صدر قبل أيام، عن دار خيال للنشر و الترجمة كتاب «ذاكرة النص الروائي: بين تسريد التاريخ وتأريخ السرد» للباحث والناقد الدكتور هشام بن سعدة.
 ويطمح هذا المؤلف العلمي لفهم ما في الرواية من تداخل بين المرجعي والمتخيّل، من خلال تعقب كيفية اِشتغال الروائيين الجزائريين على الواقعة التاريخية حين تقوم بخلق وضع وجودي جديد لشخوصها، ولأنّ إشكال الرواية والتاريخ يقتضي الجمع بين الخارج والداخل، إذ كيف يمكن تتبع مسارات التّاريخ في رواية ما دون أن يكون ذلك التاريخ محدداً سلفًا. وذلك ما يفسر جنوح هذا البحث إلى اِختيار أنموذج الرواية المُجسد لهذه الخصوصية والمتغيرات الحاصلة على مستوى النص السردي، عبر رواية «شعلة المايدة» للكاتب والروائي الجزائري محمّد مفلاح، وهي رواية تاريخية تسعى إلى التقاطع مع التاريخ من خلال اِستدعاء جهود الشعب الجزائري في تحرير مدينة وهران من الاِحتلال الإسباني عام 1792 تحت قيادة الباي محمّد بن عثمان الكبير.
وحول اِختيار هذا المحور بالذات في الرواية الجزائرية يقول المؤلف: «إنّ اِستدعاء الحدث التاريخي وإثارته ضمن النصوص الروائية يُغري بالنظر ويدعو إلى التقصيّ، خصوصاً حين يقوم على فكرة بناءة تُرسخ علاقة الإنسان الجزائري بأرضه والهم الوطني كلما تكالبت قِوى القهر والعدوان الأجنبي على مقومات هذه الأمة، وهو مجهودٌ فكري تجثم دروب التجريب والمُخاطرة من أجل خصوصية المتن وحداثته».
من هنا كان هدف هذا الكِتاب هو تلبية حاجة القارئ إلى مرجع علمي يُقدم معرفة علمية منهجية لاِختبار قدرات النص الإبداعية التي مكّنته من القابلية للقراءة والتأويل، اِنطلاقًا من إجراءات رآها البحث جامعة بين قضايا النصوص وقضايا الشكل.
وهذا ما أكده الناشر في فقرة إعلانه عن صدور الكِتاب، إذا قال متسائلا: «هَل يُمكن للرواية أن تَنفلت من قبضة التاريخ؟ يبدُو ذلك مُستبعَداً حتّى داخل مُتون تزعم أنّها غير تاريخية! نخبَة من الأسئلة والمقاربات اِشتغل داخلها الدكتور هشام بن سعدة بالشّكل الّذي يُتيحُ للباحث والقارئ تكوين صورة عامة عن علاقة السرد بالتاريخ وما ينبثق عن ذلك من أسئلة عميقة! وقد قارب رواية (شعلة المايدة) للروائي المعروف محمّد مفلاح بالشكل الّذي يدفع القُراء إلى اِكتشاف مناطق جديدة داخلها ويُحرّك الباحثين لطرح تساؤلات جديدة على مدوّنة (مفلاح) الثّرية».
للإشارة، الدكتور هشام بن سعدة، من مواليد مدينة غليزان، متحصل على شهادة دكتوراه في علوم النقد الأدبي العربي المعاصر بين النظرية والتطبيق من جامعة أبو بكر بلقايد/تلمسان، يشغل حالياً منصب أستاذ رئيسي في المعهد الوطني لتكوين الإطارات بتلمسان، ويقوم بمهام أستاذ مؤقت لمادة الأدب الأندلسي بجامعة تلمسان.                     نـوّارة/ل