حكومة أخنوش تخطو خطوة جديدة نحو تثبيتها.. السجل الوطني للسكان يفتح أفقا جديدا أمام الدولة الاجتماعية


الدار/ تحليل

ما تقوم به الحكومة على مستوى تنزيل أسس وآليات الدولة الاجتماعية يعد عملا تاريخيا بكل المقاييس. لا مبالغة في القول بأن إطلاق السجل الوطني للسكان وفتح المجال أمام المواطنين من أجل التسجيل عبر البوابة الإلكترونية حدث اجتماعي مميز ينبغي التوقف عند دلالاته. لم يسبق للمغرب أن شهد مبادرة شبيهة منذ استقلاله قبل أكثر من ستين عاما. ولأول مرة سيكون بإمكان مختلف الفئات الاجتماعية أن تسجل نفسها في هذا السّجل الذي سيمثل آلية أساسية وفعالة على مستوى توجيه برامج الدعم الاجتماعي واستهداف الفئات المستحقة للمساعدة الاجتماعية للدولة.

ولأن هذه الحكومة أعلنت منذ تنصيبها عن عزمها العمل على تثبيت أسس الدولة الاجتماعية كما تصوّرها جلالة الملك محمد السادس منذ جائحة فيروس كورونا المستجد، فإن هذه الدينامية السريعة التي تسير بها عمليات تطبيق هذا التوجه تستحق التنويه والتشجيع. لقد ظل مشروع السجل الوطني للسكان يراوح مكانه كفكرة مطروحة منذ زمن طويل، ولم تجرؤ أي حكومة من الحكومات السابقة على إخراجه إلى حيز الوجود علما أن الأمر لم يكن يتطلب أكثر من قرار سياسي جريء ومبادرة يتحمّل مسؤوليتها رئيس الحكومة أو أحد أعضائها ووزرائها. حكومة عزيز أخنوش حملت على عاتقها إذن أن تكسر كل “الطابوهات الحكومية” السابقة التي كانت بعض الحكومات تتخوّف منها وأخرى تستغلها استغلالا سياسيا لأغراض انتخابية.

ولعلّ هذه الجرأة التي امتلكتها حكومة عزيز أخنوش نابعة من وعي بيّن بأهمية الزمن السياسي والحكومي الذي لا يتجاوز خمس سنوات ينبغي أن يتحقق فيه الكثير مما لم يتم إنجازه في الماضي. هذه الحكومة تحسّ أنها مسؤولة عن تدارك كل مواطن الخلل ومكامن الخصاص التي تراكمت عبر سنوات خصوصا في المجال الاجتماعي، وخلّفت وراءها ثغرات لا مناص من سدّها في أقرب الأوقات. الثغرة الرئيسية طبعا التي تعمل هذه الحكومة اليوم بجد واجتهاد من أجل سدّها هي تلك المتعلقة بغياب منظومة حمائية وصحية يمكن للمواطن المغربي البسيط أن يستند إليها ويشعر معها بحد أدنى من الاطمئنان على نفسه وعلى مستقبل أبنائه.

والذين ينشغلون اليوم بمناقشة ما هو ظرفي، كارتفاع أسعار بعض المواد أو نسب التضخم، يُغفلون في خضم هذا الجدل عن وعي أو بغير وعي، أن ما ينبغي أن تُحاسب عليه الحكومة هو الإصلاحات البنيوية وليس التداعيات الظرفية، التي حتما ستزول عندما تنتفي مسبباتها الدولية. بعبارة أخرى، عندما ستنتهي الأزمة الروسية الأوكرانية وسيحدث التوافق الدولي حول أسعار الطاقة فمن الطبيعي أن تعود الكثير من المعدلات إلى عهدها السابق. لكن ليس هذا هو ما ستتم محاسبة الحكومة على أساسه، ما ينبغي متابعة الحكومة بشأنه هو حجم وقيمة الإصلاحات البنيوية التي تقوم بها، والتي ستظل مرافقة للمواطنين المغاربة على مدى عشرات السنين المقبلة.

عندما سيتم إنجاز السجل الوطني للسكان، وسيتم تفييئ المغاربة حسب مواردهم ومهنهم وأوضاعهم الاجتماعية، سيكون لدى هذه الحكومة والحكومات التي ستأتي بعدها قاعدة معطيات هامة يمكن على أساسها توجيه برامج الدعم الاجتماعي واستهداف الفئات التي تستحق هذا الدعم بدلا من الضبابية وغياب الرؤية التي تعتري البرامج الاجتماعية الحالية. عندما سينتهي برنامج تعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية على كافة المغاربة المحرومين من أي شكل من أشكال التأمين فحينها سيحسّ المواطن بأنه لا يصح إلا الصحيح، وأن انكباب الحكومة وتركيزها على هذه الأوراش الأساسية، التي ستصل إلى حد توفير دعم خاص للراغبين في اقتناء السكن، يمثل خيارا استراتيجيا يرتفع فوق كل تلك الانشغالات السياسوية المصبوغة بصبغة الصراعات الانتخابية الظرفية.

حكومة عزيز أخنوش تسير بخطى واثقة نحو تنفيذ برامجها والوفاء بالتزاماتها أمام جلالة الملك محمد السادس وأما الشعب المغربي الذي انتخبها، وذلك عبر تثبيت ركائز وأسس الدولة الاجتماعية، سواء من حيث التمويل أو الآليات الإدارية أو النصوص التشريعية أو توفير الموارد البشرية المؤهلة لرفع هذا الرهان. ولأجل هذا فمن الطبيعي أن تترفّع هذه الحكومة كما نرصد ذلك عن كل لحظات الجدل العقيم والتراشق الكلامي غير المجدي، لأن ما ينتظرها من ملفات حارقة كان الكثير من المسؤولين التنفيذيين في السابق يتهربون منها، يتطلب بالأساس حسا عاليا من المسؤولية السياسية والتاريخية لاقتحام “الطابوهات” الحكومية ونقل المغرب والمغاربة نحو أفق تنموي ووطني جديد.

تاريخ الخبر: 2022-11-12 18:25:26
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

نافاس يغادر إشبيلية نهاية الموسم بعد مسيرة حافلة بالألقاب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 21:26:04
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 65%

نافاس يغادر إشبيلية نهاية الموسم بعد مسيرة حافلة بالألقاب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 21:25:55
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

تزنيت.. الاحتفاء بالذكرى الـ 68 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-16 21:25:05
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية