هل تنجح التسوية السياسية بين الحرية والتغيير والعسكر في استعادة الانتقال؟


تشهد الساحة السودانية حراكاً متواصلاً للعمل على  حل الأزمة السياسية التي تفجرت بانقلاب  قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي وتعطيل الشراكة مع المدنيين، مما أدى لتدخل الوسطاء لتقريب وجهت النظر بين الأطراف المختلفة نتج عنها ما عرف بالتسوية التي  تطبخ على نار هادئة في ظل تكتم ونفي مستمر من قبل الحرية والتغيير المجلس المركزي لوجودها.

الخرطوم: التغيير 

وكانت الآلية الثلاثية المسهلة للحوار في السودان أعلنت عن اقتراب من الوصول إلى تسوية مرضية لجميع أطراف العملية السياسية.

وقال الناطق الرسمي باسم الآلية الثلاثية، محمد بلعيش، في تصريح صحفي الأحد، إن الآلية الثلاثية بحثت مع  قيادات الدولة الحوار الجاري بين المكونات السياسية المختلفة من أجل الوصول إلى حل للأزمة الراهنة في البلاد.

ودعا بلعيش جميع السودانيين للانخراط في العملية السياسية بروح وطنية بناءة وإرادة صادقة من أجل إخراج البلاد من هذا النفق.

 

جزء من التسوية 

 

فيما نفى القيادي بالحرية والتغيير المجلس المركزي والناطق الرسمي باسم حزب البعث عادل خلف الله في حديث لـ”التغيير” أن تكون الحرية والتغيير  جزء من التسوية. 

وقال نحن في الحرية والتغيير لسنا طرفا فيما يجري، وهو محاولة لإنقاذ السلطة الانقلابية من السقوط الوشيك بتوسيع المشاركة السياسية والاجتماعية فيها. 

وأضاف: “توسعة المشاركة بتشكيل حكومة لن تحل أزمة الانقلاب ولن تحول دون سقوطه”. 

وتابع: “التسوية لا تعبر عن مصالح الشعب وتطلعاته، وخذلان مبين لمعاناته وتضحياته”. 

إلا أن مصادر “التغيير” أكدت  مشاركة قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي  في المفاوضات مع المكون العسكري، وقالت المصادر إن الواثق البرير وبابكر فيصل وطه عثمان يقودون المفاوضات مع العسكر تحت رعاية الآلية الثلاثية للخروج من الأزمة السياسية في السودان.

ومنذ عدة أشهر تعمل الآلية الثلاثية على تقريب وجهات النظر بين قوى الحرية والتغيير من جهة، وقوى الانقلاب من جهة أخرى. ولفتت  المصادر إلى أن الاتفاق بين المدنيين والعسكر وصل لـ”95 %” وتوقع أن يتم الإعلان عن التسوية  قبل 25 أكتوبر الجاري. 

 

أبدى الموافقة 

 

وأشارت المصادر إلى أن حزب البعث العربي الاشتراكي بقيادة علي الريح السنهوري غير رافض للاتفاق وإنما لديه بعض التحفظات التي يصعب تنفيذها من خلال الاتفاق الحالي. 

وشددت المصادر على أن المجلس المركزي للحرية والتغيير وافق على هذا الاتفاق بالغالبية مع وجود بعض الاختلافات في وجهات النظر على بعض بنود الاتفاق من القليلين، ونوه إلى أن ما تم هو اتفاق وليس تسوية.

 

مراحل متقدمة

 

وعزز مستشار رئيس الوزراء السابق أمجد فريد الحديث عن وجود تسوية يتم الترتيب لها في السر.

وقال في مقابلة تلفزيونية، إن هنالك اتفاق يتم بين الحرية والتغيير المجلس المركزي وقيادة الانقلاب وصل إلى مراحل متقدمة. 

وتساءل  فريد عن كيفية تنفيذ اتفاق من غير أن يتم الإعلان عنه، مبينا أن  ما يتم في الظلام يتيح للعسكر التراجع عنه والتلاعب بالعملية السياسية والحرية والتغيير جربت هذه العملية أربع مرات منذ قيام الانقلاب” على حد قوله”.

 

مفاوضات سرية

 

 من جانبه، قال رئيس حزب الأمة، مبارك الفاضل، إن أهم حصيلة المفاوضات السرية بين العسكريين والمجلس المركزي، تراجع البرهان عن بيان 4 يوليو والعودة للعمل السياسي، تراجع المجلس المركزي عن هزيمة الانقلاب وعن اللاءات الثلاثة، تراجع البرهان عن مبدأ عدم الاقصاء، قبول المجلس المركزي لقيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بسلطات واسعة.

 

رفض لجان المقاومة 

 

من جهتها، جددت لجان المقاومة السودانية رفضها لأي تسوية سياسية لا تعمل على إخراج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية وتعمل على محاسبة كل من أجرم في حق الشعب السوداني. 

وقال المتحدث باسم لجان المقاومة فضيل عمر لـ(التغيير) “يجب أن يتم إخراج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية والسعي لإحلال السلام وتوحيد المليشيات المختلفة في جيش قومي واحد قبل نهاية الفترة الانتقالية”.

وشدد على تمسك لجان المقاومة بالقصاص العادل من قتلة الشهداء والمصابين والمغتصبين والمفقودين، مؤكداً على مناهضة التسوية السياسية بكافة الوسائل السلمية لإنهاء ما وصفها بشراكة الدم بين العسكر والمدنيين.

 

مسودة التسوية 

 

وحسب مصادر صحفية، فإن مسودة التسوية المطروحة لإنهاء الأزمة السياسية أقرت رأس الدولة (رئيس المجلس السيادي) مدني، ورئيس مجلس وزراء مدني، وتكوين مجلس وزراء من كفاءات مستقلة.

 وخروج المكون العسكري تماماً من المشهد السياسي على أن يبقى تمثيلهم في مواقع القائد العام للقوات المسلحة برئاسة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، وبقاء الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي قائداً لقوات الدعم السريع، ومشاركة الفريق ياسر العطا والفريق بحري، إبراهيم جابر أحدهما وزيراً للدفاع والآخر رئيساً لهيئة الأركان بالجيش، بالإضافة إلى مساعدين اثنين للبرهان في قيادة الجيش على أن تنحصر مهام القوات المسلحة في أدوار الأجهزة النظامية المعلومة.

 

عودة حمدوك

 

فيما أكدت مصادر لـ”التغيير” أن عودة عبدالله حمدوك لتولي رئاسة الوزراء مجدداً مطروحة بقوة، وقالت المصادر إن عودته لا تأتي برعاية من دولة الإمارات كما يروج لها البعض، وإنما بدعم من المجتمع الدولي لمواصلة ما بدأه من تفاهمات واتفقيات دولية خاصة، فيما يتعلق بسياسات صندوق النقد والبنك الدوليين التي  من شأنها أن تعيد التعاون مع السودان خاصة في المجال الاقتصادي. 

إلا أن زوجةه حمدوك منى عبد الله نفت في تصريح صحفي عودة حمدوك لرئاسة الوزراء، وقالت  “لا صحة لما يتم تداوله حول عودة حمدوك  لمنصب رئيس الوزراء مجدداً”.

 

عدا المؤتمر الوطني

 

إلا أن المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير التوافق الوطني السنوسي كوكو قال إن “الحديث عن ترشيح أو اختيار رئيس وزراء للحكومة المقبلة كما يتداول في الأوساط الإعلامية المختلفة سابق لأوانه.

وأكد السنوسي لـ”التغيير” أن  الجهد حالياً ينصب حول التوافق الوطني لتكملة مهام الفترة الانتقالية، ومن ثم تأتي الترشيحات للحكومة، لكن أهم ما يميز هذه الخطوات أنها تشمل القوى السياسية وأطراف السلام ولجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني والطرق الصوفية والإدارة الأهلية”.

وجدد كوكو رفضهم  للتسوية الثنائية بين الحرية والتغيير المجلس المركزى و المكون العسكري أو أي تسوية ثنائية.

ولفت إلى أن الطريق الصحيح لتجاوز إطار التسوية إلى حل شامل يتطلب حوار سوداني – سوداني دون إقصاء لأحد ماعدا المؤتمر الوطني. 

 

استبعاد التسوية 

 

فيما يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، صلاح الدومة، أن الحزب الحاكم “المؤتمر الوطني” وكتلته يروجون إلى وجود تسوية بين المكون العسكري والقوى المدنية،  واستبعد أن  تحدث تسوية في الوقت الحالي في ظل رفض الشارع لأي خطوة لا يتم فيها محاسبة قتل المتظاهرين منذ ما قبل فض اعتصام القيادة وحتى اليوم.  

وأشار إلى أن التكتم على التسوية السياسية يؤكد أن هنالك رفضاً لها من داخل الجهات التي تعمل على طبخها بعيدا عن أعين الكثيرين.  

واتهم الدومة عناصر النظام البائد بالوقوف خلف هذه التسوية، وقال إن “عقلاء المؤتمر الوطني تحدثوا مع جهلائهم المسيطرين على المشهد الآن بضرورة حل المسألة حتى وإن كان ذلك على حساب مصالحهم الذاتية “. “على حد قوله”.

 

تاريخ الخبر: 2022-10-14 15:23:20
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

وفد من حماس إلى القاهرة لبحث مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 12:25:52
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 58%

وفد من حماس إلى القاهرة لبحث مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 12:25:45
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية