سعر الدولار: ما قدرة الحكومة المصرية على احتواء التضخم بعد تحرير الجنيه المصري؟

  • أحمد شوشة
  • بي بي سي - القاهرة

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

تراجعت قيمة العملة المصرية مقابل الدولار بعد تحرير صرفه

يتوقف مقدار زيادة التضخم المتوقعة في مصر ومدتها بعد قرار البنك المركزي خفض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار ليصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، على قدرة الحكومة المصرية في تحقيق برنامجها الهادف لزيادة التدفقات النقدية وترشيد استهلاكها ورفع الإنتاج وتقليل الاستيراد، بالإضافة إلى تحويل السيولة النقدية المتبقية لدى المواطنين إلى ودائع بنكية.

وقد أعلن البنك المركزي عن إخضاع سعر صرف الجنيه المصري إلى آليات العرض والطلب، ورفع الفائدة بنسبة اثنين في المائة، والإلغاء التدريجي للاعتمادات المستندية لتمويل الاستيراد، تزامنًا مع إعلان الحكومة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وستحصل مصر بموجب الاتفاق الأخير مع الصندوق على قرض بقمية ثلاثة مليارات دولار خلال 46 شهرًا، ضمن قروض بقيمة تسعة مليارات دولار تمنحها مؤسسات تمويل دولية.

وبعد ساعات من رفع سعر صرف الدولار، تجاوز الدولار الواحد حاجز 23 جنيها مصريا، ليفقد الجنيه نحو 40 في المائة من قيمته أمام الدولار منذ مارس/ آذار الماضي.

"إشهار الواقع"

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • سعر الدولار: استياء واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد انهيار الجنيه المصري لأدنى مستوى بعد تعويمه
  • مصر: هل يدفع المواطن ثمن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟
  • ما هي الإجراءات التي وافق عليها البنك المركزي المصري للحد من تسلل العملة الصعبة؟
  • الجنيه المصري: ماذا يعني تراجع سعره إلى مستوى قياسي أمام الدولار؟

قصص مقترحة نهاية

ويرى الرئيس السابق لمجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، مدحت نافع، أن "خفض قيمةالجنيه هو قرار كاشف ولا يبني واقعا جديدا".

ووصل سعر الدولار في الفترة الماضية في السوق السوداء إلى أكثر من 23 جنيها، في وقت لم يكن شراؤه سهلًا للمواطنين في البنوك بالأسعار الرسمية الأقل.

ويضيف نافع لبي بي سي أنه يتوقع صدمة تضخمية مؤقتة في الأسواق المصرية على أن يتراجع التضخم بعد فترة قصيرة، خاصة إذا استقبلت مصر التدفقات النقدية للقروض أو استثمارات جديدة للاستفادة من تحرير قيمة الجنيه، وزاد الاستثمار في البورصة.

وقد استهلت البورصة المصرية تعاملات الخميس بارتفاع جماعي للمؤشرات، ليربح رأس مالها السوقي في نهاية اليوم نحو 25 مليار جنيه مصري (أقل من مليار دولار).

ويستدل الرئيس السابق لجمعيتي الاستثمار المصرية والعربية، هاني توفيق، بأن رفع الفائدة هو العدو الأول للبورصة لأنه يجعل المستثمرين في الأسهم يحولون أموالهم إلى البنوك حيث الاستثمار الآمن، ويستكمل قائلا: "أن ترتفع المؤشرات اليوم مع القرارات الأخيرة فهذا يعني تفاؤلا لدى المستثمرين بمستقبل الاقتصاد المصري".

وبالإضافة إلى رفع الفائدة على الإيداع والإقراض بنسبة اثنين في المائة، لتصل إلى 13.25 في المائة و14.25 في المائة، فقد أعلن بنكا الأهلي ومصر الحكوميين طرح شهادات ذات عائد 17.25 في المائة لمدة ثلاث سنوات.

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

تراجعت عائدات مصر من السياحة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا

"لا نوقف الإصلاح لوجود الفقراء"

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

تغيير بسيط: ما علاقة سلة مشترياتك بتغير المناخ؟

الحلقات

البودكاست نهاية

ويشير توفيق في حديث مع بي بي سي إلى أن ذلك من شأنه أن يساهم في الحفاظ على مدخرات الطبقة المتوسطة في مواجهة التضخم، لكنه استدرك بالقول: "يمكن للحكومة أن تدعم الفقراء، لكن لا يمكنها وقف إصلاح الاقتصاد لوجود الفقراء".

وقبل يوم من تلك الإجراءات، أقرت الحكومة المصرية علاوة استثنائية تقدر قيمتها بثلاثمائة جنيه مصري(نحو 15 دولارا) للعاملين بالجهاز الإداري للدولة، وأصحاب المعاشات، كما قررت الحكومة وضع حد أدنى للأجور بثلاثة آلاف جنيه شهريا (نحو 150 دولار).

ويعيش نحو ثلث المصريين تحت خط الفقر، بحسب إحصاءات رسمية.

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن الحكومة قررت أيضا وضع آلية لدعم العمالة في القطاع الخاص، وعدم زيادة أسعار الكهرباء حتى 30 يونيو/حزيران المقبل.

لماذا أثار بيان صندوق النقد الدولي غضب مصريين؟

مشروع الموازنة المصرية... عجز واستدانة ومزيد من الضرائب

استياء عبر مواقع التواصل في مصر بعد هبوط الجنيه لأدنى مستوى أمام الدولار

ماذا يعني تراجع سعر الجنيه المصري إلى مستوى قياسي أمام الدولار؟

"لغز" الدولار الأبيض في المنطقة العربية

التعليق على الفيديو،

البنك المركزي المصري يعلن تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية

"مصر ليست الصين"

وتلفت عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع سمر عادل، إلى أن تبعات القرار ستكون مزيدا من التضخم والركود والأعباء المالية على المواطنين، وإن لم يزد التصدير والسياحة ستتدهور العملة المصرية بشكل أكبر، بحسب تعبيرها.

وتوضح عادل أن "خفض قيمة العملة ليس مفيدا في دولة مثل مصر، تستورد أكثر مما تصدر، على عكس دولة مثل الصين".

ورفعت مصر قيمة الفائدة على الإيداع والإقراض بنسبة 3% على مرتين هذا العام، في محاولة لكبح جماح موجات التضخم، قبل أن يقرر البنك المركزي تثبت السعر في آخر اجتماعين دوريين لمراجعةالفائدة، آخرهما الشهر الماضي.

"التضخم سيزيد حتى لو لم يحرر الجنيه"

ويتوقع مدرس الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، هاني جنينة، أن تصل مدة الآثار التضخمية إلى سنة ونصف السنة.

لكن جنينة يلفت إلى أن تلك التبعات التضخمية هي أقل مما كانت ستصبح عليه إذا لم تتخذ الإجراءات الأخيرة واستمر شح الدولار في السوق المصري، موضحًا: "شح الدولار يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وإغلاق المصانع وقلة الدخل، بينما سيزيد توفر الدولار من دخول المواطنين ما يمكنهم من مواجهة التضخم".

ويتابع جنينة لبي بي سي قائلًا: "لو كانت الحكومة مستمرة في الحفاظ على سعر صرف الدولار القديم فسوف تستنزف احتياطيها النقدي لأنها تعوض فرق السعر".

ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، تراجعت موارد النقد الأجنبي لمصر من الصادرات والسياحة وخرج نحو 20 مليار دولار مما تعرف بـ"الأموال الساخنة".

ووصل الدين الخارجي لمصر إلى نحو 156 مليار دولار بنهاية يونيو/ حزيران الماضي.

ويعد نقص الدولار المطلوب في مصر هو عرض لمشكلة أساسية تتمثل في ضعف ما يسمى بالاستثمار الأجنبي والمحلي الحقيقي الذي يعتمد على الزراعة والصناعة والتصدير.

وإلغاء الاعتمادات المستندية لتمويل الاستيراد الذي قرره البنك المركزي المصري سيساعد التجار والصناعيين الذين لطالما شكوا في السابق من تقييده للعمليات التجارية، وتسببه في نقص المواد الخام المستوردة.

وسجل الاحتياطي النقدي لمصر نحو 33 مليار دولار أمريكي في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي.

ويدرس البنك المركزي إطلاق مؤشر جديد للجنيه المصري يقيس مستوى العملة المصرية أمام عدد من العملات الأجنبية والذهب، دون التقيد بالدولار وحده.