الدار/ افتتاحية
لا تنكب حكومة عزيز أخنوش فقط على تنفيذ برامجها ووعودها التي أطلقتها في الحملة الانتخابية وسوّدتها على أوراق التصريح الحكومي. هذه الحكومة تتجاوز المطالب الآنية وتعود إلى تصفية مطالب الماضي التي عمّرت طويلا ولم تستطع أي من الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام تلبيتها. لقد كانت هذه المطالب سواء الفئوية أو العمومية موضوع توظيف سياسي وانتخابي على مدى عقود من الزمن حتى تولّت هذه الحكومة مسؤولياتها لتتخذ قرارات اجتماعية شجاعة وإنهاء ملفات فتحت منذ أكثر من عشرين عاما ولم يُكتب لها الإغلاق إلا خلال ولاية هذه الحكومة. في ظرف وجيز وجد الأطباء أخيرا بُغيتهم وتحقق للأساتذة الجامعيين مطلبهم وخرج متقاعدو القطاع الخاص بالزيادة التي كانوا ينتظرونها منذ سنوات.
ابتداء من يناير 2023 سيحصل الأطباء على زيادة في الأجر تناهز 4 آلاف درهم حيث سيصل الراتب الإجمالي سيتجاوز 12 ألف درهم كحد أدنى بعد إضافة الرقم الاستدلالي 509 إلى شبكة الرُّتب الخاصة بموظفي القطاع الصحي. لقد استمر النضال النقابي من أجل الحصول على هذا الرقم الاستدلالي الجديد أكثر من 15 عاما، حتى قررت هذه الحكومة الدفع بالحوار الاجتماعي إلى أبعد مدى من حيث الإيجابية والتفاعل مع المطالب النقابية المرفوعة. وتزامن هذا القرار الجريء في مجال تحسين الأوضاع الاجتماعية للأطباء والعاملين بالقطاع الصحي مع سياق عام أصبح فيه هذا القطاع من أولى أولويات المغرب، بعد أن أطلق جلالة الملك محمد السادس ورشا وطنيا هائلا يتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية.
وإذا كان الأطباء قد انتظروا مجيء حكومة عزيز أخنوش 15 عاما للاستجابة لمطالبهم فإن الأساتذة الجامعيين انتظروا أكثر من 20 سنة حتى تحقق مطلبهم الاجتماعي بالزيادة في الأجور بما يناهز 3000 آلاف درهم. هذه الزيادة لا تمثل بالنسبة لهذه الفئة من الموظفين تحسينا للظروف المادية وإنما أيضا اعترافا من الحكومة باستحقاقهم لمكانة أفضل في المنظومة التعليمية العليا ببلادنا. فقد عانت الفئات العاملة في هذا القطاع كثيرا من تداعيات إصلاح منظومة المعاشات في عهد الحكومتين السابقتين، وتعرضت وضعيتهم الأجرية إلى قدر كبير من الحيف والتقزيم. واليوم تنجح حكومة عزيز أخنوش في معالجة ما تركته “إصلاحات” الماضي اللّاشعبية من آثار على مداخيل الموظفين وأجورهم.
لكن حكومة تصفية جروح الماضي لم تكتف بإنصاف الموظفين العموميين فقط، لقد شملت قراراتها الجريئة أيضا متقاعدي القطاع الخاص المحالين على التقاعد حتى تاريخ 31 دجنبر 2019. وبلورت إصلاحا ثوريا في هذا المجال عندما خفضت شروط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3240 يوم اشتراك إلى 1320 يوما فقط، مع إمكانية استرجاع المساهمات التي قدمها العامل مع مساهمات مشغله. وبلغت نسبة الزيادة في معاشات هؤلاء العمال 5 في المائة، في الوقت الذي تم فيه الرفع من الحد الأدنى للأجور والزيادة في قيمة التعويضات العائلية ورفع حصيص الترقية في الوظيفة العمومية إلى 36 في المائة وحذف السلم 7.
ولن تتوقف حكومة عزيز أخنوش عند هذه المطالب وحدها، فهي لا تزال منكبّة وبجد كبير على معالجة الكثير من الملفات العالقة منذ سنوات، والتي ستنصف في القريب العاجل فئات أخرى من العاملين والموظفين. وبالموازاة مع تصفية المطالب الفئوية السابقة لا تزال هذه الحكومة تجتهد في مجال تنزيل برنامجها الخاص على كافة الأصعدة، سواء تعلق الأمر بالمجالات الاجتماعية أو بتشجيع الاستثمار أو تطوير البنيات التحتية وأوراشها الكبرى. ومن المتوقع أن تقدم الحكومة خلال هذه السنة على تفعيل خارطة الطريق الملكية لحل معضلة تدبير الثروة المائية مع إخراج الميثاق الجديد للاستثمار إلى حيز التنفيذ في أقرب الآجال.
