حمدي أبو جليل: أنا كاتب بلا قضية.. ومصدوم من تسلف معظم المثقفين (حوار)

ينتمي الروائي حمدي أبو جليل إلى جيل التسعينيات، يرى أن معظم المثقفين تسلفوا، وأن هناك مصطلحات سخر منها كثيرا مثل “الكاتب النبي” أو الكاتب الضمير"، وهو يكتب للمتعة، لمتعته الشخصيية ولمتعة القارئ أيضًا.

صورة لغلاف رواية يدى الحجرية للروائي حمدي أبو جليل
  • أبو جليل الذي أثرى المكتبة العربية بالعديد من الإصدارات التي برهنت على كاتب قوي يقف خلفها، قدم أكثرمن تسعة أعمال روائية وقصصية منها أسراب النمل وأشياء مطوية بعناية فائقة ومن رواياته، لصوص متقاعدون، "الفاعل" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ العام 2008، وترجمها للإنجليزية روبن موجز بعنوان " كلب بلا ذيل" وصدرت الترجمة عن قسم النشر بالجامعة الأمريكية ثم توالت أعماله، القاهرة شوارع وحكايات عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وطي الخيام قصص دار ميريت، الأيام العظيمة البلهاء.. طرف من خبر الدناصوري دار ميريت، نحن ضحايا عك" رواية اخرى في التاريخ الإسلامي دار بتانة 2017 قيام وانهيار الصاد شين رواية دار ميريت 2018   واخيرا رواية " يدى الحجرية  الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.." أبو جليل " والذي يؤكد دائماً وقوفه بجانب الدعوة لفصل الدين عن الدولة أو تشييد الدولة المدنية على أرضية حرية الفكر والإعتقاد والتفكير بمنهجية ودراية نحو إعلاء قيم الخير والحق والجمال فكان له ما أراد.                                             
صورة لغلاف رواية لصوص متقاعدون للكاتب حمدى أبو جليل
  • الدستور التقت أبو جليل وكان هذا الحوار..                                                                                  

بعد رواياتك لصوص متقاعدون والفاعل ويدي الحجرية والكثير من رؤي النهشيم للثوابت في الاجتماعي والديني والسياسي، كبف ترى جدوى الكتابة ومصير الكاتب في ظل إنعدام مفاهيم الحق والعدل والخير والجمال؟

أراه قابضا على جمرته، جمرة اختياره للكتاب وسط مجتمع لا يقرأ، بلا صراخ أو شكوى يجب على الكاتب، الكاتب الحقيقي في بلادي يقدم ولا ينتظر، " قدم ولا تنتظر " أقولها لنفسي أولا، وهذا لا يعني أبدا أن الكتابة ليس لها جدوى أو مردرد يدفع الكاتب للاستمرار، يكفي الكاتب فرح  رضاه عن كتابته بغض النظر عن أي مردود.

وأنا كاتب بلا قضية أو هدف أو رسالة إلا المتعة، أنا أكتب للمتعة، متعتي شخصياً ومتعة القارئ، وطالما سخرت من مصطلحات " الكاتب الضمير والكاتب النبي"، ونفرت من موقعه، وأحببت موقع للانسان العادي، عين الانسان العادي، لذا أنا مجرد من الأسلحة المعتادة للكاتب ألا وهي القضية والسعي للتغيير أو مقاومة أي حاجة، أنا لا اقاوم بالرواية، وأرى أن استخدام الرواية في قضية مهما كانت سامية وعظيمة هو إختيار للوسيلة الخطأ، الافيد للقضية أي قضية حزب سياسي مقالة مظاهرة أو حتى الرأي العابر  على فيس بوك مفيد للقضية عن أي رواية.

صورة ل حمدي أبو جليل في أحدى الندوات

كيف ترى تلك الطبقات التي استحضرتها بعنف وروية وإبهار فاق واقعنا المرعب في اللحظة الراهنة؟

أنا لم استحضر الشخصيات بل أكاد اقول لك لم أتخيلها، أنا فقط أتلفت حولي، أتحسسس محيطي، الأدق أتحسس محيطي في ومني، وأرى أن الانسان الروائي كلما أمعن في ذاته ومحيطه وما يعرفه بدقة ويتلمسه سيعبر عن الانسان في أي زمان ومكان، طبعا هذا ليس سهلا، ولابد أن تتساقط علي الرغبات والامنيات حتى يخلص الانسان لنفسه ويصل للكاراكتر الكامن فيه، وهو ليس من قبيل الاعتراف أو الفضح كما فعل محمد شكري في روايته الفارقة الخبز الحافي على أهميتها وريادتها ولكنها محاولة للفهم والتفهم ومنطقة ما دا، حينها يبح الواقع أكثر خيالا وجنانا من أي فن وما على الكاتب إلا منطقته.ويضيف الروائي حمدي أبو جليل..كما أرى أن كل الاشكال من التاريخ للخيال العلمي قدمت في الرواية ولم يعد أمام الروائي إلا أن يقدم نفسه.

صورة لغلاف رواية يدي الحجرية للكاتب حمدي أبو جليل

كيف ترى مستقبل الكتابة ووضعية الكاتب في ظل هذا التشرذم وإنعدام الرؤية المستقبلة في الواقع الفكري والثقافي؟

أنا مصدوم بتسلف غالبية المثقفين، المثقف تراه حرا في حياته وبعض كتاباته وينطوي على سلفي كامل لا يختلف عن أي عضو في حزب النور ، وكنت أظن أن جيلي جيل التسعينات خطى خطو كبير في سبيل التحرر من الثقافة  السلفية والاجيال للجديدة ستواصل، ولكن الذي حدث أن الاجيال الجديدة أكثر سلفية للأسف.

ولكني متفائل بثورة الاتصالات. السوشيال مديا ثورة الانسان الفرد للوصول للإنسان الفرد، وأعتقد أنها ستكنس في النهاية كل هذا الظلام. كما اني من المؤمنين أن ثورة يناير وإمدادها العظيم في يونيو فتحت باباً لا يمكن أن يرد.

صورة اثناء تدشين الكاتب لطبعة الشروق من روايته لصوص متقاعدون.

_ بعد كل ماحققته من فرادة في عالمك السردى وترجمة غالبية نصوصك بل وحصولك على جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية هل ترى أن الدولة بمؤسساتها الثقافية في حالة خصام شخصى معك فيما يخص جوائزها؟

وأنا صغير خدت أكبر وأهم جوايز القصة للشباب في مصر والعالم للعربي من جايزة الثقافة الجماهيرية حتى جايزة الابداع العربي في الإمارات، ولما كبرت واتضح أن لي ٱراء خادشة أحيانا ابعدت تماما عن كل الجوائز، لدرجة أن روايتي " قيام وانهيار الصاد شين" التي اختارتها جريدة نيويورك تايمز ضمن افضل الكتب الصادرة في العالم ٢٠٢٢، وجاء على رأس ثلاث كتب فقط من افريقيا - استبعدت حتى من القائمة الطويلة لجائزة ساويرس!! وفي جائزة المجلس الاعلى للثقافة فضلت عليها رواية رومانتيكية حالمة تنتمي للقرون الوسطى.

عن جيل التسعينيات الذي تنتمي إليه، كيف تراه الأن بعد مرور أكثر من عقود ثلاث على بدء حفرك في واقعك وعالمك بل وإطلاعك على كتابات هذا الجيل. ليتك تطرح لنا رؤيتك في هذا الإطار الشائك / المراوغ؟

بورتريه للروائي حمدى أبو جليل

جيل التسعينات ليس مجموعة ادباء ظهرو في التسعينات، وإنما وعي جديد بالكتابة والثقافة والحياة بدأ في التسعينات، ومن أهم مظاهرة تغير بل إنتقال موقع الكاتب للنقيض تماما. من نوع الكاتب الضمير النبي الى موقع الكاتب الانسان العادي المجرد إلا من عاديته، ومن اللغة الأدبية الغنية بالتراكيب والصور والمجازات الى اللغة البسيطة الادائية  الى حد بعيد. غير أن هذه اللغة وهذا الموقع لم يتخذه أغلب كتاب جيل التسعينات، بل أن ابرزهم ينتمون للوعي الحداثي المناقض تماما لوعي التسعينات، وأنا أعتبرهم الحلقة الأخيرة في كتابة الحداثة العربية التي أبعدت الكتابة عن كل شيئ من أول القارئ للترجمة إلى فهم الانسان في مأزقه, وأنا أراها، أي الحدثة الأدبية العربية، الوجه الآخر لثورات التحرر الوطني التي أسقطت الملكية وطردت الاستعمار وساهمت شعوبها بما هو أنكي وأشد من أي ملكية وأي استعمار، فمثلها بالظبط، وعدت الحداثة بآمال وطموحات ونصوص كبرى ثم آلت الى الفراغ، وانزوا نصها بل مات موتاً في حياة منتجيه.

بورتريه للروائي حمدي أبو جليل

والمؤسف أكثر أن بين جيل التسعينات، سلفيين وكتاب قضية يظنون حتى اليوم أن بضع روايات كفيلة بمقاومة الظلم وتغيير العالم.

عن آليات والأشكال النقدية في الساحة الثقافية المصرية، كيف تشرح للقارئ رؤيتك لحالات النقد الثقافي والمعرفي في مصر وهذا إنطلاقاً من تعامل النقد والتشريح مع أعمالك/ سرودك الروائية والقصصية؟

انا أعتبرني محظوظا في النقد لصوص متقاعدون روايتي الاولى كتب عنها الكثير وتم تناولها في العديد من الرسائل الجامعية منها دكتوراة في جامعة السوربون، ولكنى أرى أن النقد لا يؤثر في الكتابة سواءً كان قويا أو ضعيفا، هو ممكن أن يؤثر في ما اسميه بالاجراءت أو الانشطة المصاحبة للكتابة كالجوائز أو المؤتمرات، من هذه الناحية يقوم النقد الان بدور تعيس ومحبط في الحقيقة، النقاد يتحكمون في كل شيئ ولم يتركو مكانا لكاتب لدرجة أن اللجنة المنظمة لملتقى القاهرة للرواية القادم لا يوجد بها روائي واحد!!!

_ في ظل ما يحدث من حروب وأزمات وأوبئة تجتاح العالم، كيف ترى مستقبل وواقع الكتابة ومصير الكاتب فيما يخص القادم مصريا وعربي وعالمي؟

أعتقد أننا نحن الكتاب الادباء لن نتأثر بالحروب لا في الانتاج ولا التلقى، ليس لأننا لا نتأثر ولكن لأننا في وضع اغور من اي حاجة! ونواجه ما هو اصعب من أي حرب ألا وهو السلفية المهيمنة على الغالبية العظمى من الشعب العظيم.

صورة لروايتين الفاعل ولصوص متقاعدون ل حمدي أبو جليل

_ أخيراً ما هي رؤيتك وموقفك من أشكال الكتابة والسرد المصري والعربي بل والعالمي في العقد الأخير؟

أرى أن الرواية المصرىة قامت بثورتها في بداية القرن العشرين قبل الثورة المصرية المجيدة، ولفتت النظر بقوة ومنها ومن نجاحها جاء الاهتمام المؤسسي بالرواية وظهرت اكبر جوائزها في مصر والعالم العربي، ولكن هذا الاهتمام وهذه الجوائز على أهميتها تنكرت للثورة الروائية المصرية وعادت بالرواية المصرية والعربية الى ما قبل التسعينات.

تاريخ الخبر: 2022-10-17 12:21:43
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

وطنى

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-27 09:21:40
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 58%

صباح الخير يا مصر..

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-27 09:21:41
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية