الاقتصاد سلاح أوروبا المتاح لدعم أمريكا في مواجهة الصين | صحيفة الاقتصادية


في الوقت الذي تحاول فيه الدول الأوروبية تجاوز تداعيات الحرب الروسية ضد أوكرانيا، طالبتها واشنطن بالاستعداد لكارثة اقتصادية يمكن أن يسببها أي غزو صيني محتمل لتايوان.

وأشار الدبلوماسيون الأمريكيون في محادثاتهم مع نظرائهم الأوروبيين إلى أن الاقتصاد العالمي سيخسر حوالي 2.5 تريليون دولار سنويا إذا فرضت الصين حصارا على جزيرة تايوان، في حين أن غزو تايوان بالكامل سيؤدي إلى المزيد من الكوارث التجارية للعالم .

ويقول المحلل الاستراتيجي الأمريكي هال براندز في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء إن الأمريكيين يستخدمون أساليب تخويف مقصودة بسبب رغبتهم في ضم حلفائهم الأوروبيين إلى جهود ردع أي هجوم صيني محتمل على تايوان.

وأضاف براندز أنه زار العاصمة البريطانية لندن خلال الأسبوع الماضي، في إطار سلسلة لقاءات ومناقشات يجريها مع المحللين والمسؤولين على جانبي المحيط الأطلسي، حيث تأكد من أنه سيكون للحلفاء الأوروبيين دور كبير في أي صراع في تايوان، لكن لم يتضح حتى الآن كيف يمكن لأوروبا الموجودة على أحد طرفي إقليم أوراسيا، أن تساعد في ردع أو كسب حرب ستدور على الطرف الآخر.

من الطبيعي أن تطلب الولايات المتحدة دعم أوروبا. فحلف شمال الأطلسي "ناتو" يضم الولايات المتحدة والكتلة الرئيسية من أوروبا، والاتحاد الأوروبي هو ثالث أكبر اقتصاد في العالم. ولكن يظل البعد الجغرافي الذي يفصل بين أوروبا ومنطقة الصراع في مضيق تايوان مشكلة. في الوقت نفسه كتب الصحفي الفرنسي سيلفي كوفمان "الموت من اجل تايوان؟ الأوروبيون لم يوافقوا على ذلك".

ورغم ذلك هناك إدراك متزايد بأن أوروبا لا تستطيع تجاهل أي صراع في مضيق تايوان. فالحرب الروسية - الأوكرانية أثبت أن العدوان في أي في منطقة، يمكن أن يهدد استقرار وازدهار النظام العالمي ككل. كما أن القدرات العسكرية والاقتصادية المتنامية للصين وتحركاتها الصارمة أثارت المخاوف من أن تحاول إدخال تغييرات جذرية على النظام الدولي الحالي الذي ازدهرت أوروبا من خلاله.

في الوقت نفسه فإنه إذا كان الناتو تحالفا للدول الديمقراطية، فإنه لا يستطيع بسهولة تجاهل عملية غزو لدولة ديمقراطية أخرى، إن لم يكن مستعدا لمساعدة الولايات المتحدة في التعامل مع أحد أخطر التحديات لأمنها، ثم ربما ستكون الولايات المتحدة أقل رغبة في الاستثمار في القدرات الأوروبية في المستقبل إذا لم تقف أوروبا إلى جانبها في الأزمة التايوانية بحسب براندز الباحث المقيم في معهد "المشروع الأمريكي" والحاصل على الدكتوراه في التاريخ من جامعة ييل الأمريكية.

ونتيجة لذلك، بدأت الدول الأوروبية تقيم محاورها الجزئية الخاصة بها في آسيا. وفي العام الماضي أقر الاتحاد الأوروبي استراتيجية واعدة "لتحسين ونشر القدرات البحرية" في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. والآن أعلن الناتو الصين تحديا استراتيجيا له.

كما حسنت الدول الأقوى تسليحا غير الولايات المتحدة في الناتو ومنها بريطانيا وفرنسا وكندا وهولندا وألمانيا، أنشطتها في مجال المحيط الهادئ. وكجزء من استراتيجية "بريطانيا العالمية" بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، نشرت بريطانيا مجموعة حاملة طائرات في المحيط الهادئ، وعمقت علاقاتها العسكرية مع اليابان وغيرها من الشركاء الإقليميين. كما تسعى لندن لجعل نفسها أكثر محورية في أمن منطقة آسيا والمحيط الهادئ من خلال تحالف "أوكوس" مع الولايات المتحدة وأستراليا.

وبالفعل انخرطت بريطانيا والولايات المتحدة في إعداد خطة طوارئ للتعامل مع أي أزمة عسكرية في تايوان. كما أكد المسؤولون الأمريكيون بدء مناقشات مع الاتحاد الأوروبي حول الرد الاقتصادي المحتمل على مثل هذه الأزمة.

وقال قائد البحرية الفرنسية في أغسطس الماضي "نستطيع الانتصار على البحرية الفرنسية إذا خضنا الحرب معا في التحالف". ولا يعني هذا أن الموقف الأوروبي بشأن الملف التايواني واضح تماما.

فموقف ألمانيا من الصين ملتبس. فالإجابة على السؤال المتعلق بما إذا كانت ألمانيا تسعى لتوسيع أو تقليص علاقاتها التجارية معه الصين ستختلف باختلاف الوزير الذي يتحدث.

وإذا كانت الحرب الأوكرانية قد أظهرت الحساسية الأوروبية لأي عمل عدائي في غرب المحيط الهادي، فإنها أظهرت أيضا، محدودية قدرتها على الرد.

وحتى مع زيادة الإنفاق العسكري، ستظل قوات الكثير من الدول الأوروبية غير قادرة على العمل بفاعلية بعيدا عن أراضيها.

لذلك تأمل واشنطن أن تكون المساهمة الأوروبية الأكبر في الصراع مع الصين اقتصادية: وتتمثل في المشاركة في القيود على الصادرات والعقوبات التجارية والمالية، وحظر الاستثمارات لتقويض إزدهار الصين إحتى لو استولت على تايوان. ولكي ينجح هذا النهج في ردع الصين عن غزو تايوان، فإنه يجب تطويره بشكل كامل، والإعلان عنه بوضوح وبشكل مسبق، وهو ما يمكن أن يكون صعبا. بحسب مسؤولين أمريكيين وبريطانيين.

وعلى الصعيد العسكري يمكن لأوروبا تقديم المساعدة، من خلال تقديم قدرات متخصصة وسد ثغرات في مناطق أخرى من العالم. كما يمكن لفرنسا وبريطانيا وهولندا وألمانيا تقديم المساعدة في مجال الحرب السيبرانية، من خلال مساعدة تايوان في الدفاع عن أنظمتها وتحديد نقاط الضعف في أنظمة الصين الإلكترونية. كما يمكن للدول الأوروبية المساهمة بالأقمار الاصطناعية وغيرها من أدوات التخابر في جهود التحالف المناهض للصين.

ويرى براندز أنه رغم أن أيا من هذه الإجراءات ليست سهلة، فإن الرسالة التي حملها الدبلوماسيون الأمريكيون إلى أوروبا الآن هي أن تكلفة الفشل في منع الحرب، يمكن أن تجبر على خوضها ولكن بثمن أفدح.

تاريخ الخبر: 2022-11-19 09:23:03
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 39%
الأهمية: 45%

آخر الأخبار حول العالم

الدوري الإسباني.. النصيري يواصل تألقه

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-06 09:25:16
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 61%

جيش الاحتلال الإسرائيلي يدعو سكان شرق رفح إلى "الإخلاء الفور

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 09:22:14
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 55%

إسرائيل: استخدام منشورات ورسائل لتشجيع المواطنين على الإجلاء

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 09:22:25
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

البنك المركزي الصيني يضخ ملياري يوان في النظام المصرفي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 09:22:39
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

من أجل سلامتكم عليكم بالإخلاء.. ماذا طلبت إسرائيل من سكان رف

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 09:22:33
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

لماذا يريد جيش الاحتلال إخلاء 1000 فلسطيني من رفح الفلسطينية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 09:22:20
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية