حديثُ الحديقة!

تخفّفت"عمارتُنا" المُستنبتة على عجلٍ تحت ضغطِ الحاجة المتزايدة إلى الإسكان، من الحديقة، التي عُدّت في بعض الأحيان ترفًا، حتى وإن ظلّ مصمّمو المُدن والأحياء أوفياء للخضرة في مخطّطاتهم التي تتوسّل التنفيذ من بُناةٍ بأهواء من إسمنت وساكنةٍ مولعة بالجدران ترى فيها الخلاص ومنتهى الأمل.

و أخطر من فصل الحديقة عن العمارة، سقوطها من يوميات وعادات النّاس الذين حوّلوا الشارع إلى فضاء للرّاحة و التسليّة، و تكفي جولة معاينة في شارع من شوارعنا للوقوف على الوظائف الجديدة التي أصبح يتحمّلها مُكرهًا.
و حين تُضاف فضاءات الترفيه، من مسارح ودور سينما  وغيرها، إلى قائمة المفقودات فإنّ النتيجة هي ما نراه وما نسمعه في مدننا بلا زيادة أو نقصان، فثمة نمط عيش تم الاستسلام له، نمط معفى من دواعي المسرّة وأسباب المُتعة!
يتعلّق الأمر بحالة تقشّف يُختصر فيها استغلال الفضاء، بل بتقشّف في الحياة نفسها يُترجمه فقر في اهتمامات الناس واكتفاء بالضروريات، إلى درجة أن فضاءات التسوّق والأكل تحوّلت إلى المقصد الأول لسكّان المدن والمتردّدين عليها، ويكادُ الترفيه والتّثقيف يختفيان من وسائل إعلامنا أيضًا، في وقت تسرقُ فيه التكنولوجيا الأفراد من المجتمع وتلقي بهم في غيابة العُزلة والتوحّد.
وحتى وإن بدأ الحديث عن الفضاء في النقاشات العامّة في السنوات الأخيرة، مع استحداث هيئات عموميّة ومدنيّة تتكفّل بمسائل البيئة المعقّدة، إلا أنّ المعضلة تحتاج إلى تفكير وإلى استراتيجيات، تجعل من العمران تدبيرًا يضع الاجتماع في قلب كل مشروع، وفنًّا يستهدفُ المستقبل، فطاقة المجتمع تحتاج بدورها إلى تصريفٍ، ووحدها المدن المسيّرة بذكاء تستطيع إخضاع الإنسان إلى نواميسها  و انتزاع أحسن ما فيه وإظهاره على مسرحها المفتوح، وردع المظاهر البدائيّة التي يدفعها اللاوعي الجمعي في بعض الفترات من تاريخ المدن وتاريخ الإنسان.
والعمران في نهاية المطاف أصدق تعبير عن الوضعيات الحضاريّة لأنّه يعكس العبقريّة و البراعة أو المتاعب في مُلاحقة تطوّر الحياة، أي أنّه نتاج فلسفة وتراكمات وليس مجرّد حلّ لإشكال طارئ في المكان. والمتصفحّ لكل الحضارات العظيمة، سيجد الحديقة شقيقة للعمارة والبراعة في تنظيم الفضاء دليل القوّة وعنوان المرحلة.
لكلّ ذلك،  لا بدّ من رفد الأفكار الخضراء التي بدأت تظهر في حياتنا و تحويلها إلى ثقافة .

سليم بوفنداسة

تاريخ الخبر: 2022-10-18 00:24:39
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

في سوق الأسهم .. هل عليك بيع أسهمك في مايو وإعادة الشراء في نوفمبر؟

المصدر: أرقام - الإمارات التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:24:00
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 36%

توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:24:52
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 70%

انهيار طريق سريع جنوب الصين: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48 شخصا

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:25:00
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 63%

بين فيتنام وغزة – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:22:59
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 59%

هذه وضعية سوق الشغل خلال الفصل الأول من سنة 2024

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:24:54
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية