بلغت العلاقات الدبلوماسية الروسية-المولدوفية أقصى مستويات توترها، يوم الاثنين، مع قرار خارجية كيشيناو (عاصمة مولدوفا) طرد دبلوماسي بالسفارة الروسية من أراضيها، على خلفية سقوط صواريخ روسية كانت موجهة لقصف أوكرانيا على مقربة من بلدات مولدوفية. وهو ما وعدت موسكو بالرد عليه بـ"الكيفية اللائقة".

فيما تأتي هذه التوترات متزامنة مع موجة الاحتجاجات المناهضة لحكومة الرئيسة مايا ساندو، والتي تندد بتقارب البلاد مع الغرب. هذا في وقت تتأرجح فيه البلاد تحت ثقل انعدام الأمن الطاقي، إذ تسيطر روسيا على كل مواردها من الغاز والكهرباء، بالمقابل لا آليات لديها للتزود من السوق العالمية.

طرد دبلوماسيين واحتجاجات مستمرة

قالت الخارجية المولدوفية في بيان لها الاثنين إنها استدعت السفير الروسي، من أجل إبلاغه بقرارها "إعلان دبلوماسي روسي شخصاً غير مرغوب فيه وملزماً مغادرة أراضي مولدوفا"، قبل أن يوضح وزير الخارجية نيكو بوبيسكو، على حسابه على تويتر، أن هذا الإجراء اتُخذ جراء "استمرار الهجمات المكثفة التي تشنها روسيا على أوكرانيا، وما لها من آثار غير مباشرة وخطيرة على مولدوفا، إذ تهدد طاقتنا وأمننا البشري".

في وقت سابق، أعلن بوبيسكو سقوط شظايا صواريخ روسية على بلدة ناسلافشا المولدافية الحدودية دون أن تحدث خسائر في الأرواح، بعد أن تصدت لها الدفاعات الجوية الأوكرانية. كما أن هذه الصواريخ "كانت تستهدف سداً أوكرانياً على نهر نيسترو"، معتبراً أن مثل تلك الضربات "يتردد صداها خارج حدود أوكرانيا وتشكل تهديداً مباشراً لأمن مولدوفا".

فيما ليست هي المرة الأولى التي تطرد فيها مولدوفا دبلوماسيين روساً من أراضيها، منذ اندلاع الاقتتال في أوكرانيا شهر فبراير/شباط الماضي. بل لقي خمسة دبلوماسيين روس ذلك المصير، شهر مايو/ أيار، بعد تقارير استخباراتية أفادت بضلوعهم في تجنيد مواطنين مولدوفيين للقتال إلى جانب الانفصاليين الأوكران.

وبالتزامن مع هذه الأحداث، تستمر المظاهرات الأسبوعية المناوئة للحكومة بالعاصمة كيشيناو. وجاب آلاف المحتجين شوارع العاصمة الأحد مطالبين الرئيسة مايا ساندو بالتنحي، ومحملين تقاربها مع الغرب مسؤولية أزمة الطاقة التي تعيشها البلاد وتهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بها.

مأزق مولدوفا الروسي

وفي وجه القرار الأخير للخارجية المولدوفية، توعدت نظيرتها الروسية بأن "ردها سيكون بالشكل المناسب"، حسبما أفادت وكالة "تاس" في تقرير لها. وفي ذات السياق، يوم الأربعاء، أعلن رئيس جمهورية ترانسينيستريا الانفصالية المدعومة روسياً، فاديم كراسنوسيلسكي، أن حكومته ستتوقف عن إمداد كيشيناو بالكهرباء، ولن تلتزم تزويدها إلا بـ27% من الطلب.

هذا ويقرأ مراقبون في قرار الحكومة الانفصالية، غير المعترف بها دولياً، خنقاً روسياً لحكومة ساندو التي تتلقى انتقادات واسعة في هذا الخصوص. بالمقابل، "تأمن مولدوفا 70% من كهربائها من المحطة الحرارية الواقعة في ترانسنيستريا"، يكشف مدير شركة الكهرباء الحكومية المولدوفية، موضحاً أنه يتعذر على البلاد استيراد احتياجاتها من السوق الأوروبية لأنها "تفتقر إلى الآليات لفعل ذلك".

ويشبه الضغط الروسي الجاري على مولدوفا ما كانت تعيشه أوكرانيا قبيل اندلاع الحرب، فيما احتمال تعرض البلاد إلى هجوم مماثل هو سيناريو لطالما عبر مسؤولو كيشيناو عن قلقهم منه. وفي شهر يوليو/ تموز الماضي، قالت رئيسة الوزراء ناتاليا جافريليتا، بأن: "السلطات المولدوفية قلقة للغاية من خطر تعرض البلاد لغزو روسي، لا سيما بالنظر إلى أن القوات الروسية المتواجدة على أراضي منطقة ترانسنيستريا".

هذا وفي أبريل/نيسان الماضي، أي بعد شهرين من انطلاق الهجوم الروسي على أوكرانيا، صرَّح قائد المنطقة العسكرية الوسطى في روسيا، رستم مينكاييف، بأن لدى الكرملين خططاً للعبور إلى ترانسنيستريا الانفصالية شمالي مولدوفا، جزءاً من استراتيجية لإنشاء ممر بري إلى شبه جزيرة القرم التي احتلها الروس في 2014.

TRT عربي