قال وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو إن الحرب الروسية-الأوكرانية ستنتهي على طاولة المفاوضات لا في الميدان، مضيفاً: "لا نعتقد أنها ستنتهي بمكاسب عسكرية على الأرض، ومع ذلك يوجد خطر نشوب حرب قد تستمر لعقود".

جاء ذلك في كلمة ألقاها الأربعاء خلال افتتاح مؤتمر بعنوان "السياسة الخارجية التركية الإنسانية والمبادِرة"، نظّمته جامعة بيلكنت بالعاصمة أنقرة.

وأفاد جاوش أوغلو بأن تركيا تقع في منطقة محفوفة بالأزمات، مشيراً إلى أن نحو 60% من الصراعات في العالم تقع في الجغرافيا القريبة من بلاده.

وشدّد على أن أخذ زمام المبادرة لمواجهة الأزمات وحل المشكلات قبل أن تنمو يعد ضرورة لا خياراً.

وتابع: "بصفتنا فاعلاً دولياً نتبع سياسة خارجية تقدم حلولاً للمشكلات العالمية وفي الركيزة الأخرى لسياستنا الخارجية توجد قيمنا المتجذرة في حضارتنا، وهذا هو البعد الإنساني لدبلوماسيتنا".

ولفت إلى أن "مركز الثقل الاقتصادي في العالم يتحول من الغرب إلى الشرق بمعدل 140 كيلومتراً في السنة، أي يتحرك نحو آسيا".

وأشار بهذا الخصوص إلى أن الجهات الفاعلة الإقليمية مثل البرازيل والهند وجنوب إفريقيا وتركيا بدأت تغدو جهات فاعلة عالمية.

وأكد أن العالم في بداية تغيير جديد للنظام، مشدداً على أهمية مواكبة هذا التغيير وتوجيهه، مضيفاً: "ما لم نكن فاعلين وأقوياء سيهددنا خطر الانجراف مع التيار".

وأردف: "لهذا السبب فإن السياسة الخارجية التركية فعالة وإنسانية ومتعددة الاتجاهات ومتعددة الأطراف ومرنة وواقعية ولكنها في الوقت نفسه تستند إلى القيم".

وتطرق الوزير إلى مبادرات تركيا في الوساطة، لافتاً إلى أنها باتت رائدة في قضايا الوساطة داخل منظمات مثل الأمم المتحدة والأمن والتعاون في أوروبا والتعاون الإسلامي.

وحول الجهود المبذولة لإنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية، نوه جاوش أوغلو بمبادرات تركيا في هذا الصدد.

وأوضح أن بلاده تبذل جهوداً لإنهاء الحرب بالسبل الدبلوماسية، وأضاف: "مقارنة بشهر مارس/آذار توجد حقائق جديدة في ظل ظروف جديدة، إذ أصبحت أكثر تعقيداً، الأمر ليس بهذه السهولة، لكن يجب ألا نفقد الأمل".

وأردف: "بطريقة أو بأخرى ستنتهي هذه الحرب على طاولة المفاوضات، لا نعتقد أنها ستنتهي بمكاسب عسكرية على الأرض، ومع ذلك يوجد خطر نشوب حرب قد تستمر لعقود".

وأشار إلى لقاء وزيرَي خارجية روسيا وأوكرانيا في ولاية أنطاليا بعد نشوب الحرب، واجتماع وفدَي البلدين للتفاوض في إسطنبول.

وأكد أن الطرفين "كانا قريبين جداً من إقرار وقف إطلاق النار خلال اجتماع إسطنبول، ليبتعد الطرفان لاحقاً من طاولة المفاوضات ونصل إلى ما وصلنا إليه اليوم".

ولفت أن أردوغان هو الزعيم الوحيد بين زعماء دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" الذي أجرى محادثات على قدم المساواة مع رئيسَي روسيا وأوكرانيا.

وتابع: "أن تكون عضواً في الناتو لا يعني ألا تجري محادثات مع روسيا أو بلدان أخرى، ينبغي الحفاظ جيداً على هذا التوازن"، مشدداً على أن مدى فائدة سياسة التوازن التركية ظهرت في الوقت الراهن.

وبيّن جاوش أوغلو أن تركيا من الدول الرائدة في إصلاح مؤسسات مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والمجلس الأوروبي، ومن البلدان الأكثر إسهاماً في المفهوم الاستراتيجي للناتو، مضيفاً: "غدونا دولة رائدة باتخاذ القرارات في كل المنظمات الدولية".

وذكر أن الحرب الأوكرانية أخرجت "الممر الشمالي" من كونه بديلاً، واكتسب "الممر الأوسط" القادم من الصين إلى تركيا أهمية حيوية، مؤكداً أنهم يبذلون جهوداً كبيرة مع دول آسيا الوسطى لتحويل "الممر الأوسط" إلى "طريق الحرير".

وفيما يخص انضمام جمهورية شمال قبرص التركية كعضو مراقب في منظمة الدول التركية وانتقادات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليونان وإدارة جنوب قبرص الرومية في هذا الشأن، قال جاوش أوغلو إن الدول التركية تلقت تهديدات وضغوطاً "لكنها رأت كيف أن العالم التركي لم يعد يرضخ لمثل هذه التهديدات والضغوط".

وفي سياق منفصل أوضح جاوش أوغلو أن انفتاح تركيا على إفريقيا وأمريكا اللاتينية آتت ثمارها اليوم، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا والقارة السمراء ارتفع ليبلغ 45 مليار دولار هذا العام.

ولفت أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وأمريكا اللاتينية يتجه هذا العام ليصل إلى 20 مليار دولار.

وأشار الوزير التركي إلى أن بلاده باتت من بين أفضل 5 دول في العالم من حيث عدد مكاتب التمثيل الأجنبية وأصبح لها حضور عالمي.

TRT عربي - وكالات