في مقابلته مع TRT عربي أكد وزير الطاقة الأردني صالح الخرابشة أن مشروع الربط الكهربائي الأردني-السوري-اللبناني بهدف تزويد لبنان بطاقة كهربائية "جاهز من الناحية الفنية واستعداد الجانب الأردني للتزويد"، مشيراً في الوقت ذاته إلى تشغيل محطة تحويل الرامة لتزويد الجانب الفلسطيني بالكهرباء.

أما فيما يتعلق بالربط الكهربائي مع العراق فقط أشار الخرابشة إلى إحالة العطاءات لإنشاء محطة الريشة للتوريد، وهي الآن في مرحلة التصنيع، ومن المتوقع أن تباشر عملها السنة المقبلة، مؤكداً أن الربط الكهربائي مع السعودية يجري على قدم وساق، إذ تجري حالياً مرحلة توقيع اتفاقيات الربط، وسيبدأ التشغيل قريباً.

على صعيد آخر أكّد الوزير أن الأردن يسعى جاهداً إلى التحول الطاقوي عبر تبنّي سياسات الطاقة النظيفة والخضراء، واتباع الطرق الجديدة في توليد الطاقة سعياً للوصول إلى نسبة صفر انبعاث كربوني، للتخلص من فاتورة الطاقة السنوية التي وصلت مع نهاية العام الماضي إلى 1.858 مليار دينار، وفقاً لما جاء في التقرير السنوي لوزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية 2021.

وتَبنَّى الأردن استراتيجية طويلة (استراتيجية الطاقة 2020-2030)، ضمّنها تنويع مصادر التوليد وزيادة القدرة التوليدية وتقليل معدلات الفاقد، من خلال استغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وإنشاء محطة لتخزين للكهرباء باستخدام ضخ المياه لتكون عاملة قبل عام 2030.

وفي قمة المُناخ Cop 27 التي أقيمت في القاهرة كان الأردن مشاركاً رئيسيّاً، وسعى ليكون مركزاً لتبادل الطاقة الخضراء لدول المنطقة تماشياً مع سياسات العالم نحو التجاوب مع التغيُّر المُناخي.

موقع TRT عربي أجرى حواراً موسعاً مع وزير الطاقة والثروة المعدنية المهندس صالح الخرابشة، وأمينة عامّ الوزارة الدكتورة أماني العزام، للاطلاع على رؤية المملكة الأردنية نحو التحول الطاقوي واستغلال مصادر الطاقة المحلية، وكان الحوار التالي:

كيف تقيّم تجربة الأردن في مجال التحول إلى الطاقة الخضراء من خلال "الكهرباء الخضراء والهيدروجين الأخضر"؟

شكّل قطاع الطاقة المتجددة قصة نجاح أردنية تضاهي العالمية، إذ بلغت الاستطاعة التوليدية المركَّبة لمشاريع الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة نهاية شهر يوليو/تموز الماضي نحو 2526 ميغاوات، وساهمت بنحو 29% من الطاقة الكهربائية المولدة منذ بداية عام 2022 مقارنة مع نحو 1% عام 2014.

كما حقّق الأردن المرتبة الأولى في نسبة الاستطاعة المركبة لمصادر الطاقة المتجددة دون احتساب الطاقة الهيدرومائية، وفقاً لتقرير المؤشّر العربي لطاقة المستقبل AFEX لعام 2022 الذي يُعِدّه المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، ويبيّن وضع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في الدول العربية وترتيبها من حيث الإنجازات.

أما الهيدروجين الأخضر، فإن الحكومة الأردنية تعمل على تعزيز دور الأردن مركزاً إقليميّاً لإنتاج الطاقة الخضراء من خلال الاستفادة من وفرة مصادر الطاقة المتجددة والموقع المركزي للأردن في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث يشهد العالم اليوم اهتماماً متزايداً بالاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة واستخدام الهيدروجين الأخضر لإنتاج الطاقة، ودفع عجلة التنمية في عديد من القطاعات الحيوية، ويُعتبر الأردن من الدول السبَّاقة في هذا المجال، إذ وقّع اتفاقية إطارية مع "Fortescue Future Industries Pty Ltd FFI" للاستثمار في الأمونيا الخضراء والهيدروجين الأخضر.

ووقّع الأردن مؤخراً مع شركة "إيه بي مولر ميرسك" الدنماركية مذكرة تفاهم للتعاون في مجال إنتاج الوقود البحري الأخضر في مدينة العقبة، في إطار توجُّه المملكة للتوسع في مصادر الطاقة النظيفة وتعزيز مصادر الطاقة المحلية في خليط الطاقة الكلي.

ما خطط الحكومة الأردنية للأعوام الـ10 القادمة في هذا الإطار؟

تَضمّنَت استراتيجية قطاع الطاقة 2020-2030 التركيز على استخدام مصادر الطاقة المحلية، ومنها الطاقة المتجددة التي يُتوقع وصولها إلى استطاعة 3200 ميغاوات بحلول عام 2030 تمثّل 31% من الطاقة الكهربائية المولَّدة، بتحديث هذه الاستراتيجية وبحث إمكانية رفع هذه النسبة إلى 50%.

ويُعمَل حاليّاً على إعداد استراتيجية تتضمن دراسة إمكانيات الهيدروجين في الأردن بالتعاون مع الشراكة الأردنية الألمانية للطاقة وبالتنسيق مع الجانب الهولندي، إذ تتضمن الاستراتيجية عرض الخيارات الممكنة للعمل على طاقة الهيدروجين وإعداد خارطة طريق بالخصوص.

ما أبرز المشاريع التي أقيمت والتي تنوي الحكومة إقامتها في الطاقة المتجددة والتحوُّل نحو أنظمة الطاقة المستدامة خلال السنوات القادمة؟

بلغ عدد مشاريع الطاقة المتجددة التجارية لتوليد الطاقة الكهربائية 22 مشروع طاقة شمسية و7 مشاريع طاقة رياح (مشاريع مملوكة من القطاع الخاص)، إضافة إلى 8 مشاريع طاقة متجددة تملكها الحكومة و7 مشاريع طاقة شمسية، ومشروع واحد لطاقة الرياح.

كم تقدر الاستطاعة الكلية لمشاريع توليد الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة في الأردن؟ وكم تقدر قيمة مساهمتها من كمية الطاقة الكهربائية المولَّدة؟

وصلت الاستطاعة التوليدية المركَّبة لمشاريع الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة نهاية شهر يوليو/تموز الماضي نحو 2526 ميغاوات، ساهمت بنحو 29% من الطاقة الكهربائية المولدة منذ بداية عام 2022.

كما توزعت هذه الاستطاعة بواقع 1498 ميغاوت من المشاريع التجارية بموجب اتفاقيات شراء الطاقة وبنسبة 59% من إجمالي الاستطاعة المركبة و1027 ميغاوات من مشاريع أنظمة الطاقة المتجددة التي يملكها المشتركون لتغطية استهلاكاتهم باستخدام عدادات صافي القياس والنقل بالعبور، وهي تمثّل نحو 41% من إجمالي الاستطاعة المركبة.

وقد بلغ عدد الأنظمة المركبة وفق نظامَي العبور وصافي القياس نحو 52 ألف نظام.

ما المجالات التي نفّذتها الحكومة للحدّ من انبعاث الكربون ومواجهة تحديات التغيُّر المُناخي؟

بذل الأردن عديداً من الجهود لتخفيض الانبعاثات في قطاع الطاقة، منها رفع مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء لتصل إلى 50% عام 2030 من خلال العمل على زيادة مرونة الشبكة الكهربائية من خلال مشاريع التخزين الكهربائي بأنواعها، مثل مشروع تخزين الكهرباء باستخدام مياه السدود في منطقة وادي الموجب، والتخزين من خلال البطاريات.

وتنفيذ مشاريع الربط الكهربائي مع الدول المجاورة مثل مصر، والمملكة العربية السعودية، والعراق وفلسطين، ودراسة برامج إدارة الطلب على الطاقة بالتنسيق مع هيئة تنظيم قطاع الطاقة وشركات الكهرباء، ورقمنة قطاع الطاقة واستخدام الشبكات الذكية.

كما يعمل الأردن على تسهيل التحول للنقل الكهربائي وترويج السيارات الكهربائية وسيارات الهايبرد، إذ تعمل الوزارة حاليّاً على إعداد دراسة لتقييم الخيارات المختلفة لاستراتيجية وطنية للنقل الإلكتروني في الأردن، و ستركز هذه الدراسة بشكل خاص على قضايا قطاع الطاقة (لا سيما محطات الشحن وتأثير أنماط الشحن على الشبكة الكهربائية)، لأن نسبة السيارات الكهربائية وصلت في شهر أغسطس/آب 2022 إلى نحو 2% من إجمالي السيارات في الأردن، فيما وصل عدد محطات الشحن المرخصة إلى 54 في مختلف الأقاليم.

وتسعى الحكومة لإعداد الخطة الوطنية لكفاءة الطاقة كوثيقة وطنية تلخص جميع الجهود الوطنية الجارية في الأردن وتضع خارطة الطريق التي يجب أن تتبعها الدولة نحو تحقيق أهدافها في مجال كفاءة الطاقة، ويجري العمل حالياً على إعداد وتنفيذ برنامج لتسهيل تزويد الصناعات بالغاز الطبيعي لاستخدامه في توليد الطاقة وتخفيض الكلف على الصناعات وزيادة تنافسيتها.

وكذلك تنفيذ دراسة لإقامة مشروع لاستخدام الطاقة الشمسية الحرارية في المستشفيات الحكومية والعسكرية، كما تدعم الحكومة عدداً من مشاريع ترشيد استهلاك الطاقة في القطاعات المختلفة مثل القطاع الصناعي، وقطاع الفنادق، والمدارس والمراكز الصحية والمباني الحكومة، بالإضافة إلى دعم تركيب أنظمة السخانات الشمسية وأنظمة الخلايا الشمسية للمنازل.

وتسعى إلى تنفيذ مشروع استبدال وحدات الإنارة في شوارع البلديات، حيث يساهم هذا المشروع في تقليل انبعاث الكربون بشكل كبير بمقدار 87941.3 كيلو واط/ساعة سنوياً وتحقيق وفر كهربائي بمقدار 133446580 كيلوا واط/ ساعة سنوياً

في ظل انعقاد قمة المناخ Cop 27 في مصر مؤخراً.. كيف تقيّم مشاركة الأردن بالقمة؟ وما أبرز المقترحات التي جرى تقديمها للوصول إلى معدل انبعاث كربوني منخفض من خلال طاقة نظيفة؟

كانت مشاركة الأردن ناجحة جداً وتتوافق مع التوجهات لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة آثار التغيُّر المُناخي، فقد جرى توقيع مذكرة تفاهم مع شركة AP Mollar الدنماركية المتخصصة في الشحن البحري على المستوى العالمي وذلك لغايات دراسة جدوى إقامة مشروع لإنتاج الميثانول الأخضر في الأردن لاستخدامه في أسطول الشركة البحري لتحقيق سياسة الشركة في التحول الأخضر.

وكذلك جرى توقيع مذكرة تفاهم مع شركة مصدر الإماراتية لغاية التعاون في مجال الطاقة المتجددة.

ومن ناحية أخرى تمت المشاركة بعدد من الجلسات الحوارية في مجال الطاقة وعقد العديد من الاجتماعات، أبرزها مع وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري د.محمد شاكر ووزير البترول والثروة المعدنية المصري د.طارق الملا، ووزيرة الطاقة البلجيكية وعدد من المؤسسات العالمية المعنية بقطاع الطاقة، وجرى التأكيد خلال هذه الاجتماعات على أهمية الربط الكهربائي ما بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتعزيز البنية التحتية في هذا المجال، مع التأكيد على دور الأردن كمركز لتبادل الطاقة الخضراء.

أين وصلت المباحثات مع لبنان حول توريد الكهرباء؟

الربط الكهربائي الأردني السوري اللبناني بهدف تزويد لبنان بطاقة كهربائية بحدود من 200 إلى 250 كيلو واط جاهز من الناحية الفنية ومن ناحية استعداد الجانب الأردني للتزويد، إلا أنه، وبسبب إشكاليات لدى الجانب اللبناني تتعلق بالتمويل، فلم يجرِ التزويد حتى الآن مع العلم أن الجاهزية كانت قائمة منذ نهاية عام 2021.

هل تنوي الحكومة الأردنية زيادة القدرة بتصدير الكهرباء إلى فلسطين؟

جرى تشغيل محطة تحويل الرامة 132/33 ك.ف مع الجانب الفلسطيني وتزويدها بالطاقة الكهربائية، وجرى رفع القدرة لتصل إلى 80 م.ف.ا كمرحلة أولى للاتفاقية في شهر 7/2022، وستكون هناك مرحلة ثانية تهدف إلى رفع التزويد مستقبلاً بالاتفاق مع الجانب الفلسطيني وعلى نقطة الربط نفسها.

ماذا عن آخر تفاصيل الربط مع العراق والسعودية؟

بخصوص الربط مع العراق حالياً جرى إحالة عطاءات مكونات المحطة وهي الآن في مرحلة التصنيع والتوريد، ومن المتوقع الانتهاء من إنشاء المحطة الخاصة بالربط العراقي. في منطقة الريشة خلال عام 2024 في حال استكمال الجانب العراقي للربط، وإنشاء خط النقل بطول 330 ك.ف من القائم ولغاية الريشة، فإن عملية التزويد بالكهرباء ستبدأ.

وحول الربط مع السعودية فهو في مرحلة توقيع اتفاقيات الربط والتشغيل وسيجري ذلك قريباً.

TRT عربي