يُنظر إلى الإسباني أندرياس إنيستا باعتباره واحدا من أعظم لاعبي خط الوسط في جيله. وفاز إنيستا بكأس العالم 2010 مع منتخب بلاده ودوري أبطال أوروبا أربع مرات مع برشلونة ضمن ألقاب عديدة مع منتخب لا روخا - اسم الشهرة للمنتخب الإسباني - وفريق برشلونة. ويلعب إنيستا حاليا ضمن فريق فيسيل كوبي في اليابان. ويقدم فيلم تسجيلي جديد بعنوان "قراري " قصة تعافي لاعب خط الوسط من الإصابة الأخيرة له ورؤيته لمنتخب بلاده في كأس العالم 2022، وهو متاح الآن عبر تلفزيون "راكوتين". لماذا ما زلت ألعب كرة القدم في عمر الثامنة والثلاثين؟ دعوني أحاول التوضيح. يرجع ذلك إلى ثلاثة عوامل: الحب والشغف والحماس. لهذا السبب عدت من إصابة خطيرة في عام 2020 لمواصلة اللعب في اليابان، وهو نفس سبب تواجد ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو ولوكا مودريتش في قطر، في محاولة للفوز بكأس العالم في نفس العمر. كل من لا يزال يلعب كرة القدم طوال هذه الفترة هو باحث عن تلك المشاعر الأساسية في حياته.

• إنيستا يفوز بجائزة أفضل لاعب في أوروبا
• إنييستا يودع برشلونة في آخر مباريات الموسم

وهناك سيناريوهات مختلفة لكل لاعب مع تقدمنا في السن، بالطبع، لكن ربما لا يدرك الناس أن لدينا جميعا هذه الرغبة، حلم يدفعنا لما نفعله. نحن محظوظون لأننا نفعل ما نحب. ربما يكون اليوم الذي لا أشعر فيه بالعاطفة عندما أرى ملعبا ممتلئا، أو بالسعادة للقاء الجماهير وزملائي في الفريق، هو اليوم الذي يجب ألا ألعب فيه بعد الآن وتنتهي كرة القدم. لست مستعدا لذلك اليوم بعد، ولا هؤلاء الرجال الآخرين. وواصل النجم الإسباني حديثه بالقول إنه من المحتمل أن تكون نهائيات كأس العالم الأخيرة بالنسبة لهم جميعا، لكن شيئا آخر سيأتي بعد ذلك، والجميع بمن فيهم أنا يريد أن يرى كيف يتطور هؤلاء اللاعبون.

"كأس العالم سيكون مختلفا بالنسبة لي هذه المرة"

لقد تغيرت بعض الأشياء في حياتي بالفعل، ستكون كأس العالم هذه هي الأولى منذ عام 2002 التي سأشاهدها بدلا من محاولة الفوز بها مع إسبانيا. وسيكون الأمر مختلفا جدا هذه المرة ولكني سعيد على الرغم من ذلك. من المفيد أنني لم ألعب مع المنتخب الوطني لبعض الوقت، فقد اعتزلت اللعب الدولي بعد روسيا 2018، لذا فقد مررت بالفعل بعملية التحول من لاعب إلى مشجع.

دائما ما يكون كأس العالم شيئا لا يُصدق، وسأستمتع بهذه البطولة بطريقة مختلفة، أشاهد إسبانيا مع أصدقائي وعائلتي وأولادي، وهو شيء لم أفعله من قبل. أنا أحب هذا المنتخب الإسباني وأعرف المدرب لويس إنريكي وأقدره. يعجبني ما يقترحه ولدينا بعض اللاعبين الرائعين. إنهم بحاجة إلى إيجاد التناسق، لكن إذا وجدوا إيقاعهم فأعتقد أن إسبانيا هي المنافس على اللقب. وواصل اللاعب حديثه بالقول: كإسباني هذا كل ما أريده، ولدي ثقة في هذا الفريق.

"تحتاج أن تدرب عقلك كما تدرب جسمك"

أحد الأشياء التي تعلمتها في حياتي هو أن أعيش دائما في الوقت الحالي. وفي الوقت الحالي، أنا بحالة جيدة جسديا بالنسبة للممارسة كرة القدم وأيضا شخصيا من ناحية الصحة النفسية، لكن لم يكن هذا هو الحال دائما. وقبل كأس العالم 2010، مررت بوقت عصيب للغاية مع الاكتئاب. لقد تلاشت الرغبة التي ذكرتها سابقا، كانت هناك أوقات لم أرغب فيها في التدريب أو رؤية عائلتي أو أصدقائي أو القيام بأي شيء. لقد أنقذني كأس العالم حقا، لكن الموقف الذي مررت به علمني حقا الكثير عن مدى هشاشة العقل. لقد جعلني ذلك الموقف شخصا أفضل وأكثر ثقة وأكثر نضجا عقليا. كان كل هذا مفيدا جدا في مواقف أخرى من حياتي، وليس فقط في ملعب كرة القدم. أدركت أنك بحاجة إلى تدريب عقلك تماما كما تدرب جسمك. لا يزال الأمر على حاله بالنسبة لي الآن، لمواجهة المواقف الصعبة في الحياة اليومية. أنظر إلى تلك الفترة في الحياة كنقطة تحول حقيقية بالنسبة لي، وسأستخدمها كمثال للاعبين الآخرين أو الأشخاص الذين يعانون من مشاكل، لإظهار لماذا يجب أن يكون لديهم الأمل. كان هناك وقت كانت فيه الأشهر مظلمة، بعد وفاة صديقي داني خاركي في عام 2009، لكنها انتهت بلحظة سحرية حقا حين سجلت هدف الفوز لإسبانيا في نهائي كأس العالم 2010. هذا ما أود قوله لأي شخص يعاني الآن، إن أسوأ لحظة في حياتك يمكن أن تتبعها أهم لحظة في حياتك. لقد تعلمت كيف تحتاج إلى القوة للتغلب على اللحظات الصعبة ولكن أيضا التواضع، عليك أن تطلب المساعدة عند الضرورة، لأننا بشكل فردي أضعف مما كنا عليه عندما نكون جزءا من فريق.

أتاح لي الحصول على هذه المساعدة استعادة رغبتي، وبعقلية إيجابية يمكنك التعلم والتغلب على أي شيء. لقد عانيت ولكن كان لدي دافع قوي للغاية، فمحرك حياتي هو كرة القدم، وقد شدني هذا المحرك وسمح لي أن أعيش واحدة من أهم لحظات حياتي.

"لحظة حساب"

لقد ساعدتني هذه التجربة السابقة بالتأكيد عندما مزقت عضلات الفخذ المستقيمة أثناء اللعب مع كوبي. بالنسبة لي، كانت لحظة الإصابة تلك لحظة معقدة للغاية لقبولها. لقد كانت لحظة حساب، كنت في السادسة والثلاثين من عمري، ولم أكن أعرف ما الذي سيحدث في المستقبل. منذ اليوم الأول، لم أفكر إلا في التعافي وأن أصبح لاعب كرة قدم مرة أخرى، لكنني لم أكن أعرف ما إذا كان بإمكاني ذلك، أو كم من الوقت سيستغرق ذلك. لقد كانت عملية شخصية تماما وعادة ما تكون خاصة للاعبين، لكنني أردت أن أظهر بصدق في فيلمي جميع المراحل والعواطف التي مررت بها. إنه فيلم وثائقي رياضي ولكنه أيضا فيلم تعليمي، يمكن للناس مشاهدة البروتوكول الذي اتبعته للعودة إلى اللياقة البدنية الكاملة وأيضا جميع الأعمال التي تم تضمينها. لقد كنت محظوظا بالتعافي الكامل جسديا، لكن إذا شاهدته ستفهم أن هذا ليس الجانب الإيجابي الوحيد للفيلم. وكانت صحتي العقلية بنفس الأهمية في هذا الوقت أيضا. كان لدي فريقي، عائلتي، والأشخاص الذين أثق بهم، والذين يمكنني التعبير عن مشاعري معهم. كانت هناك أيام جيدة وأيام سيئة، لكن كان لدي دائما إطار ذهني إيجابي، وهو نفسه الآن. أدرك أنه ليس لدي الكثير من السنوات أمامي في كرة القدم، لكني أحاول أن أعيش في الحاضر وأن أستمتع به. سأنهي مسيرتي في اللعب بشروطي الخاصة، والمستقبل سيأتي.