سياسة «خلط الأوراق»


كلما اقترب الشتاء اقتربت أوروبا من أزمة حقيقية للطاقة، قد تكون الأسوأ منذ عقود طويلة، لكن هل أوروبا فقط على شفير أزمة للطاقة فقط؟ أم أن هذه الأزمة قد تتجاوز حدودها لتصل إلى كثير من دول العالم؟ في اعتقادي، أن أوروبا هي الأقرب إلى الأزمة لكوننا نقف على عتبات الشتاء الذي يرتفع فيه الطلب على منتجات الطاقة المختلفة، لكن هذا لا يعني أن العالم بمنأى عن أزمة للطاقة على المديين القصير والمتوسط.

في رأيي، أن المشكلة الحقيقية التي يعانيها العالم هي خلط الأوراق في كثير من المجالات وفي كثير من القطاعات الحيوية العالمية، وعلى رأسها قطاع الطاقة بلا شك. بعض الدول وصناع القرار يتبنون سياسة خلط الأوراق لتشتيت الرأي العام وصرف نظرهم عن المشكلات الجوهرية التي يعانونها، والعقبات الفعلية التي تواجههم. في رأيي، لحل مشكلة أوروبا فيما يخص قطاع الطاقة طريق واحد على المديين القصير والمتوسط، وغيره من الطرق التي يتبناها الاتحاد الأوروبي بمساعدة أمريكا لن تؤول إلا لمزيد من شح الطاقة التي تعانيه أوروبا المتضررة الأكبر من هذه الأزمة. هذا الطريق رغم تعقيداته وصعوبته إلى أنه ضرورة ملحة لأوروبا لتجنب ويلات وتبعات ارتفاع أسعار الطاقة ومنتجاتها إلى أسعار تاريخية ستنحر اقتصادها من الوريد إلى الوريد، وهو اقتصاد لا يمر بأحسن حالاته وما زال يحاول النهوض من تبعات جائحة كورونا.

في المديين القصير والمتوسط لا غنى لأوروبا عن شرايين الطاقة الروسية من النفط والغاز، فالتحرر من الاعتماد عليها يتطلب وقتا طويلا جدا واستثمارات ضخمة لإيجاد البدائل التي لن تكون أرخص بأي حال من الأحوال من الصادرات الروسية، فكما هو معلوم أن تكلفة الغاز المسال من تسييل ونقل بحري تفوق الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب الروسية بكثير. عليه، لا أرى أن استمرار الحرب والتصعيد بين روسيا وأوكرانيا ومن يقف خلفها هو الحل، بل الوصول دبلوماسيا إلى أرض مشتركة لن تخلو أبدا من بعض التضحيات الكبيرة من الجانبين، وأرى أن التضحيات الأوروبية ستكون أكبر لكونها المتضرر الأكبر من مطحنة هذه الحرب المستنزفة. فيما يخص أمن الطاقة العالمي، فالجدير بالتنويه والتحذير أن العالم مهدد بأزمة حقيقية للطاقة إذا لم يتم تناول هذا الملف بمسؤولية وحكمة، وبعد عن الأجندات السياسية الضيقة. إلقاء التهم جزافا على السعودية - على سبيل المثال - بعد قرار "أوبك+" خفض الإنتاج بواقع مليوني برميل يوميا ابتداء من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، أنها السبب في أزمة الوقود الأمريكية، هو في الحقيقة خلط للأوراق كذلك لتشتيت الداخل الأمريكي عن جوهر المشكلة الأمريكية في إدارتها ملف الطاقة الداخلي، فكما ذكرت أن السعودية ليست مسؤولة عن طاقة المصافي الأمريكية التي لا تتوازى مع الطلب المحلي لمنتجات الوقود.

السعودية ليست مسؤولة كذلك عن أزمة للطاقة العالمية نشاهد إرهاصاتها الآن بسبب قيادة أمريكا لتقويض صناعة النفط والاستثمار فيه، بل السعودية كانت وما زالت تنادي وتحذر من أن ضعف الاستثمار في صناعة المنبع من عمليات الاستكشاف والتنقيب والتطوير لحقول النفط، سيؤول إلى أزمة حقيقية. خلط الأوراق والشعارات الرنانة لن يمدا العالم بالطاقة، بل المسؤولية في اتخاذ القرارات والتكامل للوصول إلى مزيج أمثل للطاقة يلبيان حاجة العالم المتسارعة.

*نقلا عن صحيفة "الاقتصادية".

تاريخ الخبر: 2022-10-24 09:18:45
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 89%
الأهمية: 99%

آخر الأخبار حول العالم

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (١)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-01 06:21:34
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 66%

نزاهة توقف 166 شخصا بتهمة الفساد من 7 جهات حكومية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-01 06:23:40
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

استمرار هطول الأمطار الغزيرة بعدد من المناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-01 06:23:41
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 52%

في ذكرى رحيله الأولى.. سر حب مصطفى درويش لمدينة دمنهور - منوعات

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 06:21:07
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية