تصنَّف الاحتجاجات الأخيرة في إيران ضمن الانتفاضات العفوية التي تنطلق دون قيادة تنظيمية، لكن مع مرور الوقت يصبح من الضروري أن تتصدر شخصيات الحراك. وفي حالة إيران، يرى الكثيرون أن القيادة الجماعية أفضل حيث من شأنها أن تقود الاحتجاجات في بلد متعدد الأعراق والقوميات وفي ظل معارضة متنوعة في الأفكار والأهداف.
ليس من شخصيات المعارضة المنظمة
وفي هذا الخضم، برزت شخصية صعدت إلى المسرح السياسي المعارض للنظام الإيراني، ليس من الوسط المعارضين أصحاب التنظيمات، بل بسبب فقدانه أسرته في إسقاط الحرس الثوري للطائرة الأوكرانية التي كانت متجهة من طهران إلى كييف قبل سنوات.
إنه المتحدث باسم "جمعية أسر ضحايا الرحلة PS752" حامد إسماعيليون الذي نظم مظاهرات على مستوى إيران، وبالتزامن في أكثر من 150 مدينة حول العالم أبرزها في برلين بألمانيا.
وبهذا بات اسم حامد إسماعيليون على الألسن، إلا أن بعض وسائل الإعلام المحلية وعدد من الشخصيات السياسية في داخل إيران وخارجها حاولوا اعتبار أنشطته بأنها تنطلق من "دوافع شخصية" في معاداته للنظام بسبب فقدان أسرته في مأساة الطائرة الأوكرانية.
وكان إسماعيليون فقد زوجته بريسا إقباليان وابنته ريرا إسماعيليون بسبب إسقاط الطائرة الأوكرانية التي أصيبت بصواريخين على الأقل من قبل الحرس الثوري الإيراني في 8 يناير 2020.
تؤيده شخصيات سياسية في الداخل
وبعد بروزه كشخصية سياسية، فقد ذكر موقع "إيران واير" أن عدد من النشطاء السياسيين داخل إيران أصدروا يوم الثلاثاء 25 أكتوبر 2022 بياناً أكدوا فيه على ضرورة دعم حامد إسماعيليون وأثاروا سؤال كيف يمكن لإسماعيليون وأنشطته أن تساعد الرؤية حول مستقبل إيران.
وأكد هؤلاء النشطاء السياسيون في بيانهم أن "انتفاضة الشعب الإيراني التي عمّت البلاد الشهر الماضي ضد الجمهورية الإسلامية ليست احتجاجاً عابراً". وأضافوا: "الآن نسمع صوت الثورة والإطاحة بالنظام أكثر من أي وقت مضى، لكن في هذه الأيام بالتحديد، إذا اعتقدنا أنه لم يتبق شيء حتى الإطاحة بالنظام، فقد نكون ارتكبنا خطأً كبيراً. علينا أن نقبل أن هذه مجرد بداية طريق وعر يمكن أن يسير بنا في أي اتجاه وأننا نواجه عدواً ووحشاً مفترساً لا يزال لديه العديد من الأوراق ليكشف عنها".
وتسائل الموقعون على البيان "إلى أي مدى يمكن للجمهورية الإسلامية أن تلجأ إلى وحشية شاملة وأكثر بكثير مما رأيناه حتى الآن؟ وإلى أي مدى يمكن إبقاء هذه الانتفاضة الثورية واقفة على قدميها؟".
الانتقال إلى جمهورية ديمقراطية علمانية
كما جاء في البيان: "إذا كنا محظوظين، فإن الانتقال إلى جمهورية ديمقراطية علمانية يمكن أن يكون نموذجنا الواقعي، وليس من المقرر أن تحل انتفاضتنا الثورية المشاكل الكبرى للعالم والشرق الأوسط، بل يجب أن يتشكل مجتمع وبلد قوي وديمقراطي، وبهذا التحول يتم القضاء على مخاوفنا وقلقنا بشأن مستقبل ما بعد الثورة".
ويعتقد الموقعون على البيان أنه "بدون إنشاء شكل من أشكال التنظيم وإيجاد مجلس تنسيقي أو قيادة ومرجعية سياسية، لا يمكن النهوض بهذه الانتفاضة الثورية واستمرارها".
وشدد البيان على أن مثل هذا المجلس يجب أن يتكون "من جميع أطياف المعارضة التي تؤمن بالتضامن والمصير المشترك لجميع الإيرانيين وبإقامة إيران جديدة بأيدي الإيرانيين أنفسهم".
وأشار هؤلاء النشطاء السياسيون في بيانهم إلى أن "حامد إسماعيليون، كشخصية مقبولة هذه الأيام، لديه القدرة والإمكانية على لعب دور مركزي في هذا المجلس" ولهذا السبب يجب الدفاع عنه والوقوف إلى جانبه.
وعدد البيان بعض الخصائص البارزة لحامد إسماعيلون لمشاركته في المجلس التنسيقي أو القيادي المقترح، من بينها "رفعه صوت التقاضي في الخارج على خلفية كارثة إسقاط الطائرة (الأوكرانية)، وقدرته التنظيمية والتفاوضية العالية للغاية، بالنظر إلى تخطيطه للتجمعات الشهر الماضي، وتحليه بالجدية، والاستمرارية الكافية، والقبول بين الإيرانيين في الداخل والخارج، ومعرفته بالفلسفة والسياسة والفن الحديث، وتمتعه بالعمر المناسب والطاقة اللازمة، والرؤية الملائمة في فهم التنوع العرقي والثقافي للإيرانيين".
وذكر الموقعون على البيان أنه بالرغم من المزاعم حول "الإشكاليات في أنشطته.. نحن مضطرون أن نتفق على الحد الأدنى الذي يمكن أن يجمع الكثير من الأشخاص تحت مظلة واحدة، ونحاول تهيئة الأرضية لذلك".
من هو حامد إسماعيليون وما المتوقع بشأنه؟
وكان حامد اسماعيلون قد قال في خطابه خلال تجمع في برلين: "كلنا لدينا حلم ولن يتحقق هذا الحلم إلا بسقوط الجمهورية الإسلامية، ويفسر هذا الحلم بإسقاط إمبراطورية علي خامنئي القائمة على الخوف والجريمة".
وحامد إسماعيليون من مواليد 12 مارس 1977 في مدينة كرمانشاه إلا أن أصله من مدينة أراك، وهو ناشط سياسي وطبيب أسنان وروائي. ويعد من الجيل الجديد لكتاب الأدب الفارسي وحاز على جائزة دكتور جلشيري عن كتابين هما "الزعتر ليس جميلا" و"الدكتور داتيس".
وهاجر إسماعيليون إلى كندا مع عائلته في عام 2010 ويعيش الآن في مدينة ريتشموندهيل الكندية.
