اقتصاد زائف يترك الفقراء أكثر فقرا | صحيفة الاقتصادية


عندما شبه وزير الخزانة الأمريكي الأسبق، لاري سمرز، المملكة المتحدة بـ"سوق غارقة" الأسبوع الماضي، اعتقدت أنه بالغ بعض الشيء. لكن في بنك طعام مزدحم لتوزيع مساعدات غذائية جنوبي لندن الجمعة، بدا وكأن "الغرق" الكلمة الصحيحة.
امتد طابور من الناس عبر ساحة مواقف السيارات في كنيسة للحصول على صندوق من الطعام المجاني ووجبة ساخنة. ذات مرة، كان غالب الزوار هنا من الرجال العازبين. لكن الأسبوع الماضي كان هناك أطفال صغار يركضون في الأرجاء وأمهات يهززن أطفالهن على الوركين. "أتانا أخيرا أشخاص يقولون: "هل يمكنني الحصول على طعام لا يتعين وضعه في الثلاجة لأني أطفأتها؟"، كما تقول كيت لوت، مديرة مشروع في بنك الطعام ليفينج ويل بروملي. تضيف أن آخرين يطلبون طعاما لا يحتاج إلى طهي لأنهم أطفأوا الغاز.
ارتفع عدد زوار بنك الطعام الخيري هذا من 530 شخصا بالغا، مع 183 شخصا من المعالين، في أغسطس العام الماضي، إلى 843 بالغا مع 372 شخصا من المعالين في أغسطس هذا العام. جاء نحو ألف شخص لتناول وجبات ساخنة في سبتمبر، تقريبا ضعف عدد العام الماضي. كثير من هؤلاء الزوار الجدد لم يجربوا بنك الطعام من قبل. وفقا للمتطوعة تمارا كوبر، كثير منهم من العاملين الذين لا يستطيعون دفع التكلفة المتزايدة للغذاء والطاقة. إنها تتفهمهم، فهي تجلس أحيانا تحت مصابيح مطفأة لتوفير المال على عداد الدفع المسبق.
كواسي كوارتنج، وزير المالية الجديد في المملكة المتحدة، تراجع الإثنين عن قراره بخفض الضريبة البالغة 45 في المائة على الأغنياء. لكن لا يزال أمامه ثغرة مالية يجب عليه سدها. أحد الخيارات قيد المناقشة هو خفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية من خلال عدم رفع الإعانات لمواكبة التضخم. وفقا لمؤسسة ريزوليوشن البحثية، رفع مستوى الإعانات لمن هم في سن العمل بناء على مستوى الدخل بدلا من التضخم العام المقبل سيكلف أسرة عاملة عادية منخفضة الدخل ولديها طفلان أكثر من 500 جنيه استرليني سنويا، ويوفر على وزارة الخزانة خمسة مليارات جنيه استرليني.
تنفق المملكة المتحدة كثيرا على إعانات غير المتقاعدين: وصلت الفاتورة إلى نحو 4.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي 2019/ 2020، مرتفعة من نحو 3 في المائة في السبعينيات. لكن الإنفاق انخفض بالفعل من نحو 5.7 في المائة خلال عقد من التقشف عقب الأزمة المالية. هنا تأتي نقطة يصبح فيها جعل الفقراء أكثر فقرا اقتصادا زائفا - وأرى أننا وصلنا إلى هذه النقطة.
يجب توفير مبيت وإفطار مرتفعي التكلفة للعائلات التي تصبح بلا مأوى. المصابون نفسيا أو جسديا يرفعون تكلفة فاتورة الرعاية الصحية ويخرجون من القوى العاملة. غادر أكثر من 640 ألف شخص تقريبا ممن هم في سن العمل سوق العمل بالفعل منذ بداية الجائحة. في استطلاع لرأي قادة أمانات الخدمات الصحية الوطنية الأسبوع الماضي، قال 72 في المائة إنهم شهدوا زيادة في عدد الأشخاص الذين يعانون مشكلات نفسية بسبب الإجهاد والديون والفقر. قال أكثر من ربع القادة إنهم أعدوا بنوك طعام خيرية لموظفيهم.
الطريقة الأفضل لاتخاذ إجراءات صارمة بشأن الإنفاق على الرعاية الاجتماعية تتلخص في الحزم في التعامل مع أسباب استحقاق الرعاية الاجتماعية. تقريبا ثلاثة أرباع إعانات من هم في سن العمل تنفق على أحد الوجوه الثلاثة التالية: زيادة الدخل للعمال ذوي الدخل المنخفض، أو إعانة سكن لمساعدة الناس على دفع الإيجار، أو إعانات الإعاقة والمرض والعجز للمرضى.
بعبارة أخرى، حجم فاتورة الرعاية الاجتماعية هو نتيجة لمشكلات بريطانيا المتجذرة مع انخفاض الأجور وارتفاع تكاليف الإسكان وسوء الصحة. يبرز من بينها خصوصا سوق الإسكان المضطربة. تنفق المملكة المتحدة على إعانات البطالة أقل مما تنفقه معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى، لكنها تنفق أكثر من أي دولة أخرى في المنظمة على إعانات الإسكان العينية.
هذه المشكلات ليست مستعصية. إنها تتطلب خدمات صحية مجتمعية ووقائية أفضل، ومزيدا من مباني الإسكان الاجتماعي، وزيادة استثمار الشركات في مهارات القوى العاملة وإنتاجيتها.
الحل البديل هو خفض الإنفاق على الإعانات مرة أخرى، وترك الأمر للناس لمحاولة مساعدة بعضهم بعضا. لكن هذه صدمة اقتصادية يتردد صداها أعلى سلم الدخل. الأشخاص الذين عادة ما يكونون ميسوري الحال بما فيه الكفاية للتبرع للآخرين أصبحوا قلقين بشأن فواتيرهم الخاصة بالطاقة ومدفوعات الرهن العقاري.
في موقف السيارات عند بنك الطعام الخيري ليفينج ويل بروملي توجد حاوية عادة ما تمتلئ بالتبرعات. الآن هي نصف فارغة. حذر بنكا طعام محليان آخران في المنطقة من أنهما قد يضطران إلى الإغلاق. الناس ما زالوا يقدمون ما في وسعهم. تقول لوت إن من بحوزتهم الأقل هم الذين يعطون أكثر. "سيأتي الناس ويقولون: هل يمكنني أن أعطيك ثلاثة جنيهات؟ اعتدت أن أكون ضيفا وأريد المساعدة".

تاريخ الخبر: 2022-10-10 00:23:06
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 41%
الأهمية: 48%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية