سألت صديق عزيز، اثق به، و بقراراته الاستثمارية كثيرا، السؤال التالي:
اذا قام قريبك التاجر الفلاني المعروف، بالاستثمار في شركة “اكس” هل ستقوم مباشرة بالاستثمار في نفس الشركة، فقط لمجرد ان قريبك التاجر المخضرم قد أقدم على الاستثمار في هذه الشركة؟
كانت إجابة صديقي كالتالي:
هذا يعتمد على نسبة استثمار قريبي التاجر الفذ في شركة “اكس” من ثروته الكلية.
طالبته بالتوضيح اكثر .. ليكمل صديقي اجابته:
اذا كان قريبي التاجر استثمر ربع ثروته او اكثر في شركة “اكس” سأستثمر معه في نفس الشركة دون أن اكبد نفسي عناء السؤال عن اي معلومة اضافية متعلقة بشركة “اكس”، فوجود قريبي التاجر المخضرم بربع ثقله كمستثمر في هذه الشركة سيكون صمام أمان مريح جدا بالنسبة لي للاستثمار في نفس الشركة المعنية.
اما اذا كان استثماره لا يمثل اكثر من 10% من ثروته، سأقوم بمراجعة القوائم المالية، الادارية، والاطلاع على مستقبل المنتج نفسه و الاسواق المتاحة، الشركات المنافسة، وغالبا سوف اقوم بالاستثمار في الشركة.
لكن اذا اكتشفت بانه قد استثمر اقل من 5% من ثروته في شركة “اكس”، في الغالب لن استثمر بهذه الشركة، فقريبي التاجر المخضرم لن يضره او يضيره ان خسر 5% من ثروته. الأهم من ذلك، لو كان قريبي التاجر المخضرم مؤمن بهذه الشركة لاستثمر اكثر من ذلك بكثير.
اجابه صديقي هذه ذكرتني بما يقوم به حاليا السيد/ مارك زوكربيرج، المالك الرئيسي لشركة )META)
او (FACEBOOK) سابقا، من استثمار عالي المخاطر، في تقنية جديدة يطلق عليها Metaverse او ما بعد الواقع الافتراضي.
حيث قدر حجم ما ينفقه السيد / زوكربيرج في أبحاثه على تلك التقنية المستهدفة، ما يقارب 15 مليار دولار، اتت من أرباح شركته، وكان ذلك فقط في العامين المنصرفين، جرى خلالها صرف هذه المليارات من الدولارات على تطوير هذه التقنية الجديدة، والذي بالمناسبة يعتقد الكثير من المحللين التقنين بانها قد تكون سابقة لأوانها، وباحتماليات نجاح متباينة او محدودة، وبانها تعد استثمار عالي المخاطر.
في الوقت ذاته، اذا ما نجحت تلك الابحاث والتجارب المتعلقة بتلك التقنية المنشودة، قد يحقق السيد/ زوكربيرج، وكل من راهن على نجاحه من مستثمرين أرباح مهولة يصعب حصرها.
قد يسأل سائل، عن وجه الشبه بين الحالتين او المثالين – التاجر المخضرم ( قريب صديقي) والسيد/ زوكربيرج؟
في حقيقة الأمر، وبكل بساطة، وجه الشبه بين الاثنين يكمن في قدرتهما على خسارة بمليارات الريالات او الدولارات، دون أن يؤثر ذلك على اسلوب حياتهما، طريقة عيشهما، او مستقبلهما ومستقبل ابناءهما. حيث ان كليهما قادر على تحمل خسارة 5% او 10% من ثرواتهما دون أن يتأثرا. هذا مع قدرتهما على تعويض خسائرهما في وقت قياسي.
بالمناسبة السيد/ زوكربيرج يملك عشرات المليارات من الدولارات، بشكل شخصي بعيدا عن ايدي او تحكم المساهمين في شركته. كذلك ايضا، هو يملك ميزة ادارية في شركته تمكنه من صرف المزيد من اموال المساهمين، في سبيل الوصول إلى حلمه الذي يشاركه به المستثمرين الحاليين في شركته، والذي من شبه المؤكد بأن الكثير منهم قد راهن بجزء كبير من ثروته على حلم السيد/ زوكربيرج.
العبرة هنا تكمن في معرفتنا لحجم المخاطرة الذي يقبل عليها مستثمر مقارنة باخر، بعيدا عن الأرقام المجردة من النسب.
مليون ريال قد تمثل كل ثروتك، بينما تشكل 1% أو أقل من ثروة رجل آخر!
*نقلاً عن صحيفة "مال"
