في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية.. الملك يضع أسس ثورة مائية ويحذر من المزايدات السياسية


الدار/ افتتاحية

بتخصيصه لحيز كبير من خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة يكون جلالة الملك محمد السادس قد وضع الأزمة المائية على رأس الأولويات التي يجب أن تنكب عليها المؤسسات التنفيذية والتشريعية ببلادنا. لم يتردد جلالته في وصف الوضعية المائية بالمغرب بحالة “الإجهاد” خصوصا بعد موجة من الجفاف غير المسبوق منذ أكثر من ثلاثة عقود. وبحسّه العملي المعهود يضع الملك محمد السادس الأصبع على الداء ليحدد سلسلة من الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه الأزمة والتي قد تشكل في المستقبل القريب ما يشبه الثورة المائية في بلادنا. فبعيدا عن الإجراءات العادية التي يتم اتخاذها في كل موسم جاف، يسعى جلالة الملك من خلال التوجيهات التي أعلنها اليوم إلى حل مشكلة الماء بشكل هيكلي ونهائي.

وفي سياق هذا المبتغى الملكي، كان لا بد أن ينبه جلالة الملك إلى أن قضية أزمة الماء في بلادنا هي مسؤولية جماعية يتشارك فيها الكل سواء من المنتخبين أو المسؤولين أو حتى من أفراد المواطنين العاديين، محذرا من مغبة توظيف هذه المعضلة في مجال المزايدات السياسية أو جعلها مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية. في ثنايا هذه الدعوة وعي ملكي راسخ بخلفيات التوظيف السياسوي الذي حاول بعض الأطراف منذ أن دخل المغرب في موجة جفاف غير مسبوقة أن يمارسوه لتحقيق مكتسبات سياسية ضيقة، مثلما عبّرت عن ذلك بعض أطراف المعارضة، في وقت كانت فيه الحكومة الحالية تبذل قصارى الجهود لتلبية الاحتياجات المائية خصوصا في المناطق القروية النائية. وفي قلب هذه الدعوة أيضا حرص على توعية المجتمع بأن أزمة الماء تتجاوز قدرات مؤسسة أو جهة أو هيئة واحدة، وإنما هي معضلة تستدعي تضافر كل الجهود.

لكن خطاب اليوم لم يترك المجال مفتوحا أمام اجتهاد أي طرف كان، لقد وضع جلالة الملك محمد السادس خارطة طريق واضحة لأجل الخروج من هذه الأزمة، التي نبّه أيضا إلى أنها ليست مقترنة فقط ببناء وتجهيز البنيات التحتية الضرورية وإنما أيضا بوعي ذكي في عملية التدبير والاستغلال لهذه الثروة النفيسة. فإلى جانب كل الإجراءات التي ذكّر بها جلالة الملك في خطابه، وتشمل بناء السدود ومحطّات تحلية مياه البحر وغيرها، يؤسس خطاب 14 أكتوبر لمعالم ثورة شاملة في مجال تعبئة وتدبير والمحافظة على الموارد المائية لبلادنا. وقد كانت أسس هذه الثورة المائية واضحة في هذا الخطاب التاريخي عندما تجاوز جلالة الملك ما هو تقليدي على مستوى المنجزات المائية إلى الدعوة لاتخاذ مبادرات مبتكرة تنتمي إلى صنف التفكير من خارج الصندوق.

وقد ارتكزت هذه المبادرات كما وجّه جلالة الملك على ضرورة إطلاق برامج ومبادرات أكثر طموحا، واستثمار الابتكارات والتكنولوجيات الحديثة، في مجال اقتصاد الماء، وإعادة استخدام المياه العادمة. كما شملت هذه المرتكزات إعطاء عناية خاصة لترشيد استغلال المياه الجوفية، والحفاظ على الفرشات المائية، من خلال التصدي لظاهرة الضخ غير القانوني، والآبار العشوائية. ولم تقتصر أسس هذه الثورة المائية على إحداث التغيير على مستوى البنيات والسلوك فقط، بل أكد الملك محمد السادس على أهمية تغيير الفلسفة التي تحكم كل السياسات المتعلقة بتدبير الماء من خلال التنصيص على أن سياسة الماء ليست مجرد سياسة قطاعية، وإنما هي شأن مشترك يهم العديد من القطاعات، وهو ما يقتضي التحيين المستمر، للاستراتيجيات القطاعية، على ضوء الضغط على الموارد المائية، وتطورها المستقبلي.

كل هذه التوجيهات والأسس التي أعلنها جلالة الملك محمد السادس ستبقى رهينة أيضا بـ”ضرورة الأخذ بعين الاعتبار، للتكلفة الحقيقية للموارد المائية، في كل مرحلة من مراحل تعبئتها، وما يقتضي ذلك من شفافية وتوعية، بكل جوانب هذه التكلفة”، كما قال جلالته. إن التأمل في هذه المرتكزات الأربع الرئيسية للثورة المائية المرتقبة يُظهر مدى الحرص الملكي على معالجة معضلة الماء في بلادنا علاجا جذريا يتجاوز منطق تدبير الأزمات الظرفية، ويمكّن بلادنا من آليات ثابتة للتعامل مع كل مرحلة مائية حسب شروطها وإكراهاتها، وهو ما يعني تحمّل جميع الأطراف حكومة وأحزاب ومؤسسات وقطاعا خاصا وأفرادا لمسؤولياتهم في معالجة هذه المشكلة التي تزداد تعقيدا مع تفاقم الأزمة البيئية وارتفاع مستويات الضغط والاستهلاك على المعروض المائي.

تاريخ الخبر: 2022-10-14 21:24:48
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:50
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:00
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية