. وكان إعلام أكتوبر سندا وعونا في نجاح الجهد الدبلوماسي والأداء العسكري في تحقيق النصر النهائي".

دكتور عبد  القادر؛ كشف عن جزء من استراتيجيته الإعلامية فى كتاب ثاني هو مذكراته التى صدرت فى طبعات مختلفة منها طبعة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بمقدمة الكاتب الصحفى إبراهيم عبد العزيز؛ عندما كشف تفاصيل كيف أنه أنشأ التليفزيون المصري عام 1960، وكيف أقام عشرات المكتبات والمطابع، وأنشأ مدينة السينما وأسس معهد السينما ومسرح البالون، وفى مجال السياحة كان أول من أسهم في إنشاء وزارة للسياحة في مصر، وفى عهده أقيم 40 فندقًا عالميًا وتحولت الغردقة من مدينة صحراوية إلى واحدة من أجمل المدن السياحية العالمية، وأسس مدرسية فندقية للاستغناء عن العاملين الأجانب وأقام كلية السياحة والفنادق، بالإضافة إلى إنقاذ معبد أبو سمبل من الغرق في عهده بالتعاون مع اليونسكو وبدعم أمريكي، وخطط لتعمير السواحل وتحويل منطقة سيدي عبد الرحمن إلى منطقة سياحية، أما أكثر إنجازاته التي يفخر بها هي إطلاقه إذاعة القرآن الكريم.

ولد حاتم في الثالث من سبتمبر 1918 -وهو العام الذي ولد فيه الرئيسان الراحلان جمال عبد الناصر وأنور السادات- ودرس العلوم العسكرية والاقتصاد السياسي.

ولحاتم نحو 20 كتابا في شؤون الرأي العام والإعلام والسياسة ومنها "المفاجأة الاستراتيجية في حرب أكتوبر 1973" و"الإعلام في القرآن الكريم" و"العولمة..ما لها وما عليها".

وفي الثمانينات استعانت به كلية الإعلام بجامعة القاهرة لإلقاء محاضرات لطلابها وكان آخر المناصب التي شغلها إشرافه على المجالس القومية المتخصصة وهي هيئات استشارية ذات طابع علمي تتبع رئاسة الجمهورية وتضم خبراء في تخصصات مختلفة بهدف المساعدة في رسم السياسة العامة للدولة.

توفي الدكتور محمد عبد القادر حاتم رئيس وزراء مصر ووزير الثقافة والإرشاد القومي الأسبق وأول وزير للإعلام في مصر فى السابع من يوليو 2015.