قال وزير الخزانة البريطاني السابق اليسيتر دارلينج إن الاضطراب الاقتصادي الأخير "من صنع الذات" وأن الحكومة "تحطم" سمعة المملكة المتحدة.
ووصف الوزير الوضع الحالي بأنه "فوضوي"، مشيرا إلى أن الحكومة تعطي مثالا كتابيا لكل شيء لا ينبغي عليك فعله في الأوقات الصعبة"، طبقا لما ذكرته وكالة الأنباء البريطانية "بي.إيه.ميديا" أمس.
تأتي تعليقاته بعد تراجع قيمة الجنيه الاسترليني، أمام الدولار، في أعقاب إعلان وزير الخزانة كواسي كوارتنج، عن الميزانية المصغرة لمجموعة من التخفيضات الضريبية، بما في ذلك إلغاء معدل ضريبة الدخل، التي تقدر قيمتها بنحو 45 بنسا، لأصحاب الدخول الأعلى.
ثم تراجعت الحكومة عن ذلك وقررت الإبقاء على معدل الـ45 بنسا. وفي حديثه في برنامج بثته هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) قال دارلينج "المشكلة التي لديهم هي أنه في وقت صعب للغاية- لدينا تضخم كبير، والدولار قوي- قرروا فجأة أنهم سيحصلون على 45 مليار استرليني من التخفيضات الضريبية غير الممولة".
وأضاف "من الناحية السياسية، كانت كارثة نظرا لأنهم أرادوا تقليص أعلى معدلات للضرائب، صراحة، بالنسبة للأشخاص الذين لا يحتاجونها حقا"، بحسب "الألمانية".
إلى ذلك، حث وزراء بريطانيون كبار، أمس، زملاءهم في حزب المحافظين على الاتحاد خلف رئيسة الوزراء ليز تراس، محذرين من أن الصرعات الداخلية من شأنها أن تسلم السلطة لحزب العمال المعارض في الانتخابات المقرر إجراؤها 2024.
وبعد مضي أكثر قليلا من شهر على شغلها المنصب، تقاتل تراس وفريقها من أجل المصداقية، بعد أن أجبروا بشكل مهين على العدول عن خططهم لخفض أعلى معدل لضريبة الدخل في بريطانيا.
وبحسب "رويترز"، شهد المؤتمر السنوي لحزب المحافظين الحاكم الأسبوع الماضي انقساما واضطرابا بين أعضاء حزبها في البرلمان. ويتقدم حزب العمال في استطلاعات الرأي بفارق كبير.
وكتب ناظم الزهاوي، الوزير البارز في الحكومة، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، أمس، "أولئك الذين يتآمرون ضد رئيسة الوزراء يساعدون في تشكيل حكومة "يتزعمها حزب" العمال. يجب أن يدعم نواب البرلمان عن الحزب زعيمة حزبنا، وليس العمل ضدها. لن يؤدي الانقسام إلا إلى الخلافات والتراجع والهزيمة".
وكان الزهاوي واحدا من أربعة وزراء في الحكومة قد كتبوا مقالات صحافية، أمس، لمطالبة حزبهم بدعم تراس قبل عودة البرلمان من فترة راحة قصيرة الثلاثاء.
وكتبت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان في صحيفة "ذا صن" الأحد "كحزب، يتعين علينا الاتحاد حولها الآن".
تواجه تراس معركة حول ما إذا كان يجب الحد من زيادة بعض الإعانات الاجتماعية إلى مستوى يقل عن التضخم، بينما تبحث عن طرق لتمويل خطتها للنمو القائم على خفض الضرائب، وهو أمر يقول عديد من المشرعين إنه سيكون غير مناسب في وقت تعانيه ملايين العائلات من ارتفاع تكلفة الغذاء والطاقة.
وبينما يقول الوزراء إنهم لم يتخذوا قرارا بعد، ذكرت صحيفة "صنداي تايمز" أنه من المتوقع أن تستسلم تراس لضغوط الوزراء لاستبعاد تخفيض حقيقي في نفقات الرعاية الاجتماعية.
ونقلت الصحيفة عن وزيرين لم تكشف عن هويتيهما قولهما إن الحكومة لا تحظى بالدعم للفوز في تصويت بالبرلمان على زيادة الإعانات بما يتماشى مع الإيرادات وليس التضخم.
وكتبت الوزيرة، بيني موردونت، في صحيفة "صنداي تليجراف"، التي قالت قبل أيام إنه لا بد من زيادة الإعانات بما يتماشى مع التضخم، أن هناك حاجة لقرارات صارمة.
وقالت "احتواء الوضع الراهن يكون أسهل بكثير. أي شخص يمكنه التلويح للكاميرات. أي شخص يمكنه أن يكون كل شيء لكل الناس. هذا هو الطريق السهل. إنك تقيم القادة عندما يكونون في الحلبة مبهورين بأضواء وسائل الإعلام وهم يتلقون لكمة تلو الأخرى ويتخذون القرارات الصعبة المطلوبة".
وخلفت ليز تراس مطلع أيلول (سبتمبر) بوريس جونسون الذي اضطر إلى التخلي عن مهامه في تموز (يوليو) بعدما فقد ثقة عديد من وزرائه.
غير أنها تواجه تمردا شديدا داخل حزبها. واضطرت الحكومة الإثنين تحت ضغط أغلبيتها إلى التراجع عن خطتها خفض ضريبة الدخل بالنسبة للأكثر ثراء، في وقت يعاني المواطنون البريطانيون العاديون أسوأ أزمة منذ أجيال على صعيد غلاء المعيشة.
وأضعف هذا التراجع موقع تراس أكثر، بحسب "الفرنسية".
كذلك، تواجه انقسامات حول مسألة المساعدات الاجتماعية، لمعرفة ما إذا كان ينبغي أن تكون مبنية على الدخل أو على التضخم.