مرة كلّ خمس سنوات، يعقد الحزب الشيوعي الصيني مؤتمره العام من أجل اختيار قيادته للولاية القادمة. وهو ما يجري حالياً في بكين، بعد أن انطلقت نسخته العشرين الأحد برئاسة رجل البلاد القوي شي جين بينغ، وبحضور نحو 2300 نائب.

ودخل بينغ قاعة المؤتمر تحت تصفيق الحضور، القاعة التي زُينت باللونين الأحمر والذهبي، المميزَين للحزب، وبلافتات تمجده وتمجد عدالته، على حد قولهم. وفي صمت تام، قرأ بينغ حصيلة السنوات الخمس الثانية من حكمه، فيما عيناه تنظران صوب الولاية الثالثة.

هذا ما يرجحه مراقبون يرون أنها سنة تنفيذ إجراء بينغ سنة 2018، والذي يسن إبطال تحديد عدد الولايات الرئاسية باثنتين. بالمقابل يتوقعون تغيرات جذرية في المكتب السياسي للحزب، بما يتوافق وسياسة الرئيس للمرحلة القادمة.

"موحد القطرين وقاهر كورونا!"

تأتي هذه النسخة من مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني بعد متغيرات عديدة مرت بها البلاد خلال الولاية السابقة للرئيس، أهمها انتشار وباء كورونا منها نحو العالم، كما قبلها عملية ضم هونغ كونغ سنة 2019، والتصعيد الحاصل في تايوان التي تسعى البلاد لضمها هي الأخرى.

وهي نقاط ثلاث مثَّلت محور حصيلة الرئيس شي جين بينغ، إذ أشاد في خطابه بسياسة "صفر كوفيد" التي انتهجتها بلاده لمواجهة الوباء، واصفاً إياها بـ"حرب شاملة من أجل وقف انتشار الفيروس" أنقذت كثيراً من الأرواح، رغم الخسائر التي ألحقتها بالشعب الصيني والاقتصاد.

وبشأن هونغ كونغ احتفى بينغ بنجاح بلاده في بسط سيطرتها على الإقليم، قائلاً: إن الدولة فرضت سيطرتها هناك وحولت الوضع من "الفوضى إلى الحكم". وكانت بكين فرضت قانون أمن قومي كاسحاً على الإقليم بعد مظاهرات رافضة لنفوذها في سنة 2019.

ولا تزال الصين تعيش قلاقل قضية تايوان، التي تسعى جاهدة لضمها هي الأخرى إلى البر الرئيسي، وهو ما تعارضه الدول الغربية حليفة تايبيه. هذا وهدد بينغ بأن بلاده "لن تتعهد أبداً بالتخلي عن استخدام القوة" ضد ما يحول دونها وضم الجزيرة ذاتية الحكم، وأن "إعادة التوحيد الكامل لبلدنا يجب أن تتحقق وستتحقق".

إضافة إلى هذا أشاد بينغ بقضائه على "التهديدات الداخلية" للبلاد، في إشارة إلى الانقسامات داخل الحزب الشيوعي نفسه، قائلاً إن حكمه "أزال الأخطار الخفية الخطيرة في الحزب". ومنذ توليه المنصب سنة 2012، قاد الرئيس الصيني حملة واسعة لـ "محاربة الفساد" داخل المؤسسة، فيما قرأ في ذلك معارضوه حملة تطهير للخصوم السياسيين.

أقوى زعيم صيني بعد المؤسس

ويعد شي جين بينغ أقوى زعيم صيني بعد مؤسس الجمهورية الشيوعية ماو تسي تونغ، وهو ما يطمح إلى تأكيده، عبر انتخابه لولاية ثالثة على التوالي في سابقة تاريخية منذ الرئيس المؤسس. وهذا ما خطط له منذ سنوات، وكشف عنه ضمنية في 2018، حين أعلن بشكل مفاجئ إبطال قوانين تحديد الرئاسة في ولايتين، حينها قرأ محللون في الأمر تأبيداً لحكم الرجل.

وحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، فمن المرتقب أن تكلل خطط الرئيس الصيني بالنجاح، استناداً إلى المعارضة الخافتة التي تلقاها قراره سنة 2018. وأعادت ذلك إلى الحملة التي قادها بينغ منذ توليه الحكم ضد خصومه السياسيين. ونقلت عن البروفيسور كارل مينزنر، الزميل في مجلس العلاقات الخارجية، قوله إن حصول بينغ على ولاية ثالثة هو بالفعل "يقين ميت"، وهو ما قد يؤدي إلى "فتح الباب أمام تفكك أوسع للنظام السياسي الصيني والعودة إلى حكم الرجل الواحد الكامل".

هذا ويرأس شي جين بينغ، إضافة إلى البلاد، كلاً من اللجنة العسكرية المركزية واللجنة المركزية للحزب. وخلال المؤتمر، الذي يقام على رأس كل خمس سنوات، ينتخب مندوبو الحزب الـ2300 رئاسة هذه المؤسسات الثلاث. بينما قبيل مؤتمر هذه السنة أصدر كبار قادة الحزب الشيوعي الصيني بياناً يؤيدون فيه بينغ باعتباره "صميم" الحزب والقيادة، كما دعوا الحزب إلى الاتحاد بشكل أوثق خلفه.

TRT عربي