ماذا يعني أن يحتفل المسلم الأوروبي بميلاد النور


إذا كان المسلمون في بلدانهم الأصلية قد دأبوا على الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم منذ قرون مضت، وإظهار الزينة والفرح والاجتماع في بيوت الله، لقراءة أشعار أولي الألباب في مدح الحبيب، ومدارسة سيرته العطرة طيلة شهر الربيع النبوي، فإن المسلمين في الغرب ظِماء ينتظرون من يرويهم من كأس المحبة والفرح، لكن وللأسف، بينما هم كلهم شوق وتطلع إلى من يزف إليهم هذه الذكرى العطرة، يخرج عليهم قوم يصرفونهم عن مرسى الحب والجمال والكمال المحمدي، بدعوى البدعة والحرام والمنكر!

تزداد كل يوم حاجة الاحتفال بميلاد النور لدى المسلمين في الغرب، لأنهم في غربة مطبقة عن الدين والسنة والرسول، فينشأ النشء منهم لا يفرق بين موسى عليه السلام وفرعون لعنه الله! ظنا منه أن كليهما نبيان مرسلان! وفي هذه الذكرى المولدية سألت أحد أصدقائي الذي نشأ وتربى على الثقافة الأروبية: هل تعلم أننا في شهر المولد النبوي؟ فأجاب بكل تلقائية: أي نعم تقصد عاشورة هو موسم جميل! فحاولت أن أوضح له ما اختلط عليه مبينا الفرق بينهما… وفي الأخير شعر بالخجل كونه مسلما ولم يعد يعرف المناسبات الدينية العظيمة في تاريخ الإسلام!

في مثل هذا الواقع الغريب الذي يمج بكل الثقافات وتسمع فيه لكل النداءات، ماعدا نداء الفطرة، الذي يدلك على أصل انتمائك الإنساني من لدن أبينا آدم إلى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، الذي بعث رحمة للخلق أجمعين، ففرحت به كل الكائنات وأضاءت لمولده قصور كسرى والشام وأخمدت نار الفرس، ليعلو لسان الكون مغردا قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا الإسراء/81، قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا يونس/58.

ما أحوج الإنسان المسلم الأوروبي إلى استثمار ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم لعقد مجالس مسجدية ومؤتمرات علمية كبرى لدراسة سيرة النبي المختار وبيان شمائله لتنوير العقول وشرح الصدور ومعرفة كنه الأسرار في معنى الدعوة إلى تعميق فهم المنهاج النبوي تربية ودعوة وعمرانا. ولا يروقنا أن نكون أقل فهما من مستشرق استوعب حقيقة منهج حياة محمد صلى الله عليه وسلم حين صرح قائلا: (لو كان محمد حياً لحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجان قهوة)، وصفع العالم حينما أعلنها مدوية في كتابه “محمد”: (إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد صلى الله عليه وسلم، وإن رجال الدين في القرون الوسطى ونتيجة للجهل أو التعصب، قد رسموا لدين محمد صورة قاتمة، لقد كانوا يعتبرونه عدواً للمسيحية، لكنني اطلعت على أمر هذا الرجل فوجدته أعجوبة خارقة، وتوصلت إلى أنه لم يكن عدواً للمسيحية، بل يجب أن يسمى منقذ البشرية، وفي رأيي أنه لو تولى أمر العالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السعادة والسلام الذي يرنو إليه البشر). المستشرق الإنجليزي برناردشو.

إن الاحتفال بالمولد النبوي في الغرب يعني تربية الأجيال على حب نبيهم الكريم واتباعه في خلقه ومنهجه وفهمه للكون والحياة.

إنه يعني الدعوة إلى المحبة والجمال والكمال البشري في الرحمة والرفق بالخلق.

الاحتفال عندنا يعني التذكير بالمبادئ الإنسانية الجامعة التي أعلنها النبي الكريم في أول خطابه عند دخوله المدينة “أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصِلوا الأرحام وصَلُّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام” رواه الترميذي.

ما أحوج الأجيال المتعاقبة إلى معرفة النبي الرسول والنبي الإنسان.

وما أجمل أن يبدع المسلم في أشكال الاحتفال حتى يلامس القلوب الظِّماء ويحاذي أرواح المشتاقين.

تاريخ الخبر: 2022-10-11 18:20:18
المصدر: الجماعة.نت - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:49
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:46
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية