مؤسسو قيادة الانتفاضة الفلسطينية الأولى يكشفون كواليس انطلاق «انتفاضة الحجارة»

كانت الحجارة الأداة التى استخدمها الفلسطينيون لمواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلى، عقب استهداف سيارة عمال فلسطينيين على حاجز بيت حانون من قبل مستوطن إسرائيلى، يوم التاسع من ديسمبر عام 1987 كان اليوم الأول بالانتفاضة الفلسطينية الأولى «انتفاضة الحجارة».

هناك مجلس قيادة لتلك الانتفاضة التى شاركت بها كافة أطياف الشعب الفلسطينى، وكانت هناك كواليس وأحداث كثيرة فى تلك الفترة، كشفها لـ«الدستور» مجموعة من مؤسسى الانتفاضة والمشاركين بها.

أبوخوصة: طابع الانتفاضة الشعبي حرم قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاشم من استخدام الآلة العسكرية الثقيلة

كان لـ«الدستور» لقاء مع توفيق أبوخوصة، عضو مؤسس في قيادة الانتفاضة، المكونة من مروان الكفارنة، إيهاب الأشقر، توفيق المبحوح، جمال زقوت، وهم القادة الذين أسسوا القيادة الوطنية الموحدة الأولى للانتفاضة.

قال توفيق أبوخوصة الانتفاضة التي انطلقت شرارتها الأولى في التاسع من ديسمبر 1987، بعد حادث دهس متعمد لثمانية من العمال الفلسطينيين بشاحنة كبيرة يقودها مستوطن إسرائيلي على حاجز بيت حانون عند عودتهم من أعمالهم، وحملت في ثناياها كل آيات المجد والبطولة التي سطرت في سفر التاريخ.

وأضاف أبوخوصة فى تصريحات خاصة لـ«الدستور»، أن الانتفاضة لم تكن منفصلة عما سبقها من الإرهاصات المتتالية في الأرض المحتلة، وجاءت في توقيت مصيري وفرق على مستوى القضية الفلسطينية.

وأوضح، أن أهم ما ميزها أنها كانت الإعلان العملي بنقل ساحة الاشتباك وميدان المعركة المركزي للأرض المحتلة بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من لبنان وما أصابها من تشتت في العديد من الدول العربية البعيدة عن فلسطين والحصار المالي والضغط السياسي الذي تعرضت له منظمة التحرير الفلسطينية وتراجع أهمية القضية الوطنية على الأجندة الإقليمية والدولية.

وتابع: «غير أن العامل الأهم فيها هو حجم المشاركة الشعبية الواسعة في فعالياتها وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة في الأرض المحتلة، واجتراح أساليب مقاومة إبداعية بشكل مستمر، وفق مراحل تطور الانتفاضة وتداعياتها في ظل الردود المجنونة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي بعد أن فقدت السيطرة على ما يجري في الميدان رغم استخدام كل أدوات وأشكال القوة العسكرية الغاشمة لوقف الانتفاضة منذ بداياتها الأولى التي امتدت سريعًا لتغطي مساحة فلسطين التاريخية ومشاركة فلسطينيى الأرض المحتلة 1948 فيها وسقوط كوكبة من الشهداء».

وأشار أبوخوصة إلى أن طابع الانتفاضة الشعبي حرم قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاشم من استخدام الآلة العسكرية الثقيلة التي يمتلكها في مواجهة الحجارة المقدسة والاشتباك الدائم على مدار الساعة مع كل مكونات الاحتلال العسكرية والاستيطانية في كل شارع وزقاق ومخيم وقرية ومدينة بمشاركة الأطفال والرجال والنساء والشيوخ من مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية.

وأوضح، أن من أبرز الأحداث التي لا تنسى قيام مجموعة من جنود الاحتلال بتكسير أطراف أحد الشباب في منطقة نابلس وتمكنت كاميرات الإعلام من رصد الحدث الذي تحول إلى فضيحة إعلامية عالمية في ذروة الحملة العسكرية البربرية التي أطلقها في حينه رئيس وزراء الاحتلال إسحق رابين لتكسير عظام الفلسطينيين بعد أن فشل في وأد الانتفاضة، التي كانت نتيجتها الأبرز بعد سنوات من النضال الوطني متعدد الوجوه إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، ولكن الثمن كان شلالًا من الدماء والتضحيات والمعاني، شهداء وأسرى وجرحى.

ولفت إلى أنه تعرض للاعتقال لمدة عامين ونصف العام بسبب مشاركته في الانتفاضة الأولى، مضيفًا أنه اعتقل مرة أخرى لمدة عام اعتقالًا إداريًا.

واختتم أبوخوصة تصريحاته: «الانتفاضة المباركة أمام جبروتها وقوتها وأصالتها وديمومتها تمكنت من ترسيم وترسيخ مصطلح الانتفاضة في كل لغات العالم».

الرقب: الاحتلال تفاجأ من حجم المشاركة الشعبية فى تلك الانتفاضة

وفى السياق، قال السياسى الفلسطينى الدكتور أيمن الرقب، أحد المؤسسين والمشاركين الأوائل فى الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1986 «انتفاضة الحجارة»، لم تكن حافلة العمال الفلسطينيين التى استهدفتها قوات الاحتلال هى التى فجرت بشكل حقيقى انتفاضة الحجارة عام 1987، بل كان سببها الكثير من الإجراءات الاستفزازية التى قام بها الاحتلال الإسرائيلى عامي 1985، و1986، لافتًا إلى أنه نشطت بعض المجموعات الفلسطينية التى كانت تقوم بعمليات طعن ضد الاحتلال، وتبع ذلك نزول الكثير من القوات الإسرائيلية ومنها قوات جفعاتي، فى قطاع غزة والضفة الغربية، وبدأت تلك القوات تقوم بعمليات استفزازية تجاه المواطنين الفلسطينيين، وبدأ الأمر يتدرج تجاه تصعيد بشكل كامل، وكانت هناك مظاهرات بشكل يومى.

وأضاف الرقب فى تصريحات لـ«الدستور»، أن الأمر لم يتحول إلى انتفاضة حقيقية إلا عقب عملية استهداف حافلة العمال الفلسطينيين، وكانت بداية اشتعال حقيقي للانتفاضة، ووقعت مواجهات شاركت بها كل أطياف الشعب الفلسطينى من نساء، رجال، أطفال، وشيوخ بشكل كبير جدًا، خاصة فى بدايتها، وكانت هناك محاولة جادة لتحريك ذلك.

وتابع الرقب: «على المستوى السياسي، كحركة فتح كان هناك توجه سياسي آنذاك من الخارج من قبل خليل الوزير أبوجهاد الذراع اليمنى للرئيس الراحل ياسر عرفات ومسئول الجناح العسكرى لحركة فتح، بضرورة نقل الثورة من الخارج إلى الداخل.

وحول رد فعل قوات الاحتلال على حجم الانتفاضة والمشاركة الشعبية، قال الرقب إن الاحتلال تفاجأ من حجم المشاركة الشعبية فى تلك الانتفاضة، كما أصدر وزير الحرب الإسرائيلى إسحق رابين آنذاك أوامر بالاعتقال وتكسير الأيادى، ونتيجة عدم وجود ثورة التكنولوجيا الإعلامية ومحدودية التصوير والبث، كان قليلًا ما سجل عمليات تكسير الأيادى والاعتقال، كانت نظرية تكسير الأيادى منتشرة بقوة، وكان هناك الكثير من الزملاء كسرت أيديهم، بجانب تعرضهم للضرب المبرح من قبل قوات الاحتلال.

وأكد الرقب أن حجم الإجرام الصهيونى آنذاك كان كبيرًا جدًا، مستدركًا «وبدأت لاحقًا تتحول الانتفاضة إلى شكلها السياسى من خلال وجود بيانات توجيهية من قبل المقاومة الشعبية بمشاركة كل الفصائل خلال العام الأول من الانتفاضة، وتحولت تلك الأمور إلى شكلها الرسمى التى أربكت المشهد الإسرائيلى.

وأكد، أن القيادة الفلسطينية كانت صاحبة الفكرة بعد حرب بيروت، وكان نائب الرئيس أبوجهاد مع انتقال الثورة من الخارج إلى الداخل وحدوث تلك الانتفاضة الشعبية وكانت هناك إرادة سياسية، ولم تكن هذه الفكرة وليدة الصدفة، بل كانت وليدة الثورة الفلسطينية من قبل القادة الفلسطينيين آنذاك الرئيس الراحل ياسر عرفات، وأبوجهاد، وللأسف كلهم استشهدوا وغابوا عن المشهد، ولم يبق سوى المشاركين الأوائل فى تلك الانتفاضة.

وحول ما يميز تلك الفترة، قال الرقب أول ما يميز تلك الفترة هو حجم الالتفاف الجماهيرى، رأينا تكاتفًا شعبيًا فلسطينيًا فاق التصور، وكان هناك التفاف حول بيانات المقاومة الشعبية، وهذا الالتفاف الجماهيرى كان نتيجة وحدة الحالة الفلسطينية ووجود قرار فلسطينى رسمى وشعبى موحد.

وتابع:  «يمكن أكثر  ما أثر فينا هو وحدة الحال، إدارة الصراع مع الاحتلال بشكل شعبوى كانت هناك عملية تمرد شعبى وعصيان مدنى، آليات متحركة فى مقاومة الاحتلال من خلال الإضراب ومظاهرات شاملة وإغلاق مدن فى وجه الاحتلال، وبالتالى الاحتلال ونتيجة فقدان السيطرة، قام بصب جدران خرسانية فى مداخل المدن فى قطاع غزة والضفة الغربية خاصة المخيمات، وكان يمنع خروج الأفراد إلا بشكل فردى، فى محاولة منه لإنهاء الانتفاضة، واستمرت الانتفاضة حتى ولد من رحمها اتفاق أوسلو».

أبوعطيوى: من أصعب المشاهد استشهاد شاب أمامنا برصاص الاحتلال الإسرائيلى

فيما قال ثائر أبوعطيوى، أحد نشطاء الانتفاضة الأولى انتفاضة الحجارة، إن الاحتلال كان يستهدف المواطنين، لافتًا إلى حادث استشهاد شاب من المخيم أمام عينيه برصاص الاحتلال الإسرائيلى.

وأضاف، أنه من ضمن المواطنين الذين تعرضوا للضرب من قبل جنود الاحتلال أثناء اقتحامهم للمنازل خلال فترة حظر التجوال.

وأشار أبوعطيوى إلى أن الوضع كان عبارة عن تجمعات ومظاهرات عفوية، عندما يدخل جنود الاحتلال المخيم.

تاريخ الخبر: 2022-12-08 00:21:21
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية