قبر معمر القذافي «المجهول» يجدد الجدل في ذكرى مقتله


جددت ذكرى مقتل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، الجدل بشأن مكان مدفنه «السري»، كما أعادت الحديث مجدداً عن كواليس ما دار في تلك الليلة، التي قُضي فيها أيضاً نجله المعتصم بالله، وذلك عندما سقطت مدينة سرت بـ(وسط البلاد) في قبضة «ثوار فبراير (شباط)» إثر معركة دامية بمسقط رأسه، في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011.
وبين انقسامات سياسية عديدة تعيشها الساحة الليبية بشأن فترة حكم القذافي، التي دامت قرابة 42 عاماً، وما تضمنت من مناخ وصفه البعض بـ«الديكتاتورية، وحكم الفرد، وحكم الأسرة»، لا يزال أنصار النظام السابق، ومعهم قطاع من الليبيين «يترحمون على تلك الحقبة»، ويجددون اتهاماتهم لحلف شمال الأطلسي الـ(ناتو) بـ«التآمر على البلاد، وتدمير بنيتها التحتية».
وقال أحد مشايخ قبيلة القذاذفة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» اليوم، إن ليبيا «تشهد حالة متردية من الصراع على السلطة، بين جميع المعسكرات شرق وغرب البلاد، والجميع يعمل لمصلحته، وليس لجموع الشعب، وهم الذين روّجوا في السابق، أن (الأخ) العقيد، يحتكر السلطة، ويحتجزها لأنجاله من بعده».
وأضاف متسائلاً «ماذا يحدث في البلاد الآن، غير الفوضى والسرقة والنهب والفساد، بجانب الديكتاتورية في القرارات أيضاً؟ في حين بقي غالبية الشعب يعانون الجوع والفقر والمرض»، لافتاً إلى أن من في الساحة راهناً «يهابون القذافي، حتى وهو في قبره؛ لذا يصرون على جعل مكانه سرياً».
ورغم مرور 11 عاماً على مقتل القذافي، لا تزال بعض المدن الليبية، خصوصاً في الجنوب، تعبّر عن حزنها لفقده؛ ويطالب جميع أنصاره بمعرفة مكان المقبرة التي ووري فيها جثمانه، ونجله المعتصم بالله، في حين يتمسك البعض بضرورة عدم كشف المكان كي «لا تحدث فتنة، بين مؤيديه ومعارضيه».
وقُتل القذافي ونجله المعتصم في مدينة سرت، لكن أفراداً من مدينة مصراتة (غرب البلاد) نقلوا جثتيهما إلى مدينتهم قبل أن يدفنوهما في مكان غير معلوم. ومنذ ذلك الحين وأنصار النظام السابق، يطالبون بالكشف عن قبور القذافي ونجله، وأبو بكر يونس، ويحركون دعاوى قضائية من أجل ذلك، لكنها لا تؤدي إلى نتيجة.
وسبق وحرك المحامي الليبي عدنان إرجيعة العرفي، دعوى قضائية أمام محكمة بنغازي الابتدائية، دعا فيها إلى الكشف عن مكان القبر الذي ووري فيها القذافي. وكان العرفي قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه اختصم في دعواه مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق، الذي تولى إدارة شؤون البلاد عقب إسقاط النظام عام 2011. بالإضافة إلى الليبي علي الصلابي، المدعوم من تركيا، وصلاح بادي المُدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي.
وقال الدكتور مصطفى الفيتوري، الكاتب والأكاديمي الليبي، إنه «إذا كان سقوط ليبيا عام 2011 قد حوّلها إلى دولة تكاد تكون فاشلة، لولا النفط، وترك مرارة في نفوس الأغلبية من المواطنين، فإن جريمة اغتيال (الشهيد) معمر القذافي، هي الكارثة الكبرى التي يبدو أنها تحولت إلى لعنة تلاحق البلد وأهلها».
ورأى الفيتوري، المقيم في باريس، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن «الجريمة الأكبر تظل عدم الكشف عن قبره لأن من اغتالوه ودفنوه يدركون حجم شعبيته ولهذا أخفوا قبره حتى لا يتحول إلى مزار لأغلبية الليبيين وسواهم».
وسبق ووعد صلاح بادي، قائد ما يعرف بـ«لواء الصمود» في مدينة مصراتة (غرب ليبيا) الذي يعد أحد المشاركين في دفن القذافي ونجله المعتصم، ووزير الدفاع أبو بكر يونس، بأنه «مستعد للكشف عن المكان الذي دفنت فيه جثة القذافي».
وكان بادي، المُعاقب دولياً، يتحدث قبل عام في حوار عبر «كلوب هاوس»، عن الفترة التي اندلعت فيها «ثورة 17 فبراير»، وما تلاها من أحداث تمثلت في إسقاط النظام، وقال إنه «حال اتفاق مع الأعيان والمدن الليبية، فهو مستعد للكشف عن مكان مقبرة القذافي ومن معه»، لكن إلا الآن لم يحدث شيء من ذلك.
وأوضح الفيتوري، أن «آخر مناقشة لمحاولة كشف قبر القذافي، وتسلم جثمانه لدفنه في مكان يليق به جرت منذ سنتين، ولكنها لم تؤد إلى نتيجة؛ لأن قتلته ما زالوا يخشونه حتى وهو ميت منذ أكثر من عقد من الزمان».
وعن كواليس عملية الدفن، روى بادي، في حينها، جانباً مما جرى آنذاك، وقال، إنه «لم يدفنهم بمفرده، بل كان هناك مجموعة أخرى شاركته في الغسل والتكفين والصلاة عليهم من بينهم الشيخ خالد تنتوش»، وتابع «عندما انتهينا من دفنهم جاءنا وفد من مدينة سرت، يريدون جثمان معمر، فقلنا لهم نريد جثمان عمر المحيشي». والأخير أحد المناوئين للقذافي.
وذهب الفيتوري في حديثه إلى أن «التاريخ سينصف القذافي، كما ينصفه اليوم غالبية الليبيين الذين يترحمون عليه وعلى أيامه حين كانت بلادهم مصانة مهابة ومحترمة وهم فيها آمنون ويعيش أغلبهم في رخاء»، متابعاً «الآن الليبيون يحنّون إليه بعد معاناتهم المستمرة. المواطنون الآن في وضع أسوأ ألف مرة مما كانوا عليه عام 2011، بل إن أغلبيتهم باتوا فقراءَ وتغوّلت عليهم الميليشيات لدرجة أنهم يستجدون رحمتها ورأفتها بهم».
وتذّكر موسى إبراهيم، المتحدث السابق باسم القذافي، جانباً مما دار قبيل مقتل الرئيس الليبي بأيام قليلة، وخصوصاً المعارك التي شهدتها مدينة بني وليد (شمال غربي ليبيا) و«كيف تبنى قطاع كبير من الإعلام الدولي» خطاباً موحداً وصفه بأنه احتفى بـ«الفرقاطات الأوروبية والغواصات الأميركية في الجحيم»، الذي قال ساخراً إنها «كانت تصبه على أرض ليبيا، في عُرس ديمقراطي إنساني بديع».
وهنا انتهى الفيتوري من حديثه بأن «إخفاء قبور الموتى لا يجعل الأحياء ينسونهم، بل يتذكرونهم كل مطلع شمس؛ ولهذا فالليبيون اليوم يتذكرون القذافي، وأبو بكر يونس، كل يوم ويترحمون عليهم».


تاريخ الخبر: 2022-10-20 18:23:41
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 75%
الأهمية: 86%

آخر الأخبار حول العالم

رسميا.. انسحاب اتحاد العاصمة الجزائري من مواجهة نهضة بركان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:26:04
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 57%

عاجل.. تأجيل انتخاب اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال 

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:26:06
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 69%

عاجل.. تأجيل انتخاب اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال 

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:26:10
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

رسميا.. انسحاب اتحاد العاصمة الجزائري من مواجهة نهضة بركان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:25:56
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية