شيء جميل أن يعطى للإنسان موهبة من قبل الله ليستفد بها هو والآخرون ، والأجمل أن يكون هناك عدة مواهب مجمعة في شخص واحد ، فإذا عمل هذا الإنسان على تنميتها ، فسيصبح هذا الإنسان متفردًا في مجاله ويلمع مثل النجم ، ولكن الأجمل على الإطلاق “في رأيي” هو أن يطوع هذا الإنسان كل مواهبه وقدراته التي تعلمها ويضعها في خدمة الله ورهن إرادته وترتيبه ، كنوع من الشكر والتسليم بالخطة الإلهية في حياة كل منا …

كل هذا الوصف تم مطابقته تمامًا في حياة مخرجنا الكبير الراحل “ماجد توفيق “رائد مخرجي الأفلام الدينية المسيحية ، والذي رحل عن عالمنا صباح يوم الأحد ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٢، وحتى كتابة هذه الكلمات كنت أظن فقط أنه يقوم بالإخراج ، حتي صرحت لنا ابنته الفنانة “نرمين ماجد توفيق” بمعلومات نادرة عن حياته وعن المواهب التي تمتع بها ، ولا يعرفها الكثيرون ..وفيما يلي عرض لهذه المعلومات عن حياته وأعماله ..

اسمه بالكامل “ماجد توفيق عيد” وقد ولد في ٩ يونيو عام ١٩٣٧ ، وتخرج في كلية الفنون التطبيقية قسم التصوير السينمائي عام ١٩٦٢ ، حيث كانت مدة الدراسة وقتها خمس سنوات ، ثم عمل بالتليفزيون العربي ، ما يقرب من ٢٥ عامًا كمدير تصوير ، وعمل أيضًا في استوديوهات “زينة فيلم” في سوسة بدولة تونس لمدة خمس سنوات كمخرج ومدير تصوير ، والذي قام وقتها بإنتاج أفلام و مسلسلات كثيرة لممثلين مصريين ومن جميع أنحاء الوطن العربي ، وقد تزوج المخرج ماجد توفيق عام ١٩٧٩ من “جيرمين ميشيل ” وأنجب ابنته الوحيدة نرمين ماجد توفيق ، وله حفيدان هما يوسف وأندرو وابنته تعيش حاليًا في لندن ، وفي عام ١٩٨٧ كان انطلاق أول فيلم ديني له و هو يحكي سيرة القديس الأنبا آبرأم أسقف الفيوم .

وفي تصريح خاص لموقع “وطني” كشفت الفنانة نرمين ماجد توفيق عن المواهب التي كان يتمتع بها والدها فقالت : هناك مراحل بحياة والدي لا يعلمها الكثيرون مثل قيامه بإخراج برامج ومنوعات وفوازير رمضانية للمغرب والجزائر وتونس ، كما أخرج مسرحية “مصرع المتنبي “.

وتابعت تقول : تمتع والدي بموهبة التلحين ، فقام بتلحين أغاني خفيفة مثل “ما اخدش العجوز أنا “غناء ليلى نظمي ، و مقدمة مسلسل “أحب الطريقه الطويل” غناء محمد قنديل ، و”خطوات” غناء شفيق جلال .

وقدم العديد من الأعمال الموسيقية لبعض مسلسلات التلفزيون مثل الوسادة الخالية ، النقاب الأزرق ، زوجات وأزواج ومسلسلات أخرى كثيرة وبعض الأغاني .

وقالت” نرمين ” عن وزنة التلحين لوالدها الراحل : إنها ظلت معه ولكنه غير اتجاهها ، واستخدمها بإعماله الدينية ، فلحن المقاطع والترانيم التي تصاحب الأفلام مثل” مابتنساش ” بفيلم سمعان الخراز و “لمسة الحب الإلهي ” في فيلم الأنبا موسى الأسود ، “وانحني يا نفسي” في فيلم آنا سيمون ، وقام باختيار و إعداد الموسيقى التصويرية لأفلام أخرى كثيرة .

موقف آخر تتذكره الفنانة نرمين وتقول : عندما طلب منه راعي كنيسة مارجرجس والأنبا آبرأم مصر الجديدة إخراج فيلم عن القديس الأنبا آبرأم وأعطاه مبلغ ١٨٠٠٠ جنيهًا لإنتاجه ، حيث كان هذا الفيلم هو الشرارة التي أثمرت بعد ذلك زخمًا من هذه الأفلام الدينية ، وبما أن الميزانية كانت ضعيفة جدًا فقام المخرج ماجد توفيق بعمل صور الممثلين بنفسه وقام بقصها بنفسه لعمل غلاف الفيلم”الأفيش” .

وتذكرت ” نرمين” عمل آخر للراحل ماجد توفيق وقالت : إن والدها كان يهتم جدًا بالأعمال التي تقدم للأطفال ، فقدم برنامج “عالم سمسم”و كان هو مدير التصوير ، ونجح هذا البرنامج نجاحًا كبيرًا لأن البرنامج كان يعرض مواد تعليمية وتثقيفة عبر استخدام العرائس من أجل ترسيخ القيم والأفكار البناءة للطفل ، وكان البرنامج يركز على كيفية تعزيز ثقة الطفل بنفسه .

الجدير بالذكر أيضًا أن المخرج الراحل ماجد توفيق قدم أعمالاً فنية دينية للأطفال و هي فيلم “رحلة العجايب” بجزءيه من بطولة ابنته الفنانة نرمين ماجد و نجوم الأفلام الدينية المسيحية و فيلم “أ .ب آية علي كل حرف ” من بطولة ابنته بالاشتراك مع الفنان رأفت ماهر لبيب و كان كلاهما وقتها في سن صغيرة .

وكشفت نرمين عن سر تكرار جملة “من كنيسة مارجرجس والأنبا آبرأم بمصر الجديدة ” في كل أعماله الدينية القبطية ، حيث قالت : إن هذه البيعة كانت تكتب كل في مقدمة بكل أفلامه لشعوره بالوفاء والتقدير لراعيها المتنيح أبينا القس يوحنا إسكندر ، فقد كان هو أول من فكر في إنتاج الفيلم المسيحي ، كما كان أول داعم مادي لوالدي في بداية هذا المشروع الروحي من شخصه المبارك من رعاية هذه الكنيسة .