ذاكرة السمك


الرأي اليوم

ذاكرة السمك

صلاح جلال

* خرجت علينا أقلام راعفة تفسو على الأسافير، تذرف دموع التماسيح بالتباكي على احترام كبارنا، وهم حقيقة يستحقون الاحترام والتقدير، شانئين من تحدثوا بما شاهدوا من فعل الزمن، على وجه وبدن كبيرنا السيد المرغني، واستنكروا محاولة اقحامة في الصراعات، وهو في هذه السن والحالة الصحية البائنة على الحال ولا تحتاج لمقال وشهادات طبية، كما طالبت بذلك الصديقة العزيزة رشا عوض لا متعدّية بل مشفقة عليه شفاه الله وعافاه من محاولة زجه في الصراع السياسي اليومي، سواء في الصراعات الحزبية الداخلية بين التيارات أو القضية الوطنية.

* فصوت اللوم لا يذهب للمشفقين الذين رفعوا صوتهم باحترام شيخوخة كبيرنا وإبعاده عن الصراعات، ومناكفات الأتراب التي لا تخلوا من الخشونة اللفظية، وهو يستحق الاحترام والتوقير، بوضعه في مقام الأبوة للجميع كشيخ لطريقة صوفية كبيرة  قائمة على البر والتسامح، رافضة للإقصاء حتى مع مرتكبي المعاصي، والخلو من أغراض الدنيا، وسقط متاعها ليتحدث من موقع أبوته للجميع، ولكنهم يذهبون في غيهم يعمهون، ويريدون استغلال ضعفه الإنساني وشيخوخته البائنة، ليضعوا على فمه ما يتشهّون من المواقف والأقوال، طلباً لاستمالة مريديه وأتباعه في صراع نحن وهم.

* لكن ذات المتباكين بكاء النائحات المستأجرات، من خارج الحزب والطريقة على احترام كبارنا، ينظرون في إتجاه واحد مطففين الكيل، بالانحياز الظاهر والمستتر لمعسكرات الصراع السياسي القائمة، داخل البيت المرغني، والحزب الاتحادي الديمقراطي التي وصلت لحد التعارك بالأيدي في ساحة استقبال كبيرنا السيد محمد عثمان، هؤلاءِ المنادون بالفضيلة وهم منها خلاء، تناسوا يوم أن أجلسوا السيد الصادق المهدي على كرسي ثلاثي الأرجل، وقد حدثني هو بنفسه عن ما يعلق بذهنه من تلك اللحظات الأسيفة في تاريخ البلاد، من فجور وفساد عقيدة الكبار من مخاطبيه في تلك اللحظة.

* ونسي ذات المتباكين على فضيلة احترام وتوقير الكبار، ما سجّله العميد ود الريح، في شهادته المكتوبة، وكذلك الشكوى التي لا تزال في المحاكم التي رفعها المربي والأستاذ الكبير الوقور دكتور فاروق محمد إبراهيم على تلميذه د. نافع، النزيل اليوم بسجن كوبر بعد أن دار الزمان على سكرة الإنقاذ ووضعها في مزبلة التاريخ حيث تستحق بجدارة.

* لقد سمعت أنا كاتب هذا المقال، من عمي يعقوب محمد أحمد شقيق والدي الكبير، ما يندي له الجبين، من السفالة وقِلة الأدب ونقص التدين، التي مارستها الجماعة ضده، وهو فوق السبعين من العمر، في بيوت الأشباح في عشرية الإنقاذ الأولى، كما حدثني صديق آخر قال لي، كنت في التحري ويضع المتحري مصحفاً على سطح مكتبه، فقلت له وحياة هذا المصحف الشريف، ما كان منه إلا أن أدخل المصحف في الدرج، فقال له هنا الله ما عندو عندنا حاجة، عادي بنقفلوا جوه وما بقدر يطلع، كلمني أنا وخلي المصحف في حالو، وحجب المصحف في الدرج رمزاً لاختفاء الله بلا حِيلة في التوسل، يجب أن يعلم الكيزان القصار والطوال والمعلن والخفي منهم، أننا نصفح ونتسامح ونغفر لكن لا ننسى فلا تخطئوا التقدير.

* من ذات جماعة المتباكين ، منهم من قام بتعيين رجل أمن، في وظيفة مغتصب والله العظيم يا هداك الله تسمى وظيفته مغتصب، وهذا اعترافه بعظمة لسانه في وقائع المحاكمة في مقتل معلم خشم القربة الأستاذ أحمد الخير، ومسجّل في دفتر أحوال المحكمة، من شهادة الشهود بألفاظ لا تصلح للإطلاع لغير فوق الثامنة عشر من العمر كما يكتب في مقدمة الأفلام الإباحية، ويأتي من ذات الجماعة من يحدثنا عن الأدب وتوقير الكبير واحترام حقوق الإنسان، وهم يعلمون أن سوء أخلاقهم وقِلة أدبهم على الشعب، هى التي أخرجتنا عليهم بقيامة لم يشهد لها السودان مثيلاً من قبل، في الغضب على القيم واحترام الكبير، والمكارم الإسلامية قبل السودانية.

* ذاكرة السمك لا تصلح في هذه المقامات وما زالت تسجيلات العقيد يونس تشرخ الآذان بقاسي الشتائم، ضد كبارنا ومنهم السيد محمد عثمان المرغني نفسه ، كما قال المرحوم الشريف زين العابدين الهندي خلي الناسي يبقى فهيم وهو من سكاتو بهيم، من سكتوا عن تلك المخازي بالأمس كالبهائم لا يصلحون للتباكي على الاحترام والتوقير اليوم، ولكنه الغرض والهدف المفضوح، للحيلولة دون وحدة الحركة السياسية واستعادة الانتقال ومسار الحكم المدني، بلغة رندوك شباب الثورة والوعي (آهـ يا عمك ويين ياهـ).

* ما أجمل وأبلغ من استلاف هذه المفردات لعزاء النائحين والنائحات، على انحدار القيم وعدم إحترام الكبار، التاريخ لا يرحم

من لم يؤدبه أهله تكفل الشعب بعصاته الطويلة ووضعه في الإصلاحية العامة لتعاطي رشوة وهو في منصب رئيس، الإصلاحية التي تُقّوم سلوك الجانحين من القُصّر وفاسدي العقيدة، أهل الشارع الذين خرجوا بإجماع وعزيمة  لإسقاطهم بإرادة وتصميم، رجال ونساء لقبر الفجور في الخصومة، واستعادة قيم المجتمع في احترام وتوقير الكبير.

** ختامة

الثعالب لن تقف عن الخروج فى ثياب الواعظين، مدعية حماية السيادة الوطنية التي استبيحت في عهدهم ودخل البلاد من قوات أجنبية ضعف التي خرجت يوم الاستقلال وهم  يرقصون، (وروني العدو وأقعدو فراجة)، ولكن لتجديد الذاكرة Refresh، ويجب نشر الوعي والمعرفة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، الثورة مستمرة والردة مستحيلة.

* ونختم بقول أمير الشعراء أحمد شوقي:

بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً

في ثياب الواعِظينا

فَمَشى في الأَرضِ يَهذي

وَيَسُبُّ الماكِرينا

يا عِبادَ اللَهِ توبوا

فَهوَ كَهفُ التائِبينا

وَأطلُبوا الديكَ يُؤَذِّن

لِصَلاةِ الصُبحِ فينا

فَأَتى الديكَ رَسولٌ

مِن إِمامِ الناسِكينا

فَأَجابَ الديكُ عُذراً

يا أَضَلَّ المُهتَدينا

بَلِّغِ الثَعلَبَ عَنّي

عَن جدودي الصالِحينا

عَن ذَوي التيجانِ مِمَّن

دَخَلَ البَطنَ اللَعينا

أَنَّهُم قالوا وَخَيرُ القَولِ قَولُ العارِفينا

مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً

أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا

24 نوفمبر 2022م

تاريخ الخبر: 2022-11-25 21:22:54
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 55%

آخر الأخبار حول العالم

أمطار ورياح مثيرة للأتربة على عدد من المناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-06 06:23:48
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

بعد 3 سنوات من الحكم العسكري.. تشاد تجري انتخابات رئاسية الي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 06:22:07
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 64%

بطائرات مسيرة.. استهداف قاعدة جوية إسرائيلية في إيلات

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 06:22:16
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

5 نصائح للوقاية من التسمم الغذائي السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-06 06:23:47
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

"لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 06:22:22
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 51%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية