مشاعر الحب والكراهية.. بين الإخوة والأخوات
مشاعر الحب والكراهية.. بين الإخوة والأخوات
يحاول الآباء والأمهات أن يحيطوا أولادهم بالحب والرعاية ويوفروا لهم أسباب الطمأنينة والراحة, ويقلقهم بل ويزعجهم أن يشب أخ أو أخت ومشاعر الكراهية لباقي إخوته ظاهرة أو ملموسة.
وعندما يشعر الأخ أو الأخت بنوع من الكراهية لأخيه ينتابه الإحساس بالذنب والقلق وكأنما يرتكب خطأ في حق الأخوة.
ولكن ما هي أسباب الكراهية بين الأخوة والأخوات؟
الواقع أننا نتوع أن يحب الإخوة بعضهم بعضا لمجرد أنهم أخوة, ولكن هذا التوقع أو الاحتمال ليس حقيقيا دائما, والإخوة لا يختار أحدهم الآخر, وإنما عليهم أن يقبلوا العيش معا بحكم الأخوة, والإخوة يختلفون في الجنس والسن والطباع والاستعدادات والقدرات.
ذكريات مشتركة
والإخوة في سن الطفولة لديهم أسباب قوية تدفعهم إلي أن يحب بعضهم بعضا, فهم يلعبون معا, ويخافون من الظلام معا. لديهم ذكريات مشتركة سواء حلوة أو مؤلمة, لديهم عدو مشترك قد يكون في خيالهم, لهم آراء مشتركة عن أقارب أو جيران يزورونهم, وبعض هؤلاء الزوار يحبونهم, وبعضهم يثيرون الضحك أو النكات, يلتفون حول جدتهم, وينتظرون قطع الحلوي التي توزعها عليهم, ويظن من يري هؤلاء الإخوة أنهم سوف يستمرون في حب بعضهم بنفس الطريقة والدرجة. ولكن مع اختلاف السن تبدأ المشاعر في التغير.
اختلاف الطباع
وأول أسباب تغير مشاعر الحب هي اختلاف طباع الإخوة, فكل فرد يولد وله طباع تختلف عن الآخر, فهناك أخ خجول قلق حالم بينما شقيقه اجتماعي جريء كله حيوية وأمل, ولا يمكن أن يحب الاثنان نفس الناس أو نفس الكتب أو الأفلام أو الهوايات, ولابد أن يختلفا في كل هذه الأشياء, وينشأ تعارض بين رغبات كل منهما.
ومن أسباب الحكراهية اختلاف الأحوال المالية التي تحيط بالإخوة, فقد تتوافر لأخ أو أخت كل أسباب الاستمرار في التعليم والاستجابة لجميع الاحتياجات والمطالب بينما تحول ظروف الوالدين في وقت آخر عن الاستمرار في تقديم هذه الأشياء لباقي الإخوة, وتتحول مشاعر الحب إلي حقد وضيق وغيظ وغيرة وحسد أيضا.
ومركز الفرد في الأسرة يؤثر علي مشاعر الحب والكراهية بين الإخوة, فإذا كانت أخت في سن الثانية عشرة مثلا مسئولة عن أخ صغير في الثانية, ترعاه وتلاعبه وتساعد الأم في هذه المهمة فإن المسئولية الملقاة علي عاتقها تجاه شقيقها تتحول دون أن تدري إلي شعور بالكراهية له لأنه يسبب تعبها وحرمانها من اللعب أو الخروج.
نوع الجنس
ونوع الجنس أيضا يلعب دورا في تكوين مشاعر الإخوة فقد يكره الأخ أخته لأن الأب تعود أن يدلل هذه الأخت ويناديها بألفاظ محببة ويصحبها معه إلي نزهة, أو قد تكره الأخت شقيقها, لأنه يلقي معاملة أفضل من الوالدين, ويتمتع بحرية أكبر في علاقاته الاجتماعية دون أن يلحقه اللوم أو التأنيب.
كذلك اختلاف السن بين الإخوة يؤثر في المشاعر بينهم. فالإخوة في سن الثالثة والخامسة أو سن الخامسة والسابعة لديهم اهتمامات مشتركة وألعاب وقصص مشتركة, ولكن الإخوة عندما يكون أحدهم في العاشرة والثاني في الخامسة عشرة فإن عالم كل منهما يختلف عن عالم الآخر وتختفي الاهتمامات المشتركة ويبدأ التعارض في الرغبات.
دور الوالدين
ولكن كل هذا يدعونا إلي أن نتساءل عن مدي دور الوالدين ومسئوليتهم في هذه المشكلة, إن الآباء والأمهات يحاولون بالطبع أن يقسموا مشاعر الحب بالتساوي بين أولادهم ولكنهم في بعض الأحيان ولأسباب دفينة في النفس يفرقون في المعاملة وفي إغداق الحب, فقد تفضل أم أحد أولادها لأنه متفوق في دراسته أو لأنه يطيع, أو تفضل ابنة لأنها أهدأ أو أجمل من شقيقتها, وقد يهمل أب إحدي بناته لأنه كان يتمني أن تكون ولدا ذكرا.
المهم.. أسباب التفضيل كثيرة ومتنوعة وقد لا يشعر الآباء والأمهات بما يفعلون, ويحاولون إخفاء ذلك بقدر الإمكان, ولكن الأولاد لديهم دائما قدرة علي معرفة المشاعر الحقيقية التي يحوطهم بها الوالدان, وتستطيع الابنة أن تدرك مشاعر والدها الذي كان يتمني أن تكون, ولدا أو مشاعر أمها التي تفضل شقيقتها عليها, وكذلك الابن.
يجب أن تختفي
ويتحول الأولاد بمشاعر الكراهية إلي الأخت أو الخت المفضلة أو التي تلقي معاملة ممتازة, لأن مشاعر الكراهية للأب أو الأم تشعر الطفل بالإثم فيحولها تلقائيا إلي الفرد الذي كان سببا في حرمانه من حب وتفضيل والديه.
وهكذا نري مشاعر حب وأحيانا كراهية بين الإخوة, وقد يكون ذلك طبيعيا بسبب الاختلاف في الطباع أو الجنس أو السن أو القدرات, أن بعض أسباب هذه المشاعر خطر ويجب أن يختفي وهي الأسباب التي تنبع من معاملة الوالدين.