احتلال الملك العمومي بمراكش..السلطات تتجاهل المشكل الأكبر


تشهد مدينة مراكش تسيبا خطيرا منذ سنوات مضت يتمثل في احتلال الملك العمومي والرصيف بشكل عجزت معه الحملات المحتشمة للسلطات المحلية عن القطع مع هذه الظاهرة التي أضحت وباء يتنامى يوما بعد يوم أمام أنظار مسؤولي المدينة.

ورغم التوجه الحكومي نحو تشديد إجراءات المراقبة على الإستغلال المؤقت للملك العمومي، إلا أن هذا الأخير، بمدينة مراكش لا زال مستباحا، وأضحى حقا مشروعا لكل من هب ودب حتى استعصى تحريره من قبضة المحتلين، والذين لا يتورعون في الدفاع عن حقهم المكتسب في عرقلة المرور.

وبات الملك العمومي مستباحا بإفراط، رغم الحملات التي تقوم بها السلطات المحلية لتحرير هذا المِلك، والتي تبقى محدودة في الزمان والمكان، إذ سرعان ما يعود المُحتلون إلى سابق عهدهم بل وأحيانا بشكل أبشع، في ظل غياب تدخل جدي وحاسم للسلطات.

وأصبح المواطن المراكشي، يبحث في كل مرة تخرج فيها السلطات في حملة ضد احتلال الملك العمومي، عن نتائج هذه الحملات، التي لا يعكس واقع الحال دورها في محاربة الظاهرة، خصوصا فيما يتعلق باحتلال الأرصفة من طرف المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية، وأيضا احتلالها من قبل حراس الدراجات النارية.

الأرصفة التي قال عنها المعماري الكندي آرثر إريكسون إنها “ليست جملة مادية من البناء المجرد، بل هي أكثر من ذلك، هي روح المدينة الذي تحوي حركتنا وتحركنا ونتحرك فيها”، أصبح اليوم بالمدينة الحمراء، ملكا خاصا للمقاهي والمطاعم، ومركنا للسيارات والدراجات النارية، بعدما تمت سرقته من أهل مراكش وزوارها دون وجه حق.

وبهذا الخصوص، قال مهتمون بالشأن المحلي، إن الحملات التي تقوم بها السلطات لتحرير الملك العمومي، تتميز بالانتقائية بخصوص الفئات المستهدفة، بحيث يتم التركيز بشكل كبير على الباعة الجائلين وعرباتهم وبعض اللافتات التي تكون متبثة أمام محلات وفي أحسن الأحوال بعص الكراسي والطاولات والمزهريات، فيما يتم التغاضي بشكل واضح عن الاحتلال السافر للأرصفة من طرف بعض أرباب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية، ومن طرف حراس الدراجات بمناطق دون غيرها، كما هو الشأن بالنسبة لشارع محمد الخامس بجليز، ومحيط البريد بنك، الذي يشهد استفحالا في ظاهرة احتلال الملك العمومي أمام أنظار السلطات المحلية التي تقف مكتوفة الأيدي تجاه هاته الفوضى.

وأضاف المهتمون،أن الرصيف تحول من مرفق لخدمة عموم المواطنين إلى خدمة مشاريع خاصة دون وجه حق، بعد أن ترامت عليه مجموعة من المقاهي، التي تتكاثر كالفطر في أرجاء المدينة، وذلك برص طاولات وكراسي على قارعة الطريق للزبناء، حتى يتمكنوا توسيع نطاق الرؤية إلى أقاصي الشارع، يرمقون المارة بنظرات فاحصة، مما يضطر الراجلين إلى النزول إلى ممر السيارات ومزاحمتها، وفي بعض الأحيان، قد يتطور المشهد إلى وقوع حادثة سير، يذهب ضحيتها طفل أو رجل مسن أو امرأة مريضة، والسبب، بالإضافة إلى سرعة السائق، أنهم لم يجدوا ممرا خاصا بالراجلين يوفر لهم الحماية، في حين أن دور الرصيف يتلخص في الفصل بين الحركة الآلية وحركة المشاة بما لا يسمح بحدوث ارتباك في المرور أو وقوع حوادث سير. ناهيك عن النساء المضطرات للسير في ممر السيارات تفاديا للإحراج الذي قد يسببه اجتياز ذلك الرصيف بين طاولات وكراسي تعج بالمحملقين وأصحاب التعليقات، وأحيانا المتحرشين.

ولا يكتفي أرباب المقاهي -بحسبهم- بوضع الطاولات والكراسي فقط، بل تجد بعض تلك المقاهي يجهز أرضية خاصة على الرصيف، حيث يقوم بتبليطها، ويؤثثها، ليتحول الرصيف إلى ملحقة للمقهى، على أن يضع في الأطراف أصصا ومزهريات عملاقة، تجميلا لواجهة المقهى، وفصلا بينه وبين جاره الذي بدوره ينافس على استغلال مجال حيوي” مجاني” استراتيجي يتمثل في الرصيف، كما هو الحال بالنسبة لشارع بمنطقة برادي 3 بحي إزيكي التابع لمقاطعة المنارة، والذي أجهزت المقاهي على رصيفه بالكامل.

والغريب يضيف المهتمون، أن هذه التعديلات التي تقوم بها أغلبية المقاهي لضم الرصيف إلى ملكها الخاص، ليست بتعديلات بسيطة يصعب ملاحظتها، وهو ما يثير مجموعة من التساؤلات حول أسباب غض السلطات الطرف عن هذا الخرق، والإجهاز على حق المواطنين في الرصيف بمباركة السلطات، مؤكدين أن هذه الظاهرة ترتبط بالأساس وبشكل مباشر بالتساهل الذي تتعامل به السلطات مع هذه الظاهرة، ما يكرس واقع السيبة والخروج عن القانون، وهو ما أصبح يدعو إلى القلق ويستدعي اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع حد لانتشار هذه الاختلالات بشوارع مراكش.

 

تاريخ الخبر: 2022-11-13 12:15:28
المصدر: كِشـ24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 41%
الأهمية: 44%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية