عندما تضطر أميركا لتهدئة حماس زيلينسكي


بلغ الحماس من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مبلغاً. وذهب بعيداً في رفع سقف شروطه لوقف الحرب، ومنها أن لا تفاوض مع موسكو ما دام الرئيس فلاديمير بوتين موجوداً في السلطة.

لكن سرعان ما أطلقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الضوء الأحمر في وجه زيلينسكي. وهذا ما يفسر الخبر الذي كشفت عنه صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية السبت الماضي، من أن المسؤولين الأميركيين حضّوا مؤخراً الرئيس الأوكراني على إظهار اهتمامه بتسوية تفاوضية مع روسيا، وذلك بغية تهدئة مخاوف بعض الدول الغربية من تحول الحرب صراعاً طويل الأمد.

من الواضح أن هذا السقف العالي من الشروط الأوكرانية، لم تستسغه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، خوفاً من أن يسود الاعتقاد في الكرملين بأن زيلينسكي يقول ما لا يريد الأميركيون قوله على لسان مسؤوليهم. وبقدر ما يثير كلام الرئيس الأوكراني قلقاً في موسكو، فإنه يعزز المخاوف في دول أوروبا الغربية التي لا تبدو مستعدة للمضي في دعم الحرب إلى أبعد من طرد القوات الروسية من أوكرانيا وعودتها إلى المواقع التي كانت تتمركز فيها قبل 24 شباط (فبراير) الماضي.

دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا التي تتلقى التبعات الثقيلة للحرب على أشكال مختلفة لا سيما على صعيد الطاقة والتضخم، يهمها أن تنتهي الحرب في أسرع ما يمكن، وهي غير معنية ببقاء بوتين في السلطة من عدمه.

وحتى ثمة سياسيون في الولايات المتحدة نفسها يريدون نهاية سريعة للحرب، من دون الخوض في غمار التغيير السياسي داخل روسيا. وعندما زلّ لسان بايدن خلال زيارته لبولندا قبل أشهر بقوله إن رجلاً مثل بوتين لا يمكن أن يبقى في السلطة، سارع البيت الأبيض إلى إصدار إيضاحات في هذا الشأن.

وباستثناء بولندا ودول البلطيق، فإن الدول الأوروبية الأخرى لا تبدي حماساً للحرب، وإن كانت تقدم الكثير من المساعدات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا. لكن هذه الدول لا تتجرأ على رفع الصوت بالدعوة صراحة إلى حل سياسي للأزمة، على اعتبار أن كييف ستعتبر ذلك بمثابة إساءة وأمراً غير أخلاقي.

أما عندما تطلب واشنطن، التي تتحمل الجزء الأكبر من المساعدات العسكرية والاقتصادية، من زيلينسكي خفض سقف شروطه وإظهار اهتمامه بإيجاد تسوية تفاوضية، فإن رد الفعل الأوكراني الرسمي لن يكون انفعالياً أو رافضاً بالمطلق للفكرة. وبالطبع سيكون الأمر مختلفاً عن طريقة تعامل الزعماء الأوكرانيين مع دعوة صاحب شركة "تسلا" و"تويتر" إيلون ماسك إلى حل سلمي للنزاع.

وعندما يتحدث المسؤولون الأميركيون عن التسوية، فذلك لأنهم يدركون أيضاً أن صراعاً طويل الأمد سيكلفهم المزيد من السلاح والمال. ليس هذا فحسب، بل إن ثمة مخاطر من توسع النزاع ومن تحوله حرباً عالمية بين قوى عظمى مسلحة نووياً.

وليس بخافٍ أن ثمة خشية أميركية حقيقية من أن الصراع الطويل، سينعكس يوماً ما تصدعاً في جدار الوحدة عبر الأطلسي، والتي تجلت فور بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. أما وأن الحرب تقترب من نهاية شهرها التاسع، فإن بوادر التشققات بدأت ملامحها بالظهور. والمناوشات الكلامية الفرنسية - الألمانية خير دليل على أن أوروبا قد لا تستطيع الصمود أكثر أمام الكوارث الاقتصادية المنتظرة في حال استمرت أزمة الوقود، في حين أن دولاً أوروبية دخلت في الركود أو كادت.

إن الحرب الطويلة لها مقوماتها التي قد تعيد تشكيل أوروبا من جديد، سياسياً واقتصادياً للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية.
هل أميركا مستعدة للمجازفة بهذا الأمر أو بتعريض الموقف الغربي الموحد حيال روسيا للانهيار؟ هذا ما لا يبدو وارداً في أذهان السياسيين الأميركيين. ولعل هذا التخوف كان الدافع الأساسي لديهم كي يقولوا لزيلينسكي أن يهدأ بعض الشيء.

نقلا عن النهار

تاريخ الخبر: 2022-11-11 00:18:00
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 83%
الأهمية: 95%

آخر الأخبار حول العالم

هذه أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق هدنة في غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:25:18
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:24:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 51%

هذه أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق هدنة في غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:25:24
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 66%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية