حذرت الوكالة الدولية للطاقة في تقرير الخميس من أن العالم سيشهد ذروة انبعاثات المرتبطة بالطاقة في 2025، مرجعة الأسباب بشكل خاص إلى "إعادة توجيه عميق" لأسواق الطاقة العالمية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقبل ثمانية أيام من انطلاق مؤتمر المناخ "كوب 27" بشرم الشيخ في مصر، لفتت الوكالة في تقريرها السنوي إلى "الشروخ" بين الدول الغنية وتلك الفقيرة في مجال الاستثمارات في الطاقات الخالية من الكربون، وطالبت بـ"جهد دولي كبير لسد الفجوة المقلقة".

لكن الوكالة أوضحت في وثيقة عرض تقريرها بأن أزمة الطاقة العالمية التي نجمت عن الحرب في أوكرانيا أدت أيضا إلى تغييرات عميقة وطويلة الأمد بإمكانها تسريع الانتقال إلى نظام طاقة أكثر استدامة وأمانا".

كما نقل التقرير عن المدير التنفيذي للوكالة فاتح بيرول قوله: "تغيرت أسواق الطاقة والسياسات العامة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، ليس للوقت الراهن فحسب بل أيضا لعقود مقبلة".

وفيما تسعى بعض البلدان حاليا إلى زيادة أو تنويع إمداداتها من النفط أو الغاز، وهما نوعان من الوقود الأحفوري انبعاثاتهما عالية من ثاني أكسيد الكربون، تدرس العديد من الدول تسريع تحولها إلى الطاقات النظيفة، وفق ما أكدت الوكالة التي تنبثق من منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.

طوارئ مناخية

في هذا السياق، أظهر استطلاع نشر الخميس أن حوالي تسعة من كل عشرة أوروبيين (87 بالمئة) يعتبرون أن حكومات بلدانهم ليست على مستوى حالة الطوارئ المناخية ويدعون إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة. وكان هذا التوجه أقل بين الصينيين (76 بالمئة) والأمريكيين (74 بالمئة) لكنه رغم ذلك يبقى الرأي الغالب، وفقا لهذا الاستطلاع الذي أجرته عبر الإنترنت من 8 إلى 31 أغسطس/آب مجموعة "بي في آ" الفرنسية لصالح "مؤسسة جان جوريس" وبنك الاستثمار الأوروبي.

من جهة ثانية، أشارت الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها إلى أن "القطيعة" بين أوروبا والغاز الروسي حدثت بسرعة "لم يعتقد كثر أنها ممكنة" حتى العام الماضي. كذلك، فإن روسيا "عاجزة" عن إعادة توجيه إنتاجها من الغاز الذي كان يذهب إلى أوروبا في السابق، إلى دول أخرى.

وفي السيناريوهات الثلاثة التي درستها الوكالة، لن تعود مستويات تصدير الغاز والنفط في روسيا إلى ما كانت عليه في 2021، وقد أظهر أحد السيناريوهات أن حصتها من سوق النفط والغاز العالمي ستنخفض إلى النصف بحلول 2030.

ذروة استهلاك الوقود الأحفوري!!

ولأول مرة، تحدد السيناريوهات الثلاثة التي تدرسها سنويا الوكالة التي تتخذ في باريس مقرا والمنبثقة من منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، ذروة لاستهلاك كل من الوقود الأحفوري (الفحم والغاز والنفط) التي تخنق الكوكب وتتسبب في ارتفاع درجة حرارته.

وفي السيناريو المركزي الذي يستند إلى الالتزامات التي أعلنتها الحكومات في ما يتعلق بالاستثمارات المناخية، ستبلغ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية ذروتها عند 37 مليار طن عام 2025 ثم تنخفض إلى 32 مليار طن عام 2050.

لكن رغم تلك الجهود، فإن متوسط الحرارة سيرتفع بنحو 2,5 درجة مئوية بحلول 2100 وهو "بعيد عن أن يكون كافيا لتجنب عواقب مناخية شديدة. وأكدت الوكالة الدولية للطاقة مجددا الحاجة إلى استثمارات هائلة في الطاقات النظيفة، سواء كانت خضراء أو منخفضة الكربون مثل الطاقة النووية، وإلى تسريع العمل في مجالات معينة مثل البطاريات الكهربائية (للسيارات) والتكنولوجيا الفلطائية الضوئية والمحلِّلات الكهربائية التي تنتج الهيدروجين الرامي إلى التخلص من الكربون في مجال الصناعة خصوصا.

"يمكن لأفريقيا أن تقود العالم"

وبحسب السيناريو المركزي للوكالة، يجب أن تتجاوز هذه الاستثمارات تريليونَي دولار بحلول 2030 على أن ترتفع إلى 4 تريليونات للوفاء بشروط السيناريو الذي يتوقع انبعاثات صفرية صافية في العام 2050. وأضافت الوكالة "يجب بذل جهود دولية كبرى لسد الفجوة المقلقة التي تتسع بين الاقتصادات المتقدمة واقتصادات البلدان الناشئة أو النامية" من حيث الاستثمار في الطاقة النظيفة.

وعلقت سفيرة المناخ الفرنسية السابقة لورانس توبيانا بأن التقرير يظهر بوضوح أن "الاستثمارات في الطاقة النظيفة يجب أن تزداد ثلاث مرات بحلول العام 2030 وأن الغاز طريق مسدود".

بدوره، قال محمد أدو، مؤسس ومدير مركز "باور شيفت آفريكا" للبحوث المناخية: "مع وفرة الرياح والشمس والطاقات المتجددة الأخرى، يمكن لأفريقيا أن تقود العالم على طريق التحول وأن تمهد الطريق أمام سيادة في مجال الطاقة".

فرانس24/ أ ف ب