فاروق شوشة صاحب "لغتنا الجميلة" أحد حراس اللغة العربية، والذي تحل اليوم الذكرى السادسة لرحيله عن دنيانا، حيث توفي في مثل هذا اليوم من العام 2016، عقب رحلة طويلة من الإبداع والشعر والفن.

فإلي كونه من أنجب شعراء الضاد، يعد الشاعر فاروق شوشة أحد حراس اللغة العربية، وهو ما تجلى في برنامجه الإذاعي الأشهر "لغتنا الجميلة"، بالإضافة إلى تجربته التليفزيونية من خلال برنامج "أمسية ثقافية"، والذي حاور واستضاف خلاله عمالقة الفكر والفن والأدب.

وفي دراسته النقدية المعنونة بــ"بين الحلم والمستقبل"، والمنشورة في مجلة العربي العدد 404، يذهب الناقد عبد القادر القط، إلى أن فاروق شوشة: "شاعر يعشق الكلمة العربية ويفطن بحس مرهف إلى موسيقى الكلمات، وما قد يكون بينها من تماثل أو تقابل في الإيقاع، وما يمكن أن يتشكل من تآلفها في جملة قصيرة أو عبارة ممتدة من نغمات متصلة في سياق أسلوبي خاص".

ويوضح "القط": "وبالإحساس المرهف نفسه، مع ارتباط عميق بالتراث، يفطن الشاعر إلى ما يمكن أن تحمل الكلمة من دلالات جديدة وظلال توشي معناها المألوف في سياق أسلوبي مبتكر، ومن تمازج الإيقاع والموسيقى والدلالة في السياق الواحد، تنضم النغمة الصغيرة في كلمة مفردة إلى نغمات صغار أخرى تنساب خلال بناء لغوي مرسوم".

فاروق شوشة شاعر المدرسة

وفي لقاءه مع الإعلامي مفيد فوزي، خلال برنامج "مفاتيح"، وعن ولعه بالشعر ومتي بدأ، قال الشاعر فاروق شوشة: "كنت شاطر في اللغة العربية، وعلاقتي جيدة بمعلميها، والذين لم يكونوا يفكرون في ذلك الزمان لا في الدروس الخصوصية ولا أوقات يعملون فيها خارج المدرسة من أحمد شوقي "كاد المعلم أن يكون رسولًا"، وبالتالي مدرس العربي كان يري أني شاطر في كتابة موضوعات التعبير والتي كانت تسمي وقتها بـ"موضوعات الإنشا"، وأقرأ بشكل جيد، تعلمت القراءة من الكتاب لأن التجويد القرآني يمرن الجهاز الصوتي على النطق، وأنا مدين للكتاب بأنه هيأني أن أكون مذيعًا في مرحلة من العمر، ثم هيأني أن أكون في مجمع اللغة العربية قرب ختام العمر". 

معلم "شوشة" كان يهديه الكتب

وتابع فاروق شوشة عن ذكريات طفولته ودراسته الأولية: المدرس الذي كان يأتيني كل شهر بكتاب من جيبه، رغم جنيهاته القليلة إلا أنه كان يشتري لي كتابًا ليشجعني على القراءة، ثم بدأ يكتشف أني أكتب شعرًا أعرضه عليه، فيصحح لي ويوجهني، وهكذا مرة بعد مرة، حتى قدمني في حفل المدرسة، ثم قدمني في عديد المناسبات، فأصبح أسمي بين التلاميذ "شاعر المدرسة".

"شوشة" يعترف: خطي غير جميل

وحول إن كان خطه جميل أم لا، قال الشاعر فاروق شوشة في برنامج "مفاتيح": لا، والسبب هو الشعر، فالشعر يأتيني في صورة ومضات كالبرق، واكتشف أن هناك جمل شعرية بدأت تتكون في رأسي إذا لم أسرع بكتابتها اختفت بعد ثواني ولا تعود، فكنت دائمًا أمسك بالقلم ومعي ورقة لكي أسجل هذه الخواطر، ولا بد أن أكتبها بسرعة كبيرة، هذه السرعة جعلت خطي غير جميل؛ لأني لا أتأنى، حتى أنني في سنة أولى بكلية دار العلوم أتوا لنا بـ"سيد إبراهيم" عميد الخطاطين العرب والذي كان يكتب كل أغلفة الكتب وكل العناوين، فكان يجلس ويكتب لنا بيتًا من الشعر على السبورة، ومن ثم نقف واحدًا بعد الآخر لنكتب هذا البيت، وعندما حان دوري قال لي: "يا بني تأني، أنظر كيف كتبت أنا" وعندما أخبره بأنني كتبت أيضًا، يقول لي: لكنك كتبت كالبرق، وحاول مرة أخرى أن يجعلني أكتب كما كتب هو إلا أنه تعب معي جدًا، حتى أنني كنت إذا ما كتبت محاضرة أسبق الأستاذ وهو يلقيها، يعني هو يكون مخلصش الجملة أكون أنا كتبتها، لكن تكون النتيجة لا أحد يستطيع قراءة ما كتبت إلا أنا.