في حق الإنسانة الكاملة.. المرأة وعنف المؤسسات


خالد فضل

حملة الـ16يوم السنوية، والتي يتم تكريسها لمناهضة العنف ضد المرأة خلال الفترة من 25نوفمبر __10ديسمبر من كل عام، ليس مصادفة أنّ ختام الحملة في اليوم العالمي لحقوق الإنسان ؛الذي أقرته الأمم المتحدة. الرسالة الواضحة في هذا التزامن هي أنّ المرأة إنسان كامل الحقوق، هكذا يقول الضمير اليقظ والعقل الواعي والتفكير المستقيم، والحس السليم، فما من شيء أبدا ينقص من شأن المرأة، بل على العكس في تقديري أنّ المرأة إنسان يملك مميزات أساسية لاستمرار الحياة ؛ القدرة على الحمل والإنجاب، فكيف تصور الحياة إذا كان حاملها يواجه العنف والتعنيف والازدراء وتقليل الشأن!

على أيام نجاح تجربة النعجة المستنسخة (دوللي) في نهاية التسعينات من القرن المنصرم، ثمّ ظهور مستحضر طبي يحقق النشوة الجنسية، قالت عالمة أحياء أمريكية (بعد دوللي وهذا الدواء لم يعد للنساء حاجة في الرجال) هذا بالطبع رأي متطرف جداً، في الواقع تبدو الحاجة متبادلة بحكم الطبيعة وما خلق الله، وفي ذات السياق فإنّ هذه الحاجة المتبادلة يجب أن تؤسس على قواعد الإنصاف والعدالة والمساواة، إذ لا فضل لنوع على نوع بطبيعة النوع نفسه. من هنا تنبع ضرورة رفع الصوت عاليا والمطالبة الثابتة بصون ورعاية حقوق المرأة كإنسان على قدم المساواة مع النوع الآخر من البشر (الرجال)، في هذا الصدد تبطل كل الدعاوي الملتبسة والمتلفعة بعباءات التقاليد والأعراف والدين، ليس هناك منطق مستقيم واحد في التمسك بتقاليد بالية تضطهد المرأة لمجرد أنها (أنثى)، مثلما لا يجوز الاستشهاد بآراء فقهية تراثية مرّ عليها قرون من الزمان، فالدين الإسلامي ومصدره الرئيس القرآن ثم السنة النبوية يحض في مقاصده الكلية على المساواة بين البشر غض النظر عن النوع، وهكذا بقية الأديان والفلسفات الإنسانية الرفيعة، لم تبق سوى العادات المتوارثة ؛ هذه أمرها أسهل، إذ ومع تطور البشرية والاختلاط والتثاقف بين التعدديات الإثنية والثقافية تضمحل سطوة هذه العادات رويدا رويدا، وإذ أذكر هنا مثلا، عادة ختان الإناث والتي تعتبر من أسوأ الممارسات المؤسسية ضد المرأة، إذ بفضل سفر السودانيين وإقامتهم في بلدان الخليج العربي وولادة بناتهم هناك، لم تمارس هذه العادة الضارة في أولئك الفتيات، لقد نجت أجيال من بناتنا من بتر الأعضاء التناسلية وتشويهها، بمثلما حدث الاختلاط مع مجموعات النازحين من بعض مناطق السودان التي لا تعرف هذه العادة.

إنّ المرأة على أبعد تقدير، هي الأم والزوجة والابنة، هي زميلة الدراسة والعمل ورفيقة السفر، ما من نشاط بشري إلا وكانت فيه كاملة الحضور، في السياسة والصحافة والجامعات في المستشفيات والشرطة والجيش في سيدات العمل وربات البيوت والمعلمات وزارعات الحقل في البكور، لماذا مع كل هذا الحضور يتم ممارسة العنف المؤسسي ضدها، المؤسسات هنا تشمل المؤسسة الاجتماعية والرسمية، والعنف ليس الضرب فقط، أو الرصاص والبمبان _كما في حالة الانتهاكات المستمرة طيلة العهود الانقلابية العسكرية _ العنف يتخذ أشكالا وألوانا، التحرش الجنسي، الاغتصاب الممنهج، التخوين، التشكيك في القدرات، الحرمان من الحق في التعليم والمنع من السفر، الزواج المبكر دون استشارة، الوصاية، الألفاظ والأمثال الدالة على التحقير… إلخ كل هذه الأنواع منطلقها الرئيس ( النوع)، كأنما المرأة خلقت نفسها امرأة والرجل اختار نوعه كذلك!مع الأسف نجد في كثير من المناسبات أنّ المرأة ترضى بممارسة العنف ضدها، وفي أحيان أخرى تصبح المرأة هي من تمارس القهر والعنف ضد بنات نوعها ؛ كما في حالة الأمنجيات، والمشرفات في داخليات الطالبات، وهناك من تمارس القمع ضد نوعها بزعم المحافظة على التقاليد أو باسم الدين تارة، أمثال هؤلاء النسوة يبدين أكثر ملكية من الملك نفسه، هن بحاجة إلى الوعي والثقة في النفس واحترام الذات، المؤسسات التعليمية وسائط الإعلام ومنابر الدور الدينية مع مؤسسات المجتمع المدني يمكنها لعب أدوار مقدرة في سكة النضال الدؤوب من أجل جعل الحياة البشرية في بلادنا تسير على هدى العدالة والإنصاف والتقدم. أضم صوتي عاليا لكل الجهود المخلصة التي تبذلها منظمات المجتمع المدني، الناشطات /ين من أجل كفالة وتعزيز قيم حقوق الإنسان وإنهاء كافة أشكال القهر والعنف المؤسس على النوع.

تاريخ الخبر: 2022-12-03 12:22:53
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

انخفاض الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 8.7% خلال مارس 2024م السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:23:59
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 56%

تحديد سعر الطرح النهائي لاكتتاب مياهنا عند 11.50 ريال للسهم

المصدر: أرقام - الإمارات التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:24:25
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 50%

الصين توصي باستخدام نظام بيدو للملاحة في الدراجات الكهربائية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:25:04
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:25:06
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية