بهاء طاهر مؤرخ الرواية العربية

بهاء طاهر هو واحد من أهم مبدعي العالم. كان هادئ الطباع لا يميل إلى الصخب أو الثرثرة، يستمع كثيرا ويتحدث قليلا. لم يكن الكاتب بهاء طاهر الذي وافته المنية في السابع والعشرين من شهر نوفمبر عن عمر ناهز سبعة وثمانين عاما غزير الإنتاج إلا أنه كان يكتب التاريخ من أجل استشراف المستقبل، وليس من أجل التسلية، شأنه فى ذلك شأن كبار الأدباء العالميين أمثال فيكتور هوجو وتولستوى ومكسيم جوركي، أولئك الذين جعلوا محور كتاباتهم هو النهوض بأوطانهم.

كان الأديب والمفكر والمترجم بهاء طاهر يستخرج حروفه من خلجات نفسه ونياط قلبه وسمو روحه. 
فإذا تتبعت كتاباته ستجد الغربة عن الوطن أقل وطأة من الغربة في الوطن، كان هذا الأمر واضحا جليا فى كتاباته التي سنعرج على بعضها في السطور التالية.


واحة الغروب 
حصلت رواية “واحة الغروب” الصادرة عن دار الشروق على جائزة البوكر فى نسختها الأولى عام ٢٠٠٨. وتدور أحداث الرواية في واحة سيوة أواخر القرن التاسع عشر، وبطل القصة هو ضابط البوليس المصرى محمود عبد الظاهر، الذى تم نقله إلى واحة سيوة كنوع من العقاب لتعاطفه مع أحمد عرابى، وهنا يأتى دور الغربة التى تنقسم إلى شقين أما الأول منهما هو البعد عن القاهرة والترحيل إلى الواحة، وهو معنى ظاهري، أما الشق الثاني فيعني الغربة الداخلية لهذا الضابط الذى خشى الإنجليز فسب عرابى وثورته لكنه لم يستطع استمراء الذل والنفاق فسب الخديو والإنجليز فى نهاية الأحداث.

قالت ضحى
فى روايته “قالت ضحى” لم تكن فكرة الغربة الداخلية بعيدة عن بهاء طاهر، حيث كان بطل قصته “سيد قناوى” يحلم باستكمال تعليمه لتحقيق طموحه بعد ثورة ٢٣ يوليو لكنه لم يستطع مجابهة الفاسد سلطان بيه الذي يعد امتدادا لعصر البشوات والبكوات في العهد الملكي. وكان بهاء طاهر اراد أن يقول إن ثورة يوليو وإن كانت أهدافها سامية إلا أنها لم تحقق المرجو منها.

الحب في المنفى
فى رواية “الحب في المنفى” والتى تعد هى الأقرب لسيرته الذاتية كانت الغربة هي عمود الرواية، حيث الصحفى المنفى في سويسرا، والذى يحن إلى بلاده ولا يستطيع العودة، وفى هذه الرواية غربة خارجية تتمثل فى المنفى وغربة داخلية تمثلت فى انسلاخ المجتمع العربى عن هويته، تطرق بهاء طاهر إلى غربة العروبة بعد موت الزعيم جمال عبد الناصر مرورا باحتلال إسرائيل للأراضي اللبنانية. 


خالتي صفية والدير
كانت الغربة في رواية “خالتي صفية والدير” تسكن قلب صفية التى أحبت حربي، غير أنه لم يبادلها الحب لذا خطب له خاله الذي يمثل الشريحة المتسلطة التى لا تنتمى إليها هى وأبناء طبقتها فى صعيد مصر مما جعلها تنتقم لحبها من حبيبها.

شرق النخيل
كانت “شرق النخيل” هي أول إبداعات بهاء طاهر، وكانت العودة إلى الوطن ومحاولة إيقاظه من نومه العميق هى المورال الرئيسي، لذا ختمها بعبارة “أصحي يا مصر” كما فعل من قبل أستاذه يحيى حقى فى روايته "صح النوم".

الخلاصة
كان الكاتب الكبير بهاء طاهر لا يكتب من أجل التسلية، بل كان يكتب من أجل النهوض بوطنه من خلال رصد التاريخ لاستشراف المستقبل بطريقة هادئة ورزينة، كي ينبه الجيل الحالي والأجيال القادمة بأن الغربة عن الوطن أكثر خطورة من الغربة فى الوطن.

تاريخ الخبر: 2022-10-28 18:21:24
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

هل يمتلك الكابرانات شجاعة مقاطعة كأس إفريقيا 2025؟

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 00:25:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية